مفتاح – التعميمات والموافقات الأمنية: انتهاك حق الملكية
تتعارض بعض التعميمات والقرارات التي تصدرها السلطة التنفيذية في سوريا، ممثلة بمجلس الوزراء، مع حق الملكية الذي أكد عليه الدستور السوري لعام 2012.
على سبيل المثال، في شباط 2018 أصدر وزير العدل التعميم رقم 14، الذي يمنع البيع بالمزاد العلني إلا بعد الحصول على الموافقة الأمنية. وأثّر ذلك على عمليات إزالة شيوع العقار، التي غالباً ما يطلبها الورثة. وإزالة الشيوع تعني إنهاء تعدد المالكين لعقار ما، عبر تجميع الحصص كلها في يد شخص واحد، أو بقسمة العقار المشاع بين الشركاء. وقد استثنت وزارة العدل في التعميم رقم 14، الجهات العامة من شرط الحصول على الموافقة الأمنية للبيع بالمزاد العلني.
قبلها، كانت رئاسة مجلس الوزراء قد أصدرت في قرارها رقم 4554 في آب 2015، التعميم رقم 463 الموجه إلى وزارة الإدارة المحلية، والذي يقضي بإضافة البيوع العقارية وعمليات إيجار وفراغ المنازل والمحلات في المناطق المنظمة وغير المنظمة، إلى القضايا التي تستوجب الحصول على موافقة أمنية مسبقة. وقال التعميم الذي تسرب للإعلام حينها، رغم أنه يحمل ترويسة “سري وعاجل”، إن الهدف منه هو “الحرص على الحقوق القانونية والأمنية للمواطنين، والراغبين ببيع عقاراتهم أو التنازل عنها للغير”.
وتتطلب عمليات بيع العقارات في سوريا، وكذلك التوريث ونقل الملكية عبر التنازل عنها، الحصول على براءة ذمة من وزارة المالية. ومع التعميم 463 بات الحصول على براءة الذمة المالية مقترناً بالحصول على الموافقة الأمنية. وغالباً ما يكون ذلك بتقديم طلب إلى فرع شعبة الأمن السياسي التابع لوزارة الداخلية. وفي حال كان البائع أو الشاري مطلوباً أمنياً بسبب نشاطات معارضة للنظام، أو متخلفاً عن الخدمة العسكرية، أو إذا سبق وارتكب جرماً أو جنحة، أو صدر بحقه حكم بالسجن، فلن يتمكن من الحصول على تلك الموافقة.
وتفادياً للوقوع بالمشاكل المرافقة للموافقات الأمنية، لجأ كثيرون إلى العقود الكتابية بموجب شهود، من غير تصديقها رسمياً في السجلات العقارية. ويهدد ذلك بضياع حق الملكية، في حال عدم تثبيتها رسمياً.
وكانت وزارة الداخلية قد أصدرت القرار رقم 2744 لعام 2018، وقامت بموجبه بإلغاء شرط الحصول على الموافقة الأمنية لإتمام عقود الإيجارات. إلا أن القرارالجديدفرض مجموعة إجراءات أمنية يشترط اتخاذها عند تنظيم عقد الإيجار. إذ يجب تسجيل عقد الإيجار الموقع في الوحدة الإدارية (مجلس مدينة، بلدية..)، وعقب ذلك ترسل الوحدة نسختين من العقد إلى مخفر الشرطة في المنطقة، للتدقيق في الوضع القانوني للمستأجر إن كان مطلوباً أمنياً أو قضائياً ليتخذ “الإجراء اللازم بحقه”. وترسل الوحدة الشرطية نسخة من العقد إلى فرع الأمن السياسي في المنطقة، لإجراء التدقيق الأمني. فعلياً، القرار 2744 لم يبطل شرط الموافقة الأمنية في تنظيم الإيجارات، بل جعل العملية مرتبطة بالوحدة الشرطية.
القرارات والتعاميم ليست وليدة مرحلة ما بعد الثورة السورية 2011. بل سبق وفرض النظام منذ السبعينيات، تعاميم وقرارت مماثلة. أهمها ما يخص المناطق الحدودية، لمنع بيع العقارات والأراضي “الأميرية” الواقعة خارج حدود المخطط التنظيمي، أو التصرف بها، من دون الحصول على موافقة أمنية مسبقة. ولا تستند تلك القرارات إلى أصول تشريعية أو دستورية، إنما كانت عبارة عن خطابات سرية تصدرها الأجهزة الأمنية. وتحدد التعميمات الأمنية المنطقة الحدودية التي يمنع على أصحاب العقارات التصرف في أملاكهم فيها من دون موافقة أمنية مسبقة، بعمق قد يصل إلى 15 كيلومتراً.
لا مصدر موثق لهذه الصورة. هي نسخة مسربة منذ العام 2015 وتداولتها كثير من المواقع والصحف.