مراكز الإيواء في مدينة اللاذقية
منذ وقوع زلزال 6 شباط، لجأ كثير من الناجين الذين تضررت مساكنهم جزئيا أو كلياً، إلى العشرات من مراكز الإيواء التي أقيمت على عجل في مدينة اللاذقية. ومع تراجع المخاوف من وقوع هزات ارتدادية، وعودة الكثيرين إلى مساكنهم بعد التأكد من سلامتها، تقلص عدد مراكز الإيواء في مدينة اللاذقية إلى 15 مركزاً حالياً، بحسب مراسلة سيريا ريبورت.
المدارس
بعد انهيار البناء المقابل لمسكنهما، لجأت منيرة وزوجها، وكلاهما في آواخر الستينات من العمر، إلى مركز الإيواء المقام في إحدى مدارس مدينة اللاذقية. تقول منيرة، إن جميع قاطني المركز الـ24، بقوا من دون أي مساعدة لأيام بعد الزلزال. وبسبب البرد الشديد والنوم على المقاعد الخشبية المخصصة للطلاب، أصيبت منيرة بآلام حادة في الكليتين أسعفت على أثرها إلى المستشفى. تقول منيرة أن غالبية الأطفال في المركز أصيبوا بنزلات البرد. الفرق التطوعية من منظمات غير حكومية، وصلت إلى المركز فقط في اليوم الخامس على الزلزال، وقدمت وجبات طعام للقاطنين فيه. الفرق قدمت فرشات وحرامات وأدوية وحليب أطفال. وبعد ذلك، عادت منيرة وزوجها إلى منزلهما الذي لم تفحصه بعد فرق السلامة الانشائية. ورغم مخاوفهما من الهزات الارتدادية واحتمال وجود تصدعات غير مرئية، يبقى المنزل أرحم من مركز الإيواء، بالنسبة لمنيرة وزوجها.
مراكز الإيواء المقامة في مدارس مدينة اللاذقية، هي الأسوأ لجهة سوء الخدمات فيها. فالمدارس تعاني بالأصل من سوء الخدمات وانقطاع الكهرباء المستمر، وسوء دورات المياه، وعدم توفر الماء الساخن، وغياب النظافة. في البداية أقيمت مراكز إيواء في 25 مدرسة، لجأ إليها الناس بعد الزلزال. وأقام أولئك في الغرف الصفية، بلا أغطية ولا كهرباء، ولا تدفئة، ولا ماء ساخن، ولا حمامات تعمل بشكل جيد.
في بضعة حالات، تعرضت نساء لمضايقات في مراكز الإيواء في المدارس، غالباً بسبب غياب الرقابة على هذه المراكز. نائلة شابة عشرينية، تعيش وحدها، انهار جزء من البناء الذي كانت تسكنه، فنزحت مع جيرانها إلى مركز إيواء في مدرسة قريبة. وهناك، حاول شاب استغلال حاجتها للسكن، فكرر عليها عرضاً بالانتقال إلى شقة لتقيم فيها وحدها. وبعد رفضها الأمر، عرض عليها الشاب زواجاً عرفياً. وللتخلص من الإزعاج، سافرت نائلة عند أقاربها خارج مدينة اللاذقية.
الملعب البلدي والمدينة الرياضية
من جانب آخر، سعيد، نزح مع أهله إلى مركز الإيواء في الملعب البلدي بمدينة اللاذقية، بعدما انهار منزلهم بشكل جزئي. ولأن سعيد ناشط في إحدى منظمات المجتمع المدني، فقد تمكنت عائلته بفضل علاقاته، من الحصول على مدفأة كهربائية، وتشغيلها. كما تمكنت أخواته البنات من الحصول على بعض الخصوصية في غرفة خاصة.
المنظمات الإغاثية أمدت مركز الإيواء في الملعب مباشرة بعد الزلزال، بثلاث وجبات طعام يومياً لكل القاطنين، كما أمنت الأدوية لمحتاجيها. ويعتبر مركز الإيواء في الملعب البلدي من أفضل المراكز، بحسب مراسلة سيريا ريبورت. وقد نزح إليه مباشرة بعد الزلزال 4000 شخص، وبقي فيه ساعة إعداد هذا التقرير حوالي 300 شخصاً.
إذ تتوفر فيه الكهرباء، بتقنين لساعتين يومياً فقط. الأمر نفسه ينطبق على مركز الإيواء في المدينة الرياضية الذي سبق واستقبل خلال سنين الحرب أعداداً كبيرة من النازحين من حلب وريف اللاذقية. ولذا، كان هذان المركزان الأفضل بالتواصل مع المنظمات غير الحكومية، والمؤسسات الحكومية، لتقديم الإغاثة.
المساجد
راما، فتاة نزحت مع زوجها وولدها الرضيع، إلى أحد المساجد القريبة من مسكنهم الذي ظهرت فيه بضعة تصدعات نتيجة الزلزال. وقد عانت العائلة الصغيرة في المركز بسبب غياب الخصوصية. إذ يعيش جميع قاطني المركز ضمن حرم الجامع، من دون أي فاصل بينهم، ما يجعل من تبديل الملابس، والاعتناء بالنظافة الشخصية، أمرا شديد الحرج خاصة للنساء. في الأيام الأولى بعد الزلزال، وصلت إلى الجامع مساعدات غذائية، ولكن تم توزيعها بكثير من الفوضى. بعