مفتاح: السكن البديل
تعتبر فكرة السكن البديل أو “التعويضي”، أي التعويض بمسكن مقابل هدم أو استملاك مسكن مُخالفٍ وغير ملحوظ في السجلات العقارية، من الأفكار المشوشة في القوانين السورية. وعدا عن عدم وجود تعريف واضح للسكن البديل ولمستحقيه، فإن القوانين تعاملت معه بأشكال مختلفة.
وغالباً ما تجاهلت القوانين السورية حقوق أصحاب المساكن المُخالفة المبنية في مناطق السكن العشوائي، وأبرزها المساكن المبنية على أملاك عامة أو مستملكة للدولة، والمساكن المبنية على أراض خاصة مصنّفة زراعية لا يجوز البناء عليها.
وأول مرة ذُكِرَ فيها السكن التعويضي، كان فيما يسمى “توصية رئاسية” أصدرها الرئيس السابق حافظ الأسد، في العام 1975، ونصت على عدم هدم المباني العشوائية المبنية من الإسمنت والتي لها باب ونوافذ وسقف من الخرسانة المسلحة دون توفير سكن تعويضي. وليس واضحاً، مناسبة صدور هذه التوصية ولا سياقها، ولا التعريف القانوني لمفهوم التوصية ولا محلها من القوانين والقرارات. ومع ذلك، تبدو هذه التوصية مركزية إذ غالباً ما استخدمها أصحاب الحقوق في دفاعهم ضد اجراءات الاستملاك والهدم لعقاراتهم.
قانون الاستملاك رقم 20 لعام 1983 أغفل تماماً حقوق أصحاب المساكن المخالفة في مناطق العشوائيات ولم يخصهم بأي تعويض. في الوقت نفسه، لم يتضمن قانون الاستملاك فكرة التعويض بمسكن مقابل مسكن، حتى لأصحاب العقارات النظامية المستملكة، إلا في حالة استملاك العقارات بغية إنشاء مساكن شعبية.
في قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم 15 لعام 2008، ظهر مصطلح السكن البديل بشكل متكرر ومتناقض. وقد تم ذكره في أكثر من مادة ضمن القانون، ولكن من دون تعريف واضح له ولا لمن يستحقه، ما يجعل من تطبيقه أمراً صعباً خاصة مع خلو تعليمات القانون التنفيذية من أي توضيح للمفهوم.
المادة رقم 11 من القانون 15، نصت على أنه يجب على المطور العقاري تأمين السكن البديل، داخل منطقة التطوير العقاري أو خارجها، أو دفع البدل النقدي للشاغلين. ولكن المادة 11 متعلقة فقط بالعقارات التي يملكها المطور العقاري، أو التي يرغب مالكوها بالاتفاق مع المطور إخضاعها لأحكام القانون 15. وهو ما يزيد الغموض بخصوص المقصود بالسكن البديل في هذا القانون.
أيضاً، المادة 14 من القانون 15، أعطت الأولوية في التطوير العقاري للمشاريع التي تهدف لتأمين السكن البديل للمنذرين بالهدم، ومشاريع إيواء المتضررين من الكوارث الطبيعية.
في حين أن المادة 20 من القانون 15، قالت بأنه في مشاريع التطوير العقاري في مناطق السكن العشوائي والمخالفات، يلتزم المطور العقاري بتأمين السكن البديل والمناسب لشاغلي منطقة المشروع وتسليمه للجهة الإدارية، أو التعويض للراغبين منهم ببدل نقدي. وتلتزم الوحدة الإدارية، بحسب هذه المادة، بإخلاء الشاغلين بعد تسليمهم السكن البديل، وتسليم موقع المشروع خالياً من الإشغالات للمطور العقاري.
في المقابل، تبلورت فكرة السكن البديل أكثر مع حزمة القوانين التي صدرت بعد العام 2011، وبات يمكن تلخيصها بالشكل التالي: السكن البديل هو سكن غير مجاني يمكن لأصحاب المساكن المُخالفة المبنية ضمن مناطق السكن العشوائي، الاكتتاب عليه، وذلك في حال استملاك عقاراتهم أو هدمها أو إعادة تنظيم المنطقة.
ويعتبر المرسوم التشريعي رقم 66 لعام 2012 الخاص بإحداث منطقتين تنظيميتين في نطاق محافظة دمشق ضمن المصور العام لمدينة دمشق، وتعديله اللاحق بالقانون رقم 10 لعام 2018، من أكثر القوانين التي فصّلت في موضوع السكن البديل. والسكن البديل، بحسب المرسوم 66، هو مسكن غير مجاني، قد يحصل عليه من كان يملك أو يشغل منزلاً في منطقة تنفيذ المرسوم 66 لعام 2012، وتم إخلاؤه منه. ويتوجب على المستفيد أن يدفع ثمن سكنه البديل، وفق الكلفة التقديرية للبناء، يتم تسديدها بأقساط عليها فائدة.
المرسوم 66 أوضح أن من يستحق الحصول على السكن البديل هم الشرائح التالية: من بنوا منازلهم على أملاك الدولة، إن توفر فائض من المساكن البديلة لدى محافظة دمشق. ويحصل هؤلاء على تعويض بدل إيجار لمدة عامين فقط. وكذلك، يحق السكن البديل لمن كانوا يملكون أرضاً زراعية ضمن منطقة المرسوم 66، وبنوا عليها عقاراً سكنياً أو تجارياً. ويحصل هؤلاء أيضاً على بدل إيجار سنوي إلى حين تسليمهم السكن البديل.
القرار رقم 112 لعام 2015، والصادر عن وزير الإسكان، حدّد شروط الحصول على السكن البديل، بأن يكون المسكن قائماً ومسكوناً قبل صدور المرسوم 66، وأن يكون شاغله مالكاً أو مستأجراً له، ومعيلاً لأسرة مقيمة معه. ويتوجب على لجان الحصر والتوصيف التحقق من وجود أي وثيقة تثبت ملكية المسكن؛ سند تمليك او بيان من السجل المؤقت، أو أي وثيقة رسمية صادرة عن جهة مخولة قانوناً، أو وكالة بيع موثقة من الكاتب بالعدل، أو عقد إيجار موثق، أو الأحكام القضائية المكتسبة الدرجة القطعية.
وعلى العكس من ذلك، أكد القانون رقم 23 لعام 2015 الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن، في مادته رقم 51، وبشكل صريح: يقتصر حق المخالفين الذين بنوا فوق أراضي الملاك العامة أو الخاصة أو المشترين منهم على أخذ أنقاض أبنيتهم، ولا يحق لهم سوى ذلك. ويجوز تخصيصهم بمساكن بديلة من فائض ما يتوفر لدى الجهة الإدارية.