مفتاح: التأمين الجبري
التأمين الجبري، ويسمى أيضاً بالرهن التأميني، هو حق عيني تبعي يُسجّلُ على الصحائف العقارية لعقارات المُستدين، بموافقته أو دونها. والحق العيني التبعي ينشأ تابعاً للحق الشخصي ويضمن الوفاء به. ويعد هذا الحق عينياً لأنه يُحقق لصاحبه سلطة مباشرة على العقار.
وقد حددت المادة 1081 الفقرة 3 من القانون المدني، خمس حالات للتأمين الجبري وهي:
الحالة الأولى: عندما يقوم الولي أو الوصي بتصرفات تلحق الضرر بأموال فاقدي الأهلية وناقصيها. وبحسب التعريفات القانونية، الولي يكون على النفس والمال ولا يحتاج تعيينه إلى قرار قضائي، بينما الوصي يكون على المال فقط، ويحتاج تعيينه إلى قرار قضائي. وفاقد الأهلية هو مثل الشخص عديم التمييز، كالطفل ما دون السابعة أو الشخص المجنون، أما ناقص الأهلية فهو الشخص ما دون الثامنة عشر، أو المحجور عليه لعلّة السفاهة كتبذير المال. وفي جميع تلك الحالات، يمكن للمحكمة أن تقرر وضع إشارة التأمين الجبري على عقارات الولي أو الوصي في السجل العقاري، لضمان سداد الديون التي تسبب بها الولي أو الوصي نتيجة إدارة أموال وعقارات فاقدي الأهلية أو ناقصيها. وتوضع إشارة التأمين الجبري من المحكمة، بناءً على طلبٍ ممن تبرع بالمال لفاقد أو ناقص الأهلية.
الحالة الثانية: توضع إشارة التأمين الجبري على عقارات الزوج من أجل البائنة في حال النزاع بين الزوجين. والبائنة هي الهدايا التي يقدمها أهل الزوجة في الطوائف المسيحية إلى الزوج لمساعدته في أعباء الزواج، وتختلف عن المهر المقرر للزوجة في الشريعة الإسلامية. ويمكن اشتراط وضع إشارة التأمين الجبري في عقد الزواج لمصلحة الزوجة. وفي حال لم يتضمن عقد الزواج ذلك الشرط، فتقرره محكمة البداية المدنية بناءً على طلب الزوجة.
الحالة الثالثة: وهي التأمين الجبري المقرر للدولة والإدارات العامة. إذ قد تفرض الدولة تأميناً جبرياً على عقارات المُحاسبين، بقرار من وزير المالية ضماناً لما قد يرتكبونه من أخطاء قد تؤدي إلى إلحاق خسائر مالية بالدولة. كما قد تفرض الدولة إشارة التأمين الجبري على عقارات المًستدين من الدولة، وفقاً للمادة 1086 من القانون المدني.
وبموجب المرسوم التشريعي رقم 70 لعام 1949، فإن لديون الدولة حق امتياز. والدين الممتاز هو أقوى من التأمين الجبري، لأنه يتقدم على جميع الديون الأخرى من دون الحاجة إلى تسجيله. بينما يجب تسجيل التأمين الجبري على الصحيفة العقارية لعقارات المُستدين.
كما يُلزم القانون بعض الموظفين بتقديم كفالة مالية لضمان ما قد ينشأ من اضرار نتيجة أخطائهم. ومن ذلك، ما نصت عليه المادة 47 من قانون نظام الرسوم العقارية رقم 426 لعام 1958، بأنه يجب على الموظفين المكلفين بحساب الرسوم تقديم كفالة مالية يحدد مقدارها بقرار من المدير العام للمصالح العقارية.
وهنالك أيضاً، التأمين الجبري المقرر لضمان ديون المصرف الزراعي. إذ يجوز للمصرف الزراعي، وضع إشارة التأمين الجبري لضمان نقص التأمين المقدم من المُستدين. ويحصل نقص الضمان المقدم للمصرف عند حدوث سبب طارئ كزلزال أو فيضان ألحق ضرراً بالضمان المقدم من المُستدين، وفقاً لما نصت عليه المادة 34 من قانون المصرف الزراعي لعام 1958.
وتجدر الإشارة إلى أن ديون الدولة تسقط بالتقادم الطويل ومدته خمس عشرة عاماً، وفقاً لاجتهاد محكمة النقض السورية في القرار رقم 624 أساس 228 لعام 1990.
الحالة الرابعة: وهي التأمين الجبري المُقرّرِ لبائع عقار، والمُقايضْ على عقار، والمُتقاسم لعقار. والمقايضة تحدث عند تبادل شخصين لعقارين مختلفين، بينما يحدث التقاسم لعقار بين عدة أشخاص. ويمكن أن يشترط صاحب العقار الأصلي، على المُشتري أو المُقايض أو المُتقاسم، تأميناً جبرياً على العقار ضماناً لتسديد الثمن أو استكمال اجراءات نقل الملكية.
أما إذا لم ينص العقد على ذلك، فيحق لأي من البائع والمُقايضْ والمُتقاسم، أن يطلبوا من محكمة البداية المدنية التي يقع العقار في دائرتها، وضع إشارة التأمين الجبري على صحيفة العقار.
ويعود السبب في ذلك إلى أن البائع أو المقايض أو المتقاسم، قد تنازلوا عن العقار وأدخلوه في ملكية آخرين، ولذلك اقتضت العدالة أن يمنحهم القانون المدني الحق في وضع إشارة التأمين الجبري على العقار الذي انتقلت ملكيته إلى الآخرين، إذ تخولهم تلك الإشارة أسبقية التقدم على غيرهم من الدائنين.
الحالة الخامسة: وهي التأمين الجبري المقرر للدائنين والموصى لهم في أموال التركة. ويحق لأولئك وضع إشارة التأمين الجبري على عقارات التركة لضمان بقاءها منفصلة عن أموال بقية الورثة. ولكن، لا بد في هذه الحالة من تسجيل التأمين الجبري خلال ستة أشهر من تاريخ الوفاة، ويصدر قرار وضع إشارة التأمين بقرار من محكمة البداية المدنية. والهدف من التأمين الجبري في هذه الحالة هو حماية دائني المورّث والموصى لهم، من أي تصرف قد يُقدم عليه الورثة في أموال التركة.
وبعد تسجيل التأمين الجبري في هذه الحالة، فإن تصرف الورثة في أموال التركة لا يُنفّذُ بحق الدائنين والموصى لهم. كما يهدف هذا الإجراء لحماية دائني المورث، من دائني الورثة الذين يحق لهم إجراء معاملة انتقال التركة من المورث إلى الوارث، لكي ينفذوا عليها ويحصلوا على ديونهم، وفقاً لما نصت عليه المادة 25 من قانون نظام الرسوم العقارية رقم 429 لعام 1948.