مشروع تركي لإعادة اللاجئين السوريين “طوعاً”
زاد حديث المسؤولين الأتراك مؤخراً عن مشروع العودة الطوعية لأكثر من مليون لاجئ سوري في تركيا، وإعادة توطينهم في الأراضي السورية. ويتضمن المشروع إنشاء مناطق سكنية جديدة في الشمال السوري.
وكانت تركيا قد نفذت ثلاث عمليات عسكرية في الشمال السوري بالتعاون مع فصائل من المعارضة السورية المسلحة؛ درع الفرات في آب 2016 ضد تنظيم الدولة الإسلامية في ريف حلب الشرقي، وضد قوات سوريا الديموقراطية في عمليتين: غصن الزيتون مطلع العام 2018 في ريف حلب الغربي، ونبع السلام في تشرين الأول 2019 في ريفي الحسكة والرقة. وفي أعقاب تلك العمليات، أنشأت تركيا فيها هيئات حكم محلية، وتشكيلات أمنية وقضائية، وقوات مسلحة. ومشروع العودة الطوعية يستهدف بالدرجة الأولى إقامة مناطق سكنية جديدة في تلك المناطق.
كما يبدو أن مشروع العودة الطوعية قد يشمل إعادة اللاجئين إلى بعض المناطق التي تسيطر عليها حالياً قوات سوريا الديموقراطية التابعة للإدارة الذاتية الكردية، خاصة في تل رفعت ومنبج بريف حلب. ولذا، يقترن الحديث في الإعلام مؤخراً بين العودة الطوعية وعملية عسكرية تركية مرتقبة قد تستهدف بعض مناطق سيطرة قوات سوريا الديموقراطية.
الرئيس رجب طيب أردوغان قال في منتصف أيار الماضي، بأن حكومته تعمل على إنشاء ما بين 200 ألف إلى 250 ألف وحدة سكنية، في 13 منطقة ضمن الأراضي السورية، بتمويل من المنظمات الدولية، وذلك لإعادة أكثر من مليون لاجئ سوري من تركيا. وزير الداخلية التركية قال في شباط 2022، بأن حوالي 3.7 مليون سوري يعيشون في تركيا تحت الحماية الدولية.
وكانت إدارة الكوارث والطوارئ التركية “آفاد”، أول من أعلن عن مشروع العودة الطوعية، في منتصف آذار الماضي، وطلبت من المنظمات غير الحكومية المتخصصة في بناء قرى سكنية للنازحين، تقديم دراسات لبلدات سكنية بهدف إعادة مليون ونصف مليون سوري من تركيا.
ومن أبرز المناطق المرشحة لإقامة تلك المناطق السكنية هي جرابلس والباب وعفرين وادلب وتل أبيض ورأس العين، ويفترض بأن تشاد ضمنها وحدات سكنية بمساحات تتراوح بين 40 إلى 80 متراً مربعاً للوحدة السكنية الواحدة.
والخطوط العامة العريضة للخطة التركية تتضمن، بحسب التصريحات والتسريبات الصحفية، مراحل متعددة: البحث عن تمويل دولي لهذا المشروع، وإنشاء مناطق سكنية ومرافقها العامة من مدارس ومشافي، والبنى التحتية لها. وكذلك إنشاء مناطق صناعية وتجارية بغرض خلق فرص عمل للعائدين.
مشروع العودة الطوعية ما زال في طور الأفكار الأولية وقد يحتاج تطبيقه إلى سنوات. ورغم ذلك، فإن تفاصيل دقيقة وجدت طريقها للإعلام، من نوع: من يعود من اللاجئين سيتسلّم منزلاً جاهزاً مفروشاً، مع حق الانتفاع به ما بين 5-10 سنوات. ويبدو ذلك أشبه بالإعلان الترويجي للعودة. إذ يبدو من الصعب في هذه المرحلة الفصل بين الوقائع على الأرض، وبين التوظيف السياسي لقضية اللاجئين السوريين في تركيا مع اقتراب الانتخابات العامة التركية في العام 2023.
كما أن خلطاً كبيراً يحدث حالياً في الإعلام بين مشروع العودة الطوعية، وبين بناء وحدات سكنية بديلة وتوزيعها على قاطني مخيمات الشمال السوري. إذ أن المشروع الأول يتعلق فقط باللاجئين السوريين في تركيا وما زال في طور الحديث العام، بينما المشروع الثاني يتعلق بالنازحين إلى مخيمات الشمال السوري على الشريط الحدودي مع تركيا وقد بدأ تنفيذه.
وليس واضحاً أبداً لحد اللحظة، أين ستقام تلك المناطق السكنية الجديدة ولمن تعود ملكية الأراضي التي ستقام عليها، وكيفية تعويض أصحابها إن كان لها أصحاب. ووفقاً لمخيمات سابقة، أو لمشاريع سكنية، بُنيت في الشمال السوري، فإن ملكية الأراضي تتنوع من وقفية، وأملاك عامة، أو ملكيات خاصة.