مرسوم العفو الجديد ومصير أملاك المحكومين بالإرهاب
أصدر الرئيس السوري بشار الأسد المرسوم التشريعي رقم 7، في 30 نيسان 2022، المتضمن عفواً عاماً عما وصفه بـ”الجرائم الإرهابية” المرتكبة قبل تاريخ صدوره، باستثناء “الجرائم” التي أفضت إلى موت إنسان.
ويشمل مرسوم العفو الجرائم المنصوص عليها في كل من قانون مكافحة الإرهاب رقم 19 لعام 2012، وقانون العقوبات السوري رقم 148 لعام 1949. وكغيره من مراسيم العفو السابقة، ووفقاً للقواعد العامة، فإن مرسوم العفو الجديد اقتصر على إسقاط العقوبة ودعاوى الحق العام فقط، ولا يشمل دعاوى الحق الشخصي أو الحق بالتعويض عن الضرر اللاحق بالمجني عليهم.
ولم يتطرق مرسوم العفو أيضاً إلى الأحكام التي حكمت بها محكمة الإرهاب بموجب القانون رقم 19 بخصوص مصادرة الأملاك والغرامات المالية والتعويض على المجني عليهم. وهنا يجب التمييز بين هذه الأنواع الثلاثة من العقوبات المالية، وكيفية معالجتها من قبل مرسوم العفو رقم 7 لعام 2022. إذ أن العفو يشمل الغرامة فقط، لا المصادرة ولا التعويضات المالية للمجني عليهم من المُدّعين شخصياً. ويبقى ذلك في خانة الاحتمال، إذ يمكن أن تصدر تعليمات وقرارات لاحقة على المرسوم، تنص صراحة على غير ذلك خاصة فيما يتعلق بمصادرة أملاك المحكومين بـ”الإرهاب” في حال لم يكن هناك من مُدّعيّن شخصيين ومتضررين.
الغرامة:
والغرامة في الجنايات، بحسب الاجتهاد القضائي لمحكمة النقض في القرار 476/483 عام 1963، هي عقوبة إضافية يشملها العفو العام كما يشمل العقوبة. وتستوفي الغرامة من كافة أموال المحكوم عليه المنقولة وغير المنقولة، بالحجز عليها وفقاً لأصول معينة في تحصيل ديون الدولة عن طريق وزارة المالية.
وفي حال أراد المرسوم استثناء الغرامة من العفو، أورد ذلك صراحة، كما حدث في مرسوم العفو السابق رقم 13 الصادر في العام 2021، الذي نص على الاستثناء من العفو للغرامات المتعلقة بمخالفات الجمارك، ومخالفات البناء، والكهرباء، والصرافة. وباعتبار أن المرسوم 7/2022 لم يستثنِ الغرامة، فهذا يعني أنها تسقط عن المحكوم عليه
المصادرة:
بينما المصادرة، بحسب قانون مكافحة الإرهاب رقم 19، لأموال وعقارات المحكوم عليهم، هي حرمانهم الدائم من الأموال المنقولة وغير المنقولة، وانتقال ملكيتها للدولة. وتُصنّفُ المصادرة وفقاً لقانون العقوبات ضمن العقوبات المالية الإضافية، التي يتم بموجبها نزع ملكية المحكوم عليه جبراً ليصبح ملكاً للدولة من غير مقابل.
ويفترض أن يصدر حكم نهائي في المصادرة، لكن قانون الإرهاب أعطى محكمة الإرهاب صلاحية إصدار قرار تجميد أموال المتهم بالإرهاب عند صدور حكم الإدانة، ثم تنقلب إلى مصادرة بعد صدور الحكم النهائي أي حجزها تنفيذياً.
وعلى عكس الغرامة، فالمصادرة ليست مشمولة بالعفو ضمناً عند سقوط العقوبة عن المحكومين. ومرسوم العفو الجديد لم يشمل أحكام المصادرة بصراحة، ما يعني أن الأملاك المصادرة تبقى ملكيتها لصالح الدولة. وهنا، يجب التوضيح بأن المصادرة هي إجراء جزائي مالي الغرض منه تمليك الدولة أشياء مضبوطة ذات صلة بالجريمة وبغير مقابل.
التعويض:
محكمة الإرهاب مختصة بالنظر في دعاوى الحق العام التي تتضمن قضايا الإرهاب، وتنظر في دعاوى الحق الشخصي المرتبطة مع دعاوى الحق العام. ولكن عندما تسقط دعاوى الحق العام بالعفو، فإن المحكمة تتوقف عن متابعة النظر في دعاوى الحق الشخصي، وينبغي على صاحب الحق إقامة دعوى المطالبة بالتعويض أمام القضاء المدني. وهنا، للتعويض لصالح المُدعي الشخصي “المجني عليه”، فينبغي عليه شخصياً متابعة تنفيذ الحكم ومتابعة باقي إجراءات الحجز التنفيذي على أموال المحكوم عليه بحدود مبلغ التعويض المحكوم له به.