مفتاح: الاستصلاح الزراعي والاعتداء على الملكية الخاصة
لم يلق قانون الاستصلاح الزراعي اهتماماً كافيا، رغم آثاره الخطيرة المحتملة على حقوق السكن، الأرض والملكية. ويمكن اعتبار القانون الصادر في العام 2012، والمختص بالأراضي الزراعية، مكافئاً من حيث المخاطر لقوانين التنظيم العمراني الصادرة في الفترة ذاتها كالمرسوم 66 لعام 2012 أو القانون 10 لعام 2018.
عرّف قانون استصلاح الأراضي الزراعية الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 29 لعام 2012، الاستصلاح الزراعي بأنه مجموعة الأعمال الرامية لتهيئة الأرض وجعلها في وضع يمكن معه البدء بزراعتها مروية، بهدف زيادة الإنتاجية الزراعية للأرض واستثمارها اقتصادياً.
ويتم استصلاح الأراضي الزراعية بناءً على قرار من وزير الري بالتشاور مع وزير الزراعة، بعد استطلاع رأي الاتحاد العام للفلاحين والمكتب التنفيذي للمحافظة المعنية. ويتضمن القرار إعلان وجود نفع عام في استصلاح الأرض المعنية. ولكن القانون لا يشترط موافقة أصحاب الأرض على قرار الاستصلاح، ولم يعط أصحاب الأرض الحق بالاعتراض عليه، ولم يحدد الجهة التي يمكن الاعتراض لديها.
وبعد صدور قرار الاستصلاح، تُوضعُ إشارة الاستصلاح على صحيفة العقارات المعنية في السجل العقاري، ثم تقوم الجهة المكلّفة بعملية الاستصلاح بوضع يدها على تلك العقارات. وينص القانون على تشكيل لجنة فنية مهمتها تحديد ما تشتمل عليه العقارات من منشآت ومزروعات، وتحديد شاغليها، وتقدير التعويض عن الحرمان من استثمارها والتعويض عن إتلاف محتوياتها. وحدد القانون فترة التعويض بأقل من سنة.
وبعد انتهاء الإجراءات الأولية لعملية الاستصلاح، تُسجّل العقارات التي جرى استصلاحها في الصحيفة العقارية بصفة أراضي مستصلحة مروية.
تكاليف الاستصلاح، يدفعها المالك، أو المستفيد من عملية الاستصلاح، بحسب المادة 14 من مرسوم الاستصلاح. ويُحظر القانون إجراء أية عملية نقل ملكية لتلك العقارات قبل تسديد التكاليف المترتبة عليها والمحددة بقرار من رئيس الوزراء. ولذلك يتم وضع إشارة تأمين جبري، على الصحيفة العقارية تمنع التصرف بالعقار، ولا ترقّن تلك الإشارة إلا بعد تسديد المبلغ المترتب على العقار.
بعد ذلك، تقوم لجنة أخرى تسمى لجنة التوزيع، بتوزيع العقارات المستصلحة، على أصحاب الحقوق. وتراعي اللجنة أثناء عملية التوزيع إعادة الأراضي إلى أصحاب الحقوق وفقاً للمستطاع، أو تسليمهم أرضاً مجاورة لأراضيهم ومماثلة لها. في حال عدم توفر الأراضي، يتم دفع تعويض نقدي لصاحب الحق من قبل الجهة المشرفة على عملية الاستصلاح، خلال مهلة 3 شهور. وتحسب قيمة التعويض على أساس السعر “الحقيقي” للأرض.
وهنا، باتت عملية الاستصلاح بمثابة استملاك يحرم المالك من حقه بالملكية قسراً، مقابل تعويض مادي. وعلى عكس قانون الاستملاك، لا تُتاح للمالك في هذه الحالة فرصة الاعتراض.
وحدد قانون الاستصلاح الحد الأقصى الذي يجب أن يحصل عليه المستفيد بـ16 هكتاراً. المساحة الزائدة عن ذلك تؤول إلى الدولة، وتسجل باسمها في السجل العقاري. ويشكل هذا، انتهاكاً اضافياً لحق الملكية عبر استيلاء الدولة عن المساحة الزائدة عن 16 هكتاراً من دون حق.
وتصدر لجنة التوزيع قرارها متضمناً أسماء أصحاب الحقوق، وحقوقهم ومساحة العقارات وأرقامها والمساحة المقتطعة من أرض كل صاحب حق، وأصحاب الأراضي الذين جرى الاقتطاع المجاني من أراضيهم.
ويتم الإعلان عن قرار التوزيع في بهو المحافظة والناحية والجمعيات الفلاحية والوحدات الإدارية المعنية، ويعد ذلك الإعلان بمثابة تبليغ شخصي. ويمكن تقديم الاعتراض على عملية التوزيع إلى اللجنة ذاتها، ما يجعل منها خصماً وحكماً في آنٍ معاً.
وبعد ذلك، يُرسل قرار التوزيع إلى مديرية المصالح العقارية لتقوم بتعديل مخططاتها وفقاً لقرار التوزيع، ومن ثم تسجيله في الصحيفة العقارية باسم منطقة عقارية جديدة وأرقام محاضر جديدة.
المرسوم 29 وضع قيوداً على حق المالك من التصرف في ملكيته الزراعية المستصلحة، ولم يحدد مدة زمنية لرفع تلك القيود. إذ يُحظّر على أصحاب الحقوق إحداث أي تغيير في الأراضي المستصلحة أو المنشآت القائمة عليها تحت طائلة التعرض للعقوبات الجزائية والتي تصل إلى الحبس والغرامة ودفع التعويض عن الضرر اللاحق.