مرج السلطان: حماية الأقليات لا تُعيد الأراضي لأصحابها الشركس
من أصل 3500 شخص من أهالي بلدة مرج السلطان الشركسية في الغوطة الشرقية قبل العام 2011، لا يقيم فيها حالياً سوى حوالي 500 شخص فقط.
ويعود أول تاريخ معروف لمرج السلطان إلى العام 1878 عندما تمّ إحداثها كمرعى للخيول في الفترة العثمانية، قبل أن يمنحها والي دمشق العثماني مدحت باشا، للشراكس المهجرين من القوقاز. وبعد حرب حزيران عام 1967، نزح شراكس القنيطرة إلى البلدة. بلدة مرج السلطان حالياً، هي جزء من قطاع المرج في الغوطة الشرقية، والمؤلف من 28 بلدة. والبلدة معروفة بعمرانها الفخم المستمد من نمط المرحلة الكولونيالية الفرنسية.
وقد سيطرت عليها قوات النظام في العام 2015، لينزح الأهالي الشركس إلى الغوطة، قبل خروج بعضهم منها عبر الأنفاق إلى مدينة دمشق بعدما تلقوا وعوداً من الأجهزة الأمنية بعدم الملاحقة. لكن، تلك الأجهزة سرعان ما نكثت بوعدها واعتقلت عشرات الشباب، وجنّدت آخرين للقتال في صفوف قوات النظام. جزء كبير من أهالي البلدة تمّ تهجيرهم قسراً مع بقية أهالي الغوطة إلى الشمال السوري، في العام 2018.
وعندما كانت البلدة خالية من السكان، 2016-2018، اتخذ ضباط في قوات النظام منها مقراً لإدارة العمليات العسكرية في قطاع المرج. كما اتخذ الضباط من منازل ومزارع بلدة المرج مقار عسكرية وسكنية لهم، وكذلك مُنحت الميليشيات الموالية للنظام المقاتلة على الجبهات الشرقية للغوطة مقار عسكرية ومراكز إدارية في البلدة، وتم تحويل مدرسة البلدة إلى مكتب مالي لتسليم رواتب المقاتلين.
المحاباة الأمنية المُستجدّة للأقلية الشركسية ساهمت في الاستجابة لطلب وجهاء البلدة بإخلائها من المقرات العسكرية التي أُحدثت فيها بين العامين 2016-2018، كشرط لعودة الأهالي. ومعظم العائدين إلى المرج، بحسب مراسل سيريا ريبورت، هم من الموظفين في المؤسسات الحكومية والقطاع العام، ومن الموالين للنظام. وقد سمحت لهم الأجهزة الأمنية، على عكس سكان بقية بلدات الغوطة الشرقية، بترميم منازلهم وإعادة تأهيل مزارعهم. كما قام بعضهم بإعادة ترميم ممتلكات ذويهم المقيمين خارج سوريا.
محاباة الأجهزة الأمنية الحالية للشراكس، تأتي من باب ادعاء النظام حمايته للأقليات خلال مرحلة الثورة السورية. لكن، لأهالي المرج مطالب ومظلوميات قديمة، لم تستجب لها الدولة السورية، وكانت قد ساهمت بانتفاضهم ضد النظام في العام 2011. إذ سبق وخضعت البلدة، في السبعينيات، لعمليات مصادرة جائرة شملت حوالي 200 هكتار من أصل 420 هكتاراً من أراضيها الزراعية. وزارة الدفاع صادرت مساحات واسعة من أراضي البلدة، وشُيّدت عليها مطارين للحوامات، رئيسي واحتياطي. الأرض المصادرة كانت تضمّ نبع ماء يستخدمه الفلاحون في ري مزروعاتهم. ومن الجهة الشرقية للبلدة، صودرت أراضي زراعية أخرى، وتم إنشاء كتيبة الرادار فيها. وكذلك تمت مصادرة أراضي أخرى وتحويل جزء منها إلى مشتل زراعي، وجزء آخر أقيمت عليه مداجن. أهالي البلدة رفضوا التنازل عن ممتلكاتهم، ورفضوا استلام التعويض الذي اعتبروه هزيلاً (15 قرش سوري عن كل دونم).
ولسبب غامض عزته مصادر محلية لإشعاعات كانت تصدر عن كتيبة الرادار، شهدت بلدة مرج السلطان كثيراً من الإصابات السرطانية بين سكانها. ولذا، سبق أن وقّع الأهالي عريضة في العام 2006، طالبت بإزالة الثكنات والمواقع عسكرية من أراضي البلدة، ورفض مصادرة الممتلكات الخاصة. وقوبلت طلبات الأهالي بالرفض القاطع.