مفتاح: الزواج العرفي وأثره السلبي على حقوق المرأة في السكن، الأرض والملكية
خلال السنوات الماضية ارتفعت معدلات الزواج العرفي في سوريا ما أثّر سلباً على حقوق النساء في السكن، الأرض والملكية. وقد ارتفعت نسبة الزواج العرفي بسبب توقف عمل المحاكم في مناطق واسعة من البلاد. في المناطق التي ظلت فيها المحاكم تعمل، عَزَفَ كثيرون عن تسجيل الزواج فيها، بسبب مخاوفهم من الملاحقات الأمنية والتجنيد الإجباري.
الزواج العرفي كان سائداً قبل إحداث سجلات الأحوال المدنية في العام 1922، واعتماد عقود الزواج الرسمية. والزواج العرفي هو عقد زواج رجل وامرأة، غالباً ما يعقده رجل دين، بشكل شفهي أو كتابي. وليس الزواج العرفي خاصاً بالمسلمين السنّة وحدهم، بل هو موجود بأشكال مختلفة لدى بقية الطوائف والأديان والأصل فيه عقده من قبل رجل دين، وعدم تسجيله بشكل رسمي في المحكمة. بينما عقد الزواج الرسمي لا يكون إلاّ عن طريق المحكمة، ويتطلب وثائق حددها قانون الأحوال الشخصية.
وعلى عكس الزواج الرسمي الذي قد يحفظ نظرياً حقوق الزوجة المالية، فقد تتعرض المرأة في الزواج العرفي لاحتمال ضياع تلك الحقوق. إذ غالباً ما تكون والنساء هنّ الخاسرات من عدم تسجيل الزواج العرفي في المحكمة، لما قد يترتب عليه من تفريط بحقوقهنّ في السكن والأرض والملكية، خاصة عند حصول الطلاق أو وفاة الزوج.
توثيق الزواج العرفي
ويمكن للمرأة إثبات واقعة الزواج العرفي وفقاً لما استقر عليه الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض في القرار 685/2015 أنه يجوز إثبات الزوجية بين الطرفين بوجود دليل شخصي كشهادة شهود. ولا يشترط أن يكون الشهود ممن وقّعوا عقد الزواج العرفي، وإنما يكفي أن يكونوا ممن سمعوا بحصول واقعة الزواج.
ويلزم لتوثيق الزواج العرفي في حالة وفاة الزوج، تسجيل وفاة الزوج في السجل المدني، ثم إجراء عملية حصر إرث شرعي له، ثم إقامة دعوى تثبيت الزواج، وبعدها المطالبة بالمهر غير المقبوض والميراث.
الحقوق في الزواج العرفي
ولكن، حتى لو استطاعت المرأة توثيق الزواج العرفي، فقد يصعب عليها إثبات المقدار الحقيقي للمهر. ويتطلب ذلك ضرورة وجود الشهود الذين حضروا عقد الزواج شخصياً، وهم الذين يعلمون مقدار المهر. عدم القدرة على إثبات مقدار المهر، سيدفع المحكمة للحكم للمرأة بمهر المثلْ، أي المهر المتعارف عليه بين أهل المنطقة.
والمهر هو حق للزوجة تستحقه في حال حدوث الطلاق أو الوفاة، وفيه جزئين: المقدم، ويجوز أن يكون مقبوضاً أو غير مقبوض، والمؤخر وهو غير مقبوض حتماً. ويمكن أن يكون المهر مالاً أو عقاراً أو منفعة.
وفي حالة الزواج العرفي، لا يمكن للزوجة الحصول على المهر غير المقبوض إلا بعد تثبيت الزواج في المحكمة. وإذا ما تعذّر عليها تثبيت واقعة الزواج، فمن المحتمل أن تفقد المرأة حقها في المهر غير المقبوض، عند حدوث الطلاق، أو وفاة الزوج.
وتعتبر الفترة الزمنية الطويلة لقضايا تثبيت الزواج وحصر الإرث، عائقاً حصول المرأة على حقوقها، بالإضافة إلى تكلفة الرسوم والنفقات وأتعاب المحامين.