مفتاح: التماثلات والاختلافات في أحكام الإرث للطوائف
تعتبر أحكام الإرث والوصية التي تضمنها القانون 59 لعام 1953 المستمد من الشريعة الإسلامية، من أكثر شمولاً وتفصيلاً مقارنةً بغيرها من أحكام الإرث والوصية في قوانين الأحوال الشخصية لدى بقية الطوائف في سوريا. وفي العموم، تتشابه أحكام الإرث في خطوطها العريضة لدى الجميع، وقد تختلف في بعض التفاصيل. ونستعرض هنا أبرز نقاط التشابه والاختلاف في تلك الأحكام، وهي متمحورة حول؛ درجات القرابة، الوصية، قواعد توزيع التركة، الأراضي الأميرية، وموانع التوريث.
درجات القرابة
تقوم أحكام الإرث في قوانين الأحوال الشخصية المختلفة على قاعدة رئيسية: انتقال الإرث إلى أصحاب الدرجة الأقرب للمتوفى، ولكنها قد تختلف في تحديد درجات القرابة. القانون 59 لعام 1953، حدد درجات القرابة المستحقة للإرث، بثلاث فئات رئيسية هي؛ أولاً، ذوو الفروض، وعددهم 12: الأب، الجد، الأخ لأم، الزوج، الزوجة، البنات، بنات الابن، الأخوات لأب وأم، الأخوات لأب، الأم، الجدة. ثانياً، العصبة من النسب، أي الأقرباء الذكور، كالأبناء وأبناء الأبناء. وثالثاً، ذوو الأرحام، أي الأقرباء الإناث، كالعمّات والخالات.
بينما القانون 31 لعام 2006 الخاص بالطوائف الكاثوليكية، قسّم درجات الورثة إلى ثلاث فئات؛ الأولى وهم الأولاد والأحفاد وما يليهم من فروع المتوفى، والثانية هم والدا المتوفى، والثالثة هم أجداد المتوفى.
أحكام الإرث في القوانين 7\2011 الخاص بطائفتي الروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، و4\2012 الخاص بطائفة الأرمن الأرثوذكس، و2\2017 الخاص بالطائفة الإنجيلية، جاءت مشابهة إلى درجة كبيرة لما أورده القانون 31، في تعداد فئات الورثة، إلا أنها اختلفت معه في تقديم أولوية الأخوة والأخوات على الجد والجدة لأب أو لأم.
الوصية لدى الموحدون الدروز
في القانون 59 لا تتجاوز الوصيّة ثلث التركة، كما لا تجوز الوصية للوارث. وهذا، ليس هو الحال لدى طائفة الموحدين الدروز التي يرتبط فيها توزيع الإرث بإرادة المورث، فله أن يوصي بالميراث لمن يشاء ويحرم من يشاء، وذلك سنداً لأحكام الوصية في المذهب الدرزي المنصوص عنها في المادة 307 فقرة ج من قانون الأحوال الشخصية 59 لعام 1953، التي تنص على أنه “تُنفذ الوصية للوارث ولغيره وبأكثر من الثلث”. وفي حال لم يحدد المورّث مقداراً لتوزيع تركته، فيتم اتباع الأصل، وهو توزيع الميراث وفقاً لأحكام القانون 59/1953 وتعديلاته.
قواعد توزيع الإرث
من الفوارق بين قانون الأحوال الشخصية رقم 59 لعام 1953، وبين أحكام الإرث في قوانين الأحوال الشخصية لبقية الطوائف، هو تحديد مقدار الحصة الإرثية المستحقة للورثة. إذ إن جميع القوانين الخاصة بالطوائف، قد أقرت قاعدة توزيع الميراث بالتساوي بين الذكور والإناث، بينما اعتمد القانون 59 قاعدة للذكر مثل حظّ الأنثيين، إن تساويا في درجة القرابة، كما في حالة الأخ والأخت. ويجب هنا الإشارة إلى أنه في القانون 59 قد ترث الأنثى أكثر من الذكر، في حالات محددة.
التركة
هي كل ما يتركه الإنسان بعد وفاته من أموال وعقارات ومنقولات، وحقوق له أو عليه. وتتفق جميع أحكام الإرث في مختلف قوانين الأحوال الشخصية، بأنه يجب أن يُؤدى من التركة؛ أولاً، ما يكفي لتجهيز الميت ودفنه، وثانياً ديونه، وثالثاً وصاياه. وبعد ذلك، ما تبقى من التركة يقسم بين الورثة.
وبحسب القانون 59/1953، فالأصل في توزيع التركة، أن تشمل كامل تركة المتوفى من مال منقول وعقارات وغيرها، بعد استيفاء ما تم تحديده مسبقاً. في حين أن أحكام الإرث لدى الطوائف المسيحية أخرجت بيت الزوجية من القسمة، وأوضحت أنه لا يجوز أن يعتبر تركة إلاّ بعد وفاة الزوج الباقي على قيد الحياة، ما لم يقرر التخلي عنه.
وفي حال عدم وجود ورثة للمتوفى، فإن إرثه يؤول إلى الخزينة العامة للدولة، بحسب جميع أحكام الإرث في القوانين الخاصة، ما عدا القانون 31 لعام 2006 الخاص بالطوائف الكاثوليكية، الذي نصّت المادة 180 منه على إنه في حال عدم وجود ورثة للمتوفى فإن إرثه يؤول بكامله إلى وقف الطائفة التي ينتمي إليها.
الأراضي الأميرية
يُنظمُ قانون انتقال الأموال غير المنقولة “الأميرية”، الصادر في عام 1928، أحكام انتقال العقارات الأميرية إلى الورثة، ويساوي هذا القانون بين الورثة، ذكوراً وإناثاً، إذا كانوا على درجة القرابة ذاتها من المتوفى. إلا أن القانون 4 لعام 2012 الخاص بالأرمن الأرثوذكس، والقانون 7 لعام 2011 الخاص بالروم الأرثوذكس والسريان الأرثوذكس، قد نصا صراحة على أن أحكامهما تسري فيما إذا كانت التركة تضم عقارات أميرية أو عقارات مُلك.
موانع التوريث الدينية
يُعتبر اختلاف الدين من أبرز موانع الإرث في أحكام الإرث لدى جميع الطوائف ما عدا الطائفة الإنجيلية التي نص القانون 2 لعام 2017، إن اختلاف دين الوارث والمورّث، ليس مانعاً للإرث، شريطة المعاملة بالمثل.
كما أقرت جميع القوانين أن قتل الوارث للمورث يعبر مانعاً من حصول الوارث على حصته الإرثية، وتوزع الحصة في هذه الحالة على بقية الورثة.