مشاريع التعافي المبكر في مدينة الحجر الأسود
رغم الشروط الصعبة التي تضعها على عودة النازحين إلى مدينة الحجر الأسود بريف دمشق، تبرر السلطات السورية سبب ضعف الإقبال على العودة فقط بالدمار الكبير الذي لحق بالبنى التحتية لشبكات الماء والصرف الصحي والكهرباء، وأيضاً المدارس والمناطق السكنية. وتسعى السلطات السورية، لدى المنظمات الدولية، للحصول على تمويل لمشاريع تضعها تحت خانة التعافي المبكر، لإعادة تأهيل المدارس، وإعادة تأهيل شبكات الماء والكهرباء والصرف الصحي، وإزالة الأنقاض.
والحجر الأسود هي مدينة مركز ناحية تتبع إدارياً لمحافظة ريف دمشق، وتحاذي مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين جنوبي مدينة دمشق. وكان يسكن الحجر الأسود قبل العام 2011 نحو نصف مليون نسمة. وكانت مدينة الحجر الأسود تعتبر قبل العام 2011، أكبر تجمع لنازحي الجولان المحتل منذ حرب حزيران 1967. ولهذا السبب، هناك تداخل إداري كبير بين محافظتي القنيطرة وريف دمشق في شؤون مدينة الحجر الأسود. جزء كبير من مدينة الحجر الأسود عبارة عن مناطق عشوائية غير منظمة ولا مخدمة، وكانت مقصداً للمهاجرين الفقراء من بقية المحافظات السورية إلى العاصمة دمشق.
وقد تعرضت المدينة لدمار شديد بسبب المعارك التي شنتها قوات النظام على المنطقة، إبان سيطرة المعارضة عليها بين العامين 2012-2015، وكذلك خلال فترة سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية ما بين العامين 2015-2018. واستعادت قوات النظام السيطرة على المدينة في العام 2018 بعد حملة قصف جوية ومدفعية واسعة النطاق تسببت بتدمير أحياء كاملة في المدينة، والتهجير القسري لجميع من تبقى فيها من سكان.
محافظ ريف دمشق السابق، كان قد قال في أيار الماضي، خلال لقاء إذاعي، بأن المحافظة يتوجب عليها تأهيل البنى التحتية قبل السماح بعودة الأهالي، وأضاف بأن المحافظة أعادت تأهيل البنى التحتية بنسبة 80% في حيي تشرين والثورة في الحجر الأسود، بالتعاون مع منظمات غير حكومية والوزارات، وأكد بأنه ليس لدى المحافظة إمكانية تأهيل كامل الحيين في الوقت الحالي، ولكن سيتم تأمين ما يلزم لبقاء العائدين. والحيّان؛ تشرين والثورة، هما الحيّان الوحيدان اللذان سمح بعودة النازحين إليهما دون بقية أحياء المدينة المدمرة. ويعود السماح للنازحين بالعودة إلى هذين الحيين لأنهما الأقل تضرراً بفعل العمليات العسكرية السابقة في المدينة، ما يُسهّل إعادة تأهيلهما.
رئيس مجلس مدينة الحجر الأسود، قال في تموز، خلال مقابلة إذاعية أيضاً، بأن المجلس يبذل قصار جهده، ولكن لا توجد لديه آليات لإزالة الأنقاض، أو صهاريج لتأمين المياه، وأضاف أن محافظة ريف دمشق أرسلت آليات بعد زيارة المحافظ للمدينة في أيار الماضي، لمدة 15 يوماً فقط لإزالة بعض الأنقاض. وبيّن رئيس المجلس أن 2100 عائلة تقدمت بطلبات للعودة، تمت الموافقة على 730 منها، ومنح المجلس 190 إذن ترميم، ولكن عادت فعلياً فقط 90 عائلة للعيش في مدينة الحجر.
