مفتاح: الأراضي الأميرية
أثيرت قضية الأراضي الأميرية في سوريا مجدداً، بعد الحديث عن احتمال قيام الدولة باستعادتها من المُهجرين قسراً إلى مناطق المعارضة.
في الفقه الإسلامي يستخدم مصطلح الأراضي الأميرية لوصف الأراضي التي تملكها الدولة، والواقعة تحت تصرف الأمراء والولاة الذين يحق لهم توزيعها على الرعيّة، للتصرف بها، وفقاً لما تقتضيه “مصلحة المسلمين”. المصطلح تكرّس في عهد الدولة العثمانية، وبات يعني في اللغة التركية “الحكومي”. وظلت جميع أراضي السلطنة العثمانية أميرية، أي مملوكة للدولة، قبل أن يتم توزيعها بعد العام 1856 على السكان، من دون أن اعطائهم حق الملكية عليها.
القانون المدني السوري الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 84 لعام 1949، في المادة 86، عرّف الأراضي الأميرية بأنها العقارات التي تكون رقبتها للدولة، ويجوز أن يجري عليها حق تصرف.
وحق التصرف هو حق عيني عقاري يخوّل صاحبه سلطة استعمال واستغلال الأرض والتصرف بها. ويكون للمتصرف الحق في نوعين من التصرفات؛ مادية وقانونية. والتصرف المادي هو استعمال الأرض واستغلالها، أما التصرف القانوني فيتمثل في إجراء كافة التصرفات القانونية التي تصح في هذا النوع من الأراضي كالتنازل عن حق الاستثمار للغير “الفروغ” أو التأجير والإعارة.
وحق التصرف مؤقت، يمكن أن يسقط بعدم الاستعمال، بينما يعتبر حق الملكية حق تام ودائم.
استرداد الأراضي الأميرية
أعيد فتح موضوع الأراضي الأميرية مؤخراً، مع ظهور المزادات العلنية لاستثمار أراضي المُهجّرين قسراً من أرياف حماة وإدلب وحلب. إذ يبدو أن الدولة السورية تمهّد لإعادة الاستيلاء على تلك الأراضي الأميرية، من خلال سلسة من الخطوات التي قد تستغل ثغرات قانونية.
القانون المدني منح للمتصرف بالأرض الأميرية الحق في استغلالها واستعمالها وزراعتها كما يشاء، إلا أن المادة 775 نصّت على: “يسقط حق التصرف في العقارات الأميرية بعدم حراثة الأرض، أو بعدم استعمالها مدة خمس سنوات”، ويعني ذلك استردادها لتعود من أملاك الدولة.
لكن المادة 379 من القانون المدني، تقول: لا يسري التقادم الذي تزيد مدته على خمس سنوات في حق من لا تتوافر فيه الأهلية، أو في حق الغائب، أو في حق المحكوم عليه بعقوبة جناية إذا لم يكن له نائب يمثله قانوناً”. وبهذا، فإن القانون المدني، لا يبيح تطبيق مهلة سقوط حق التصرف، بحق الغائب. وقد يُصعّب هذا التفصيل القانوني من مهمة النظام في انتزاع الأراضي الأميرية من الفلاحين المُهجّرين قسراً، وعليه أن يثبت أن غيابهم حادث بغير حق.
تحويل الأراضي الأميرية إلى مُلك
ويشترط في الأراضي الأميرية وقوعها خارج المخططات التنظيمي، وعندما تدخل ضمن التنظيم تزول عنها صفة الأميرية وتتحول إلى عقارات مُلك. المادة 15 من قانون السجل العقاري الصادر بالقرار رقم 188 لعام 1926، أتاحت “لصاحب الحق في التصرف، أن يلجأ إلى القضاء لإجراء التصحيح في قيود السجل العقاري، لتصبح مطابقة لواقع العقار الذي يملكه”. في حين أن الاجتهادات القضائية لمحكمة النقض السورية، كالقرار رقم 50 أساس 155 لعام 1995، اعتبرت أن دخول العقار ضمن حدود الأماكن الإدارية المبنية، من شأنه أن يجعل العقار حكماً من نوع الملك، وأدت أن الموضوع ليس متعلقاً فقط بالسجل العقاري، وإنما بـدخول العقار ضمن حدود المدينة.
ومع ذلك فإن أمين السجل العقاري لا يستطيع تغيير نوع العقار المسجل من أميري إلى ملك، بل يتطلب ذلك من مستثمر الأرض الأميرية إقامة دعوى أمام محكمة البداية المدنية، يطلب فيها تغيير النوع الشرعي للعقار من أميري إلى ملك، ويتوب عليه إحضار بيان من مجلس المدينة أو البلدية التي يقع فيها العقار، موضحاً فيه أن العقار يقع ضمن المنطقة المحددة إدارياً والمأهولة بالسكان.
الحيازة وحق التصرف
القانون المدني في مادته 919، أكد: “يُكتسب حق تسجيل التصرف بالأراضي الأميرية غير الخاضعة لإدارة أملاك الدولة بمرور عشر سنوات من تاريخ الحيازة بسند أو بغير سند بشرط أن يكون الحائز قائماً بزراعة الأرض”.
وتكون الحيازةفي تسلّط شخص على شيءٍ بشكل فعلي، كأن يكون له حق انتفاع على عقار. والحيازة مؤقتة، يُكتفى فيها بوجود مبرر أو سبب مشروع لوضع اليد على العقار. وبالتالي لا يستطيع الحائز على الأراضي الأميرية قبل اكتساب تسجيل حق التصرف، أن يقوم ببيع الأرض لأنه يملك حق الانتفاع أو الاستغلال بينما تكون رقبة العقار للدولة.
وحق الانتفاع، هو حق عيني باستعمال شيء يخص الغير. ويمنح حق الانتفاع صاحبه سلطة مباشرة على الشيء يستطيع بموجبه استعماله دون إذن المالك.