مساكن مؤقتة مسبقة الصنع لمتضرري الزلزال
التقرير الأول لغرف عمليات المحافظات المنكوبة، الصادر في 14 أذار 2023، كان قد أكد على وجود مسار متوسط الأمد لمعالجة قضية السكن لمتضرري زلزال 6 شباط، وهو المتعلق بتجهيز وحدات سكنية مسبقة الصنع لاستقبال واستضافة الأسر المتضررة. ويبدو بأن هناك توجه حكومي لحصر تمويل هذا المسار بجهات مانحة دولية أو إقليمية؛ كالعراق والإمارات والصين.
وبسبب نقص الوضوح والبيانات الدقيقة حول هذا المسار، يمكن الاستنتاج من المعلومات المنشورة حوله في وسائل الإعلام الرسمية، أنه يندرج ضمن المرحلة الثانية متوسطة المدى في خطة العمل الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال، التي أعلن عنها مجلس الوزراء في 15 شباط وأقرها في 15 نيسان.
في هذه المشاريع يظهر تباين في التسميات والمصطلحات؛ من سكن الإيواء إلى المساكن المؤقتة، أو مسبقة الصنع أو السكن البديل. ومن تحديد صفات هذا النوع من السكن، ستعتمد هذه المقالة اسم: الوحدات السكنية مسبقة الصنع المؤقتة لمتضرري الزلزال. وفي كل الأحوال، تتباين التصريحات الرسمية حول الموضوع، وتظهر فيها تناقضات في أعداد هذه الوحدات ومساحاتها، ومساحات المناطق المخصصة لها. وتجدر الإشارة إلى أن محافظتي حلب واللاذقية حددت مواقع إشادة هذه المساكن، في حين تولت جهات إقليمية ودولية بناء الوحدات فيها. ويمكن أن يضم الموقع الواحد مساهمة من أكثر من جهة منحة.
الحشد الشعبي العراقي
رئيس الوزراء حسين عرنوس، تفقد خلال زيارته إلى حلب، في 10 حزيران الجاري، موقعاً في منطقة جبرين شرقي مدينة حلب مخصصاً لإقامة 332 وحدة سكنية مؤقتة مسبقة الصنع لمتضرري الزلزال. ويعمل على تنفيذ المشروع الحشد الإغاثي العراقي، وهو ذراع مدنية لميليشيا الحشد الشعبي العراقي المؤلفة من فصائل شيعية عراقية مسلّحة موالية للحرس الثوري الإيراني.
وكانت غرفة عمليات محافظة حلب، قد اعتمدت في آذار، مخططاً لم تكشف عن تفاصيله، لإشادة وحدات سكنية مؤقتة مسبقة الصنع مخصصة لإيواء المتضررين من الزلزال، على مساحة 50 هكتاراً في جبرين. وتقع جبرين بالقرب من مطار حلب الدولي، وتحيط بها المنطقة الصناعية ومحطة حلب للقطارات، وقد ضمّت إلى الحدود الإدارية لمدينة حلب في العام 1996. وقد أقيم فيها في العام 2017 مركز إيواء ومخيمات للنازحين.
محافظ حلب حسين دياب، كان قد صرح للإعلام خلال زيارته لمشروع الحشد الإغاثي العراقي في جبرين، في 9 نيسان، أن البدء بتركيب الوحدات السكنية المؤقتة هو مرحلة جديدة على طريق التعافي، ونقطة هامة للانتقال من مراكز الإيواء الجماعية. وقد تولت محافظة حلب تسوية الأرض وتجهيزها وتنفيذ أعمال البنية التحتية.
في 15 نيسان، أعلنت وكالة سانا، أن الورشات الفنية التابعة لمبادرة الحشد الإغاثي الشعبي العراقي، بالتعاون مع محافظة حلب، أنجزتا 100 شقة سكنية مسبقة الصنع في جبرين. عضو مكتب تنفيذي في مجلس محافظة حلب، قال أن محافظة حلب خصصت لمبادرة الحشد الإغاثي الشعبي، مساحة 13 هكتاراً في جبرين.
منسق مبادرة الحشد الإغاثي الشعبي العراقي غالب الحسيني، قال لسانا، في 15 نيسان، إن مشروع المبادرة يستهدف إقامة 500 وحدة سكنية، تم الانتهاء من 100 منها وأصبحت جاهزة للتسليم. وتبلغ مساحة كل شقة 36 متراً مربعاً، ومؤلفة من غرفتين وصالون وملحقاتها، ومزودة بلوح طاقة شمسية. ويدخل الحديد كمادة أساسية في تصنيع هذه الوحدات، مع مواد العزل الصوتي والحراري، وسيتم تجهيزها بالفرش المنزلي اللازم لحياة الأسرة، وتبلغ قدرتها الاستيعابية من 6 إلى 8 أفراد. وأشار الحسيني إلى أنه من المقرر إنجاز المرحلة الأولى من المشروع خلال فترة شهرين، وتتضمن تسليم 300 شقة سكنية.
الصين
في نهاية أيار الماضي، وقّع وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، والسفير الصيني في سوريا شي هونغوي، على وثيقة استلام غرف مسبقة الصنع، مقدّمة من الشعب الصيني لمتضرّري الزلزال في سوريا. وقال الوزير السوري أن توزيع الغرف سيكون مناصفة بين محافظتي حلب واللاذقية. وهي جزء من خطة لمراكز الإقامة المتوسطة للإيواء، ويمكن استعمالها كمستوصفات متنقلة أو غرف صفية، حسب احتياجات المدارس، أو مطابخ مؤقتة لمراكز الإيواء، وغيرها من الاستخدامات.