وتشترط محافظة ريف دمشق، مجموعة من الشروط للسماح للنازحين بالعودة إلى حيي تشرين والثورة، وهي: تعبئة استمارة وارفاقها بوثائق تثبت ملكية العقار المطلوب العودة إليه، بالإضافة إلى إخراج قيد عائلي، وصور عن البطاقات الشخصية لأفراد العائلة. وبعد ذلك، تتم دراسة الملف من قبل الأجهزة الأمنية، والتي تُصدر موافقتها أو رفضها. وفي حال الموافقة الأمنية، تقوم لجنة فنية من البلدية بالكشف على البناء وتقييم الأضرار فيه. وفي حال كونه صالحاً للسكن، يتوجب على صاحب العقار التقدم بطلب للحصول على إذن لترميم البناء من البلدية. وبعدها، تصدر الموافقة النهائية بالعودة.
رئيس مجلس مدينة الحجر الأسود، كان قد لصحيفة الوطن شبه الرسمية في 4 تموز، بأن المجلس وقّع اتفاقاً مع منظمة إسعاف أولي الدولية، لتمويل تأهيل مدرسة الحجر الأسود الثالثة للتعليم الأساسي “الابتدائي” في حيّ الثورة. وباشرت بالفعل محافظة ريف دمشق في 27 تموز عملية تأهيل المدرسة، على أن يتم الانتهاء من الأعمال بعد شهرين، بحسب العقد الموقع مع إسعاف أولي. كما ستقوم، بحسب رئيس المجلس، منظمة اليونيسف، بتجهيز مدرسة أخرى من دون تحديدها. في حين تعهدت منظمة أدرا بتجهيز وتأهيل باقي المدارس التابعة لمحافظة ريف دمشق في المدينة.
ولم يتحدث رئيس المجلس عن وضع المدارس التابعة لمحافظة القنيطرة في مدينة الحجر الأسود.
ويعتمد العائدون في تأمين الكهرباء، على الطاقة الشمسية والمولدات الكهربائية والبطاريات، إذ لم تقم شركة كهرباء ريف دمشق، بتركيب محولات كهربائية بسبب مشاكل لوجستية، بحسب التصريحات الرسمية. وكان المحافظ السابق لريف دمشق، قد أعطى في 30 نيسان الماضي، مهلة خمسة أيام لشركة الكهرباء لتركيب المحولات، وهو الأمر الذي لم يتحقق.
وأيضاً ستقوم منظمة أدرا بتركيب منظومة طاقة شمسية لتشغيل بئري ماء حفرتهما مؤسسة مياه ريف دمشق سابقاً. ويفترض أن يتم استخدام البئرين، بعد تشغيل المضخات فيهما، لتزويد الصهاريج بالمياه، وتوزيعها على السكان. إذ ما زالت شبكة المياه والصرف الصحي متضررة في جميع الأحياء، ومنها تلك المأهولة بالسكان.
رئيس المجلس أشار إلى أنه بالتعاون مع منظمة الصليب الأحمر الدولي، جرى تنفيذ مشروع لصيانة واستبدال لخط الصرف الصحي المار من مدينة الحجر الأسود، والواصل بين حي القدم المجاور، وبين محطة ضخ مخيم اليرموك لمعالجة مياه الصرف الصحي. وقد تضرر هذا الخط خلال الاشتباكات، أثناء فترة الحصار التي فرضتها قوات النظام على مناطق سيطرة المعارضة جنوبي دمشق. منظمّة الصليب الأحمر الدولية، ساهمت مؤخراً، في إصلاح وترميم مقاطع من ذات خط الصرف الصحي في مخيم اليرموك أيضاً.
وأخيراً، وعدت منظمة أدرا بترحيل الأنقاض، بحسب رئيس المجلس. ولكن، لم تتمكن سيريا ريبورت من التأكد من المواقع المتوقع إزالة الأنقاض منها، ولا طريقة الإزالة، وتحت أحكام أي قانون ستنفذ.