مفتاح: القيمة القانونية لوثيقة حصر الإرث وأثرها على حقوق السكن الأرض والملكية
وثيقة حصر الإرث هي الأساس المعتمد لتحديد أسماء ورثة المتوفى، وتبيان درجة قرابتهم منه، وتعيين حصصهم المستحقة من الميراث. ولا يجوز تنظيم هذه الوثيقة إلا بعد وفاة المورّث، وتسجيل وفاته في السجل المدني، واستخراج بيان وفاة وبيان قيد عائلي للورثة. بعدها، يمكن مراجعة المحكمة المختصة للحصول على وثيقة حصر الإرث. وتقوم المحكمة بعدها بتعيين خبير لتحديد الورثة، وأسهمهم في التركة.
والقاعدة العامة في توزيع الأسهم بين الورثة، هي اعتبار مجمل التركة وحدة واحدة قيمتها السهمية 2400 سهماً، توزع على الورثة كل بحسب حصته. هذه القاعدة تطبق مهما كان عدد الورثة ومهما بلغ حجم التركة.
بموجب وثيقة حصر الإرث، يمكن لكل وارث، التصرف بحصته الإرثية، كأن يبيعها كلها أو جزء منها. وإذا تصرف أحد الورثة في بعض عقارات التركة، قبل تنظيم وثيقة حصر الإرث، وباع حصة أكبر من حصته، فذلك يعتبر بيعاً لملك الغير، ولا ينفذ إلا بموافقة بقية الورثة.
أهمية وثيقة حصر الإرث تنبع من أنها تُبيّنُ صفة أصحاب التركة في النزاعات القضائية. المادة 85 من قانون السجل العقاري رقم 188 لعام 1926، تقول بأن إثبات حقوق الورثة الشرعيين، يتم بإبراز حجة الوراثة (وثيقة حصر الإرث) إذا كانت التركة مُلكاً. وبالتالي لا يجوز للوارث، تقديم دعوى في مواجهة الغير من الورثة، إلا إذا قدّم وثيقة حصر إرث أمام المحكمة.
أما إذا أقام شخص من غير الورثة دعوى على التركة (لتحصيل دين) فيجب أن تكون الدعوى في مواجهة الورثة الذين تحددهم وثيقة حصر الإرث. ويمكن للخصم أن يستخرج صورة طبق الأصل عن وثيقة حصر الإرث، وتقديمها إلى المحكمة الناظرة في الدعوى، إذ كان الورثة قد سبق ونظموا الوثيقة. أما إذا لم ينظموا الوثيقة، فيمكن للخصم، أن يطلب من المحكمة، في نفس الدعوى المقامة، تنظيم وثيقة حصر إرث خاصة بالدعوى.
إذا كانت التركة أرضاً أميرية فيجب أن يبت بالقضية قاضي الصُلح، بحسب المادة 85 من قانون السجل العقاري.
ولا بد من توضيح الفرق بين حصر الإرث الذي ينظمه الورثة، وحصر الإرث الخاص بدعوى قضائية. إذ أن حصر الإرث الذي ينظمه الورثة يعتبر عاماً يمكن استخراج صورة طبق الأصل عنه، واستعماله في قضايا مختلفة، سواءً من قبل الورثة أو من قبل الغير أصحاب الحقوق (الدائنون مثالاً). بينما يقتصر حصر الإرث الخاص بالدعوى بعينها، ولا يمكن استعماله في دعوى أخرى.
ولاستخراج صور مصدقة عن وثيقة حصر الإرث، يجب على الورثة الحفاظ على رقم قرار وثيقة حصر الإرث الأساسية، وتاريخها.
من جانب آخر، تعد وثيقة حصر الإرث حلاً قانونياً لانقطاع الخصومة القضائية عند وفاة أحد طرفي دعوى ما. إذ لا يمكن متابعة الدعوى إلا بعد تقديم وثيقة حصر إرث للمتوفى، لتمثيله من قبل الورثة في النزاع القضائي القائم. وبعد تبليغ الورثة تتابع المحكمة السير بالدعوى وفقاً للمادة 166 وما يليها من قانون أصول المحاكمات المدنية.
ويجب تنظيم وثيقة حصر الإرث بما يتلاءم مع طبيعة التركة. فالمنقولات عموماً، والعقارات الملك الواقعة ضمن المخطط التنظيمي، تحتاج قسمتها إلى وثيقة حصر إرث شرعي. أما إذا كان من بين عقارات التركة عقارات أميرية أي خارج المخطط التنظيمي فينبغي لقسمتها تنظيم وثيقة حصر إرث قانوني.
والفرق بين النوعين في أن وثيقة حصر الإرث الشرعي تُنظّمُ أمام المحكمة الشرعية وفقاً لأحكام الفرائض والمواريث في الشريعة الإسلامية، والمنصوص عنها في قانون الأحوال الشخصية. أما وثيقة حصر الإرث القانوني فتنظم أمام محكمة الصلح المدني التي يقيم الورثة في دائرتها، ويخضع الإرث فيها لأحكام قانون انتقال الأموال غير المنقولة لعام 1928 والذي ينظم أحكام انتقال العقارات الأميرية إلى الورثة.
ولا بد من التأكيد على أن تنظيم وثيقة حصر الإرث يعتمد في المقام الأول على البيانات المقدمة من الورثة ولذلك فإن أية معلومات غير صحيحة تعتبر تحريفاً للحقيقة وترتب المسؤولية الجزائية لكونها جرم تزوير، وفقاً للاجتهاد القضائي رقم أساس 115 قرار 247 لعام 2002، كما لو تعمد الورثة إغفال اسم أحد المستحقين للإرث لحرمانه من الميراث.