مدير مكتب تنظيم نقل البضائع في محافظة حلب، قال لموقع أثر برس الإلكتروني، في 20 نيسان، أن قافلة تضم 13 شاحنة، نقلت 25 حاوية فيها 100 مسكن مسبق الصنع، من باخرة صينية وصلت في ميناء اللاذقية إلى منطقة جبرين في حلب، على أن تصل بقية المساكن على متن سفن أخرى.
في حين استقبلت محافظة اللاذقية حصتها من المساكن مسبقة الصنع من الصين في صحيفة الوطن، في 10 نيسان. وبيّن عضو مكتب تنفيذي في محافظة اللاذقية، أن الهدية التي وصلت على متن سفينة ليدي ميا، وتحمل 228 وحدة سكنية، ضمن 57 حاوية، وتم تسليمها إلى فرع الهلال الأحمر العربي السوري، ليصار إلى توزيعها على الأماكن والمناطق التي حددتها المحافظة لإنشاء مساكن مؤقتة للمتضررين من الزلزال.
وأكد المسؤول أن من سيستفيد من هذه الوحدات هم المتضررون من الزلزال ممن تهدمت منازلهم وفقدوا بيوتهم، أو ممن تضررت منازلهم وباتت آيلة للسقوط، وذلك وفق آلية محددة تشمل المتضررين فعلياً. ولم يوضح المسؤول ما هي هذه الآلية المحددة، لكنه أوضح بأن الوحدة السكنية الواحدة مؤلفة من غرفة ومنتفعاتها، ومساحتها تتراوح بين 40–50 متراً مربعاً.
الإمارات
في مؤتمر صحافي في اللاذقية، في 17 نيسان، أكد رئيس وفد الهلال الأحمر الإماراتي محمد الكعيبي، أن الإمارات ستبني 1000 وحدة سكنية مسبقة الصنع لمتضرري الزلزال في محافظة اللاذقية. وكان رئيس الوفد قد قال، في 6 نيسان، خلال إطلاق العمل بأول وحدة سكنية مسبقة الصنع في حي الغراف بمدينة اللاذقية، أن الهدف من إقامة هذه المساكن هو تخفيف الضغط على مراكز الإيواء. وأضاف أنها بمثابة مراكز إيواء مؤقتة تضم 1000 وحدة سكنية مقسّمة على 7 مناطق.
محافظة اللاذقية كانت قد حددت سبعة مواقع لإقامة مشاريع السكن مسبق الصنع، على الشكل التالي: في مدينة اللاذقية ثلاثة مواقع؛ اثنان في حي الغراف وواحد في دمسرخو. في منطقة جبلة، ثلاثة مواقع؛ في أحياء النقعة والفوار والفيض، وفي منطقة القرداحة موقع واحد في اسطامو.
وكانت غرفة عمليات الإغاثة في محافظة اللاذقية، قد أشارت إلى أن العمل سينطلق اعتباراً من موقع الغراف. ومساحة الوحدة السكنية الواحدة 42 متراً مربعاً، ولها نموذج موحد. وأضافت غرفة عمليات الإغاثة في محافظة اللاذقية أن التنسيق مع المنظمات الدولية قائم بغرض تمويل تلك المشاريع بالشوارع المؤقتة والأرصفة والإنارة العامة والنقاط الطبية. في حين توقع محافظ اللاذقية، أن مدة الإنجاز ستكون بين 6-8 أشهر، بما في ذلك تزويد المواقع بالبنى التحتية من شبكات مياه وكهرباء وصرف صحي.
من جهته، أكد محافظ اللاذقية، خلال اجتماعه مع مديري المؤسسات والمديريات الخدمية والإنشائية في المحافظة، في 16 نيسان، على ضرورة الإسراع في تنفيذ البنى التحتية في المواقع المعدّة لإقامة المساكن المؤقتة الإماراتية. وأشار إلى ضرورة المتابعة الدورية لكل المواقع، وسرعة تنفيذ الخدمات والبنى التحتية في المواقع المعدّة لإنشاء المساكن المؤقتة بما يسهم في تقليل مدة تسليم المساكن المنجزة.
وبحسب ما نشرته صحيفة الوطن شبه الرسمية في 9 أيار، قال رئيس بلدية قمّين، التي تتبع لها قرية اسطامو، أن مشروع إقامة مساكن مسبقة الصنع بالتعاون مع الجانب الإماراتي، قد توقف مؤقتاً بسبب عدم وجود أرض مناسبة من الأملاك العامة في نطاق بلدية قمين. لذا، اقترحت البلدية استئجار أرضٍ لمدة 40 سنة قابلة للتجديد تلقائياً، وهو ما رفضته وزارة الإدارة المحلية. واشترطت الوزارة شراء أرض بسعر مناسب، وإشادة الوحدات السكنية المؤقتة عليها. وبحسب ما نشرته لاحقاً صحيفة الوطن، فإن إصرار الوزارة على شراء الأرض، يعود إلى الرغبة بضمان استقرار المشروع في المستقبل، وخدمةً للمتضررين والوحدة الإدارية بشكل عام. وبالفعل، وافق مجلس محافظة اللاذقية، في 18 أيار، على طلب مجلس بلدية قمّين، بمنحه هبة بقيمة 210 ملايين ليرة، لشراء أرض يقام عليها مساكن مؤقتة للمتضررين من الزلزال في اسطامو، على أن يقوم الهلال الأحمر الإماراتي بتنفيذها. في 9 أيار، قالت وكالة سانا الرسمية، أن محافظة اللاذقية بدأت الإجراءات القانونية بنقل ملكية الأرض في اسطامو، قبل البدء بتجهيزها والمباشرة بالأعمال الإنشائية فيها. ومساحة الأرض 10 دونمات تتسع لـ85 وحدة سكنية مسبقة الصنع، على أن يتم إنجاز المشروع خلال 8 أشهر.