مفتاح: القوانين السورية وحقوق السكن الأراضي والممتلكات في ظل الكوارث الطبيعية
لا يوجد في المنظومة التشريعية السورية قانون خاص بالممتلكات العقارية المتضررة بفعل الكوارث الطبيعية. حتى أن الدستور السوري الصادر بالمرسوم رقم 94 لعام 2012، قال في مادته رقم 24 بأن الدولة تكفل مع المجتمع الأعباء الناجمة عن الكوارث الطبيعية، من دون إشارة لماهية القوانين المختصة بمعالجة تلك الكوارث.
وإذ تطرقت بعض القوانين إلى مسائل تتعلق بالأضرار الواقعة على العقارات نتيجة الكوارث الطبيعية، لكنها افتقدت إلى مقاربة حقوق السكن، الأرض والملكية للمتضررين. وفي كل الأحوال، ميزت القوانين القليلة التي عالجت مسائل العقارات المتضررة بفعل الكوارث الطبيعية، بين المساكن المرخصة وبين المساكن المخالفة لرخصة البناء، بين العشوائيات وبين المناطق المنظمة.
القانون المدني السوري
القانون المدني رقم 84 لعام 1949، في المادة 817، إلى إنه حيثما وجدت ملكية مشتركة لعقار مقسم إلى طبقات أو شقق، جاز للملاك أن يكوّنوا اتحاداً فيما بينهم. بينما نصت المادة 823، إلى أنه إذا هلك بناء مكون من عدة طبقات، بحريق أو بسبب آخر، فعلى الشركاء أن يلتزموا من حيث تجديده ما يقرره الاتحاد بالأغلبية. فإذا قرر الإتحاد تجديد البناء، خُصص ما يُستحق من تعويض بسبب هلاك العقار لأعمال التجديد. ويعني ذلك عملياً، أنه في البناء المرخص في المنطقة المنظمة، إذا أراد غالبية المالكين إعادة البناء، يتم ذلك على نفقتهم، كل بمقدار حصته في البناء، ويقوم الاتحاد أيضاً بتوظيف التعويض أو المساعدات قد تقدمها الدولة لإعادة بناء العقار. وبعد إعادة البناء، يعود المبنى ملكاً لأصحابه على النحو الذي كان عليه البناء القديم.
وعملياً، لم تتشكل في سوريا اتحادات ملاك الأبنية. بل، هناك قانون هيئات شاغلي الأبنية ولجانها الإدارية رقم 55 في العام 2002، الذي صدر لتنظيم إدارة وصيانة الأجزاء المشتركة ضمن البناء الواحد، لتمكين شاغلي البناء من حلّ الخلافات الناجمة عن استخدام الأجزاء المشتركة. وليس للقانون صفة الإلزام، وهنالك كثير من الأبنية ليس لها مثل هذه الهيئات.
وفي حال تعذرت عملية إعادة البناء، يمكن لأصحاب الحصص اللجوء إلى إزالة شيوع العقار وتقسيمه، بعد تصحيح أوصاف العقار المهدوم واعتباره مجرد عَرَصَة معدّة للبناء. أي أن الملكية المفرزة للبناء تزول، ويعود جميع المالكين شركاءً على الشيوع في ملكية الأرض. وفي هذه الحالة، يحق للمالكين أيضاً أنقاض مساكنهم، وما يستحقونه من تعويضات أو مساعدات تقررها الدولة.
القانون 15 لعام 2008
في حال تطبيق قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم 15 لعام 2008، على المنطقة المتضررة بفعل الكوارث الطبيعية، يلتزم المطور العقاري تأمين سكناً بديلاً غير مجاني للشاغلين، أو دفع بدل نقدي لهم وفقاً لما يتم الاتفاق عليه بين الطرفين. ويمكن أن يشمل هذا القانون العقارات داخل المخطط التنظيمي أو خارجه. كما نص القانون على تخصيص أصحاب العقارات المستملكة، بمقاسم سكنية في منطقة التطوير العقاري عن طريق بيعها لهم، بعد انتهاء أعمال البناء.
المادة 14 من القانون 15، اعتبرت أن مشاريع التطوير والاستثمار العقاري، لإيواء المتضررين من الكوارث الطبيعية، ذات أولوية وفي المرتبة الأولى من بين مشاريع التطوير والاستثمار العقاري.
القانون 33 لعام 2008
يمكن للسلطة التنفيذية تطبيق القانـون رقم 33 لعام 2008، الخاص بتثبيت ملكية العقارات المبنية وأجزاء العقارات غير المبنية في المناطق العشوائية أو مناطق المخالفات، على العقارات المهدمة بفعل الكوارث الطبيعية، رغم أن القانون ذاته لم يشير إلى ذلك.
لتطبيق القانون 33 على العقارات المهدمة بفعل الكوارث الطبيعية، يُشترط في الأراضي أن تكون محددة ومحررة ومسجلة في السجلات العقارية، وأن تكون متصلة مع بعضها ضمن نطاق واحد، وألا تقل نسبة البناء فيها عن نصف مساحتها، وفقا للتعليمات التنفيذية للقانون.
ولم ينص هذا القانون على منح سكن بديل أو تعويض للمتضررين، لأنه يقتصر على تثبيت الملكيات العقارية فقط. ولا يجوز تطبيق هذا القانون، إذا ما طبقت على المنطقة المتضررة قوانين تنظيم وعمران المدن أو التطوير والاستثمار العقاري.
المرسوم التشريعي 40 لعام 2012
بحسب المرسوم التشريعي رقم 40 للعام 2012 الخاص بمخالفات البناء، في حال كان العقار مخالفاً لرخصة البناء ومبنياً داخل المناطق المنظمة، وتعرض للدمار، فإن ملكية البناء تصبح على الشيوع بين المالكين، الذي يمكنهم طلب ترخيص إشادة البناء مجدداً وفق نظام ضابطة البناء.
القانون 40 لعام 2012 لا يمنح أصحاب مخالفات البناء أي حقوق في حال انهيار أبنيتهم لأي سبب كان. لا بل نص القانون في مادته الثانية، إنه إذا كان البناء المُخالف غير حائز على المتانة الكافية ما قد يُعرّضه للانهيار، وذلك بحسب تقرير لجنة السلامة العامة بالمحافظة، عندها يُعاقب بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات كل من تثبت مسؤوليته عن المخالفة. وفي حال انهيار البناء والتسبب بوفاة شخص أو أكثر، لا تقل حينها العقوبة عن عشر سنوات أشغال شاقة وثلاثة أضعاف الغرامة المحددة.
القانون 23 لعام 2015
قانون تنفيذ التخطيط وعمران المدن رقم 23 لعام 2015، قال بإمكانية تطبيق الفصل الثاني المتعلق بالتنظيم، على المناطق المتضررة بالكوارث الطبيعية أو التي لحقها الضرر نتيجة الزلازل والفيضانات. وترك القانون 23 للوحدات الإدارية حرية تطبيق التنظيم في المناطق المتضررة، وذلك بالاستناد إلى خططها المسبقة في تنفيذ المخططات التنظيمية المصدقة. أي أن الوحدات الإدارية غير ملزمة بتنظيم المناطق المتضررة بالكوارث الطبيعية.
القانون نص على إعفاء العقارات المنكوبة، من الرسوم المالية والتكاليف المحلية والرسوم المترتبة على إعادة البناء. لكنه، منح الوحدات الإدارية الحق في الاقتطاع المجاني في تلك المناطق، كما أعطاها الحق في استملاك مناطق المخالفات المتواجدة ضمن المخططات التنظيمية المصدّقة.
ونص القانون على تشكيل لجنة التوزيع الإجباري، التي كلفها بالسعي لإعطاء كل من أصحاب الحقوق حصته في موقع عقاره القديم أو بالقرب منه، ويمكن أيضاً منح المُلّاك مقاسماً تكون ملكية شائعة فيما بينهم على أن تحدد حصة كل مالك منهم. ولكن ذلك ينطبق فقط على العقارات المرخصة. في حين قال القانون 23 بأن من امتلك بناء غير مرخص في منطقة التنظيم أو أملاك الدولة، يقتصر حقه على ملكية أنقاض البناء فقط. ويعود للجهة الإدارية خيار بيع هؤلاء المخالفين سكناً بديلاً فقط إذ توفر لديها فائض منه.
القانون 10 لعام 2018
القانون رقم 10 لعام 2018، القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية، والذي جاء متمماً للمرسوم التشريعي 66 لعام 2012، يمكن أن يُطبق فقط على مناطق المخالفات والسكن العشوائي المنكوبة بالكوارث الطبيعية، إذ لم ينص القانون على ما يشير إلى إمكانية تطبيقه على المناطق المرخصة والمنظمة.
وبحسب المادة 43 من القانون 10، لا يحق لأصحاب المخالفات سوى الحصول على أنقاض أبنيتهم، مع إمكانية تخصيصهم بمساكن بديلة من قبل الوحدة الإدارية في حال توفر فائض منها، مقابل دفع ثمنها. ومنح القانون هذه الفئة بدل إيجار لسنتين.
قانون 3 لعام 2018
قانون إزالة أنقاض الأبنية رقم 3 لعام 2018، صدر استجابة للدمار الذي تعرضت له البلاد بسبب الأعمال القتالية، ولكنه يشمل أيضاً رفع أنقاض الأبنية التي تعرضت للدمار لأسباب طبيعية كالزلازل. وفي الحالتين، يعود للمحافظ، تحديد المناطق المتضررة التي سيتم رفع الأنقاض منها، بناءً على اقتراح الوحدة الإدارية.
ولم يفرق القانون 3، بين أنقاض العقارات في المناطق المنظمة أو المناطق غير المنظمة، كما لم يُشر بتاتاً إلى مصير الأرض التي تمت عملية إزالة الأنقاض أو إزالة البناء الآيل للسقوط عنها. ولم يوضح القانون فيما إذا كان يحق لمالك الأرض إشادة بناء جديد عليها، أو إذا ما توجب تعويض مالكها، أو حتى استملاك الأرض ودفع بدل استملاك لصاحبها أو تعويضه بسكن بديل. بينما أشار القانون بوضوح إلى حق مالك العقار في ملكية أنقاض بنائه.
ولا يقتصر هذا القانون على رفع أنقاض الأبنية وإنما إمكانية هدم الأبنية المتضررة وإزالة أنقاضها من قبل الوحدة الإدارية.