مفتاح: الخدمات العقارية الإلكترونية
افتتحت المديرية العامة للمصالح العقارية، في نيسان 2021، ما اسمته بمركز خدمة المواطن العقاري التخصصي المركزي، وذلك ضمن مقرها الرئيسي في مدينة دمشق. وأعلنت المديرية نيتها افتتاح مراكز مماثلة في بقية المحافظات، وذلك لتسهيل تقديم الخدمات العقارية للمواطنين.
مركز خدمة المواطن العقاري التخصصي المركزي، بحسب فيديو نشرته وكالة سانا الرسمية في آب 2022، يضمَّ 18 نافذة، ومكتبين للفهرس الهجائي وبيانات المساحة، و3 مكاتب تسليم، ومكتباً للاستعلامات، وآخر للاتصالات، ومكتباً للرقابة اللاحقة، ومكتباً للدعم الفني والتقني، ومكتباً للمطابقة المالية، و5 مكاتب للمصرف الصناعي لدفع الرسوم مباشرةً.
وهذا المركز يقدم خدمات محصورة بالعقارات في محافظتي دمشق وريفها، وتتضمن: القيد العقاري المؤتمت، وبيان المساحة للعقارات المؤتمتة، وإثبات أو نفي ملكية، وبيان قيد عقاري قابل للتصديق من وزارة الخارجية. أما فيما يخص الخدمات للعقارات في بقية المحافظات، يقوم المركز بالتراسل الإلكتروني مع مديريات المصالح العقارية فيها، للحصول على الوثائق المذكورة. في كل الأحوال، فالخدمات تشمل المناطق العقارية التي جرت أتمتة سجلاتها فقط.
وهذا العمل على تواضعه يعتبر تتويجاً لجهد مستمر منذ سنوات لأتمتة العمل في المديرية العامة للمصالح العقارية، وذلك ضمن سياق خطة الحكومة الإلكترونية التي بدأت قبل عقدين بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP. وبحسب الخطة، فمن المفترض أن تكون الآن 100% من الخدمات الحكومية الرئيسية مقدمة إلكترونياً. ولكن، لأسباب متعددة، بالإضافة إلى الحرب خلال العقد الماضي، لم ينجز سوى القليل.
سيريا ريبورت سألت بعض المحامين المختصين بالقضايا العقارية في مدينة دمشق، عن مقدار استفادتهم من الخدمات العقارية الإلكترونية، ومركز خدمة المواطن العقاري التخصصي المركزي.
واجمع أولئك أنهم لم يدخلوا ذلك المركز قط، رغم عملهم شبه اليومي في مقر المديرية العامة للمصالح العقارية. إذ يفضل أولئك العمل بالطريقة التقليدية القديمة، والتعامل مباشرةً مع موظفي مديرية المصالح العقارية للحصول على الوثائق العقارية الخاصة بموكليهم، مقابل بعض الرشاوى المتعارف عليها. وفي العُرف، الموكل هو من يتحمل هذه النفقات الإضافية.
مراكز خدمة المواطن
وكانت المديرية العامة للمصالح العقارية قد بدأت تقديم بعض الخدمات العقارية الإلكترونية بالتعاون مع مراكز خدمة المواطن التابعة للمحافظات. مثلاً، مراكز خدمة المواطن التابعة لمحافظة دمشق تقدم خدمات عقارية للعقارات ضمن محافظة دمشق، وتشمل: تثبيت عقود الإيجار السكنية، وصور مصدقة عن عقود إيجار، وخدمات السجل المؤقت.
خدمات السجل المؤقت تتضمن بيان تسلسل مالكين، وبيان ملكية من الفهرس الهجائي، وطلب قيد عقاري، ومطابقة قيد عقاري، وصورة مصدقة عن عقد تمليك. كما تقدم مراكز خدمة المواطن في دمشق، بعض الخدمات العقارية في بقية المحافظات، مثل؛ إخراج قيد عقاري، بيان أوصاف، تسلسل مالكين، بيان مساحي، مخطط مساحي، مخطط إفرازي، بيان ملكية من الفهرس الهجائي.
أتمتة العمل في مديريات المصالح العقارية
تقديم هذه الخدمات العقارية لم يكن ممكناً إلا بعد تهيئة قسم من البنية التحتية الضرورية، من أتمتة قسم من السجلات العقارية في بعض المحافظات السورية؛ دمشق وريفها وحماة وحمص واللاذقية وطرطوس والسويداء. بالإضافة، إلى تركيب بعض التجهيزات الإلكترونية، وتنزيل برمجيات خاصة، والربط بين مديريات المصالح العقارية في المحافظات والمديرية المركزية بدمشق، والمراكز التي تقدم خدماتها.
رقمنة أو أتمتة السجل العقاري هي عملية نقل السجلات العقارية من حالتها الورقية إلى الرقمية، والربط الإلكتروني للخدمات العقارية بين جميع المحافظات، بغرض حماية المعلومات وتسهيل التعامل معها، وتسريع إنجاز المعاملات العقارية وتسهيل حصول المواطنين على خدمات المصالح العقارية.
وقد تتابعت خلال السنوات الماضية البيانات والتقارير والأخبار الصادرة عن المديرية العامة للمصالح العقارية حول أتمتة السجلات العقارية. واعتادت المديرية الإعلان كل فترة عن أتمتة سجلات مناطق عقارية جديدة تضمّ آلاف العقارات.
ولكن، لا يبدو بأن تلك الانجازات واقعية. إذ ما تمَّ إنجازه خلال السنوات الماضية قليلٌ جداً ومتذبب.
مثلاً، أعلنت مديرية المصالح العقارية في محافظة حماة في العام 2017 الإنتهاء من تركيب أجهزة شبكة تبادل المعطيات العقارية إلكترونياً “بي دي ان” في دوائر مصياف وسلمية ومحردة والسقيلبية العقارية التابعة لها. كما أعلنت المديرية حينها متابعتها العمل بمشروع أتمتة أعمال السجل العقاري، والانتهاء من إدخال بيانات 2500 عقار ضمن مدينة حماة كخطوة أولى. ولكن، تأخر تقديم الخدمات العقارية إلكترونياً في مديرية حماة حتى شباط 2022، بعدما تمت أتمتة حوالي 43500 صحيفة عقارية من إجمالي عقارات محافظة حماة البالغة 482.925 عقاراً، أي ما نسبته حوالي 10% فقط. نسب الانجاز في بقية المحافظات مماثلة أو أقل.
وكان المدير العام للمصالح العقارية قد صرّح مطلع العام 2018، أن المديرية تتابع أعمال أتمتة الصحائف العقارية في محافظات دمشق وريف دمشق وطرطوس واللاذقية وحمص وحماة والسويداء، وقد بلغ إجمالي عدد المناطق المؤتمتة 25 منطقة عقارية إضافة إلى منطقتين تنظيميتين في دمشق.
والرقم متواضع بالمقارنة مع 11.172 منطقة عقارية في عموم سوريا. وفي ظل نقص الإحصاءات وبطء العمل على المستوى الوطني، فمن الصعوبة الحصول على أرقام دقيقة لما تمَّ إنجازه. وتشير المعلومات الرسمية المتوفرة إلى أنه مع بداية العام 2021، لم يتجاوز عدد الصحائف العقارية المؤتمتة على مستوى سوريا سوى 500 ألف، من أصل حوالي 6 ملايين صحيفة، بنسبة 8% تقريباً. ومؤخراً أعلن وزير الإدارة المحلية في تشرين الأول 2022 أنه تمت أتمتة حوالي 700 ألف صحيفة عقارية بنسبة 11%.
وتعزو مديرية المصالح العقارية هذه النسب المتدنية لصعوبات وعوائق كثيرة؛ كعدم توفر الكهرباء والمحروقات، ونقص الكادر البشري من جميع الفئات الوظيفية، وقلة التمويل. على سبيل المثال، تم رصد 225 مليون ليرة فقط لمتابعة مشروع تطوير وأتمتة عمل المصالح العقارية خلال العام 2018.
في الخلاصة، فإن تقديم خدمات عقارية إلكترونية محصور بالصحائف العقارية المؤتمتة، ما يعني أن الخدمة متاحة حتى الآن لحوالي 11% من مجمل صحائف العقارات في سوريا. وليس واضحاً كيف سينعكس ذلك على تسهيل المعاملات العقارية في ظل الانقطاع المتواصل للتيار الكهربائي، وخدمات الانترنت.