مفتاح: المخطط التنظيمي لمدينة دوما
مدينة دوما هي المركز الإداري لمحافظة ريف دمشق، وأيضاً مركز منطقة دوما التي تتبع لها 7 نواح. وقد بلغ عدد سكان المدينة 300 ألف نسمة في احصائية العام 2010، وتبلغ مساحتها حوالي 3 آلاف هكتار.
ويتبع لدائرة دوما العقارية 68 منطقة عقارية تغطي كامل منطقة دوما. في حين تتألف مدينة دوما من 9 مناطق عقارية هي: ساحة وعرب، عناتر، قصارين شمس، الدوير، الرمان، القصير، المزرعة، بتوانة، العب. وتؤلف منطقتا ساحة وعرب وقصارين شمس العقاريتان، المركز التاريخي لمدينة دوما، وفيهما الجامع الكبير وساحة الغنم وسوق الهال وشارع خورشيد.
العشوائيات
مع ثمانينات القرن الماضي، تزايدت الأهمية الإدارية للمدينة ما جعلها وجهة للوافدين من مناطق أخرى. ومع زيادة السكان ارتفع الطلب على السكن، فبدأت المدينة تتوسع بشكل عشوائي على حساب أراضيها الزراعية، خاصة باتجاه الشمال والجنوب. ووصلت مساحة العشوائيات إلى 70% من مجمل مساحة دوما، في العام 2010.
وظهر تجمع للمساكن العشوائية شمالي المدينة، ممتداً على أجزاء من المناطق العقارية؛ عناتر والرمان وقصارين شمس. وسميت العشوائية الجديدة باسم الحجارية. كما ظهرت عشوائية أخرى في منطقة بتوانة العقارية وسُميت حارة الديرية. وظهرت عشوائية في الأراضي المصنفة زراعية في منطقتي عناتر والرمان العقاريتين، وصولاً إلى الطريق الدولي دمشق-حمص. منطقة القصير العقارية شرقي دوما، وصلها السكن المخالف، ونشأت فيها عشوائية اتصلت بعشوائية الحجارية غرباً.
وأيضاً، تحولت منطقتي المزرعة والعب العقاريتين جنوبي دوما، المصنفة سابقاً زراعية، إلى مناطق سكن عشوائي. العشوائية في المزرعة نمت إلى الحد الذي اتصلت فيه مع بلدة الشيفونية، في حين امتدت عشوائية العب إلى مدينة مسرابا.
السكن المخالف امتد أيضاً إلى منطقة الدوير العقارية، التي تضمّ سجن عدرا ومشفى ابن سينا للأمراض النفسية.
الملفت في عشوائيات دوما أنها نمت على أراضٍ زراعية خاصة معظمها غير منظم سابقاً، لا أملاك عامة. كما أن أصحاب البيوت المخالفة يدفعون ضريبة المُسقّفات لدائرة مالية محافظة ريف دمشق. أي أن هذه الأملاك ملحوظة في السجلات المالية لمحافظة ريف دمشق، كبيوت، رغم أنها مخالفة. في حين أن تلك البيوت غير ملحوظة في السجلات العقارية. إذ أن تلك الأملاك ما زالت حصصاً سهمية على الشيوع.
التنظيم
لدوما مخطط تنظيمي قديم صادر في العام 1966. في العام 2003 وسّعت بلدية دوما مخططها التنظيمي ليضم مناطق جديدة كحارة الجورة، والمساكن التعاونية الجديدة في منطقة عناتر العقارية. وكذلك ضمت توسعة المخطط مناطق غير منظمة سابقاً في عناتر والعب والمزرعة. مساحة مخطط دوما الجديد لعام 2003 بلغت 560 هكتاراً، وتمّ تصُدّيقه في العام 2005.
التوزيع الاجباري
نظّم مخطط العام 2003 بضعة مناطق في دوما، وفق مبدأ التوزيع الإجباري، وتقدر مساحتها بـ250 هكتاراً. والتوزيع الإجباري يحدث أثناء تنظيم منطقة ما عبر توزيع الحصص على أصحاب الحقوق، غالباً في غير مواقعها الأصلية، وبعد اقتطاع نسبة منها من دون مقابل. وصدر قرار التنظيم وفق أحكام القانون رقم 9 لعام 1974 الخاص بتقسيم وتنظيم وعمران المدن. والقانون 9\1974 يمنع إجراء معاملات الإفراز والتوحيد للعقارات، وكذلك منح رخص البناء في منطقة التنظيم، قبل الانتهاء من أعمال التوزيع الإجباري.
التوزيع الاجباري شمل أجزاءً من المناطق العقارية: عناتر، الرمان، بتوانة، المزرعة، والعب. وعلى سبيل المثال، الجزء الجديد المنظم من منطقة بتوانة المصنفة سابقاً زراعية، حمل اسم “تنظيم خلف البلدية” التي باتت تعتبر من أفضل المناطق في دوما وأغلى عقاراتها ثمناً بسبب تخطيطها العمراني الحديث، ووجود مساحات خضراء.
وعلى عكس تنظيم خلف البلدية، لم يُنفذ التوزيع الإجباري على بقية المناطق، والتي نمت فيها بكثافة العشوائيات. في العام 2005 أصدر مجلس مدينة دوما المحلي، قراراً بإخضاع مناطق التوزيع الاجباري للتنظيم وفق القانون 46 لعام 2004، المُعدّل للقانون رقم 9\1974. ويتيح التعديل اعتبار مناطق التوزيع الإجباري، مناطق مخالفات جماعية. ويُسهّلُ لك منح رخص البناء وإجراء معاملات الإفراز والتوحيد، ضمن شروط، في مناطق التوزيع الإجباري. وفي العام 2010 صدقت محافظة ريف دمشق على هذا القرار، لكنه بقي من دون تنفيذ أيضاً.
خلال الثورة
مع وصول الاحتجاجات إلى مدينة دوما في ثورة العام 2011، حاولت الحكومة احتواء الموقف، وطلبت تشكيل لجنة من الأهالي لمعرفة مطالبهم. اللجنة قدمت طلباتها لمسؤولين حكوميين، وكان من بين أبرزها توسيع المخطط التنظيمي لدوما.
في حزيران 2011 قال محافظ ريف دمشق، إن مطالب الأهالي قيد التنفيذ، وأكد على ضرورة إنجاز المخطط التنظيمي الجديد بأقصى سرعة. وأعطى المحافظ مديرية المصالح العقارية في دوما، مهلة شهر لتدقيق جداول أسماء المالكين على الشيوع، وتشكيل لجنة لمتابعة الإنجاز وتجاوز العقبات.
في 22 حزيران 2011 صدرت خمسة مراسيم خاصة بمنطقة دوما، أرقامها من 195-199، ونصت على السماح لمجلس مدينة دوما، بتطبيق التوزيع الإجباري وفق القانون 9\1974، في المناطق العقارية التالية: العب، عناتر، السنديانة، بتوانة الغربية والرمان. واعتبرت تلك المراسيم أن تنفيذ الأعمال في تلك المناطق ذا نفع عام.
وكان يفترض بتطبيق تلك المراسيم الإسراع في تنفيذ التوزيع الاجباري، وحل مشكلة العشوائيات والملكية على الشيوع فيها. ولكن، سرعان ما تدهورت الأوضاع الأمنية والسياسية في المنطقة، ولم يتم تنفيذ أي من تلك المراسيم. بل على عكس ذلك، خلال فترة حصار الغوطة الشرقية ما بين العامين 2013-2018 قصفت قوات النظام المدينة بكثافة بالمدفعية والصواريخ ما أدى إلى تدمير مناطق سكنية واسعة فيها، إن كانت منظمة أو عشوائية.
*المعلومات في هذا المقال هي خلاصة مقابلة موسعة أجرتها سيريا ريبورت مع السيد عدنان طه، مسؤول مكتب التوثيق العقاري السابق في مدينة دوما.