مفتاح: أملاك المتهمين غيابياً أمام محاكم الجنايات
يمكن لمحكمة الجنايات الحكم على المتهمين، غيابياً، ويحق لها بالإضافة إلى إصدار أحكام مستندة إلى قضاياهم، الحجز على أملاك المتهمين الغائبين، ووضعها تحت إدارة السلطات الإدارية.
وتتعامل محكمة الجنايات مع القضايا ذات الطابع الجنائي، التي تكون العقوبة المحتملة فيها على المتهم، أكثر من ثلاث سنوات، وتلتزم بتطبيق قانون أصول المحاكمات الجزائية 112/ 1950.
الحكم الغيابي
عند صدور حكم غيابي عن محكمة الجنايات ضد متهم بجناية يتم نشر خلاصة ذلك الحكم الغيابي بمعرفة النائب العام في الجريدة الرسمية، خلال ثمانية أيام من تاريخ صدوره، كما يفترض نشره في إحدى الصحف الرسمية، وعلى باب مسكن المتهم.
ويعتبر الحكم الغيابي الصادر عن محكمة الجنايات نافذاً من اليوم التالي لنشره في الجريدة الرسمية، وفقاً للمادة 330 من قانون أصول المحاكمات الجزائية 112 لعام 1950. وبحسب القانون 112 فإن النشر يقتصر على الأحكام الغيابية فقط دون الأحكام الوجاهية التي تصدرها المحكمة بحضور المتهم.
ويصدر الحكم الغيابي في مواجهة المحكوم عليه الفار عن وجه العدالة، وهو كل متهم صدر بحقه قرار اتهام عن قاضي التحقيق أو قاضي الإحالة، ثم جرى تحويل القضية إلى محكمة الجنايات، وتمت دعوة المتهم للمثول أمام محكمة الجنايات، لكنه امتنع عن الحضور رغم استنفاد المُهل التي مٌنِحت له من قبل المحكمة.
وبحسب القانون 112/1950، يُعطى المتهم عشرة أيام للحضور منذ تاريخ تبليغه قرار الاتهام الصادر عن قاضي التحقيق، فإذا لم يحضر تقرر محكمة الجنايات منحه عشرة أيام إضافية للحضور، وإذا لم يسلِّم المتهم نفسه خلال هذه المدة فإنه يعتبر فاراً، ويُحرم من حقوقه المدنية وتوضع أمواله تحت تصرف الحكومة والسلطات الإدارية.
ويعتبر كل تصرف يقوم به المتهم الفار، في ممتلكاته العقارية وأمواله باطلاً، ويقوم النائب العام بإبلاغ أمين السجل العقاري، لوضع إشارة الحجز الاحتياطي على أملاكه، كما يجري تبليغ إدارة أملاك الدولة التابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي. بذلك، وكل ذلك بهدف زيادة الضغط على المتهم لتسليم نفسه.
قضايا الإرهاب
يلاحظ أن الجريدة الرسمية تنشر بين الحين والآخر أحكاماً جنائية غيابية صادرة عن محاكم الجنايات العادية، ضد متهمين في قضايا الإرهاب. إذ لا يُحاكمُ المتهمون بالإرهاب فقط أمام محكمة الإرهاب المُحدثة بموجب القانون رقم 22 لعام 2012، بل أيضاً أمام محاكم الجنايات العادية. ولا يوجد معيار واضح للتمييز بين القضايا المرفوعة أمام إحدى المحكمتين. ويبدو أن إحالة بعض القضايا إلى محكمة الجنايات يعود لتخفيف الضغط عن محكمة الإرهاب.
وفي كل الأحوال، فالحكم الغيابي الصادر عن محكمة الجنايات فيما يخصّ قضايا الإرهاب، يتضمن أيضاً، وضع أموال المتهم تحت إدارة الدولة. ويتم ذلك وفقاً للأصول المتبعة في إدارة أموال المتهم الغائب، بعد تعيين وصي عليها.
إدارة أملاك المحكوم غيابياً
فيما يتعلق بأموال المحكوم عليه غيابياً، الخاضعة لإدارة أموال الغائب، يمكن لزوجته وأولاده القصّر ووالديه، أن يحصلوا على نفقة شهرية من واردات تلك الأموال، على أن تُحدّد تلك النفقة من قبل المحكمة المدنية. ويمكن أيضاً للمدعي الشخصي أن يحصل على قرار يصدر عن تلك المحكمة بتعويض مؤقت، مقابل كفالة أو بدونها.
وتتبع الدولة في إدارة أموال المتهم الغائب، الأحكام المنصوص عليها في قانون الأحوال الشخصية رقم 59/1953، حيث تدار من قبل وصي يعينه القاضي الشرعي في المحكمة الشرعية، وتعتبر كل تصرفات هذا الوصي صحيحة، ما دامت متفقة مع أحكام الوصاية الواردة القانون 59 الخاصة بالوصي. وبحسب القانون 59، فإنه ليس للوصي التصرف بالمال بيعاً أو شراءً، وغيرها من أعمال التصرف.
سقوط الحكم الغيابي
وفي حال سقوط الحكم الغيابي، بالتقادم، أو إعلان براءة المتهم بعد تسليم نفسه أو القبض عليه وإعادة محاكمته، تُرد إليه أمواله، وينبغي على الوصي أن يقدّم له حساباً عن أعمال الإدارة التي قام بها. ولذلك فإن وضع اليد على أموال المحكوم عليه غيابياً بالإرهاب من قبل محكمة الجنايات، هو إجراء مؤقت لا يخولها حق التصرف بتلك الأموال والممتلكات. وبالتالي فهو يختلف عن تجميد أموال المتهم ومصادرتها، وفقاً لما هو متبع أمام محكمة الإرهاب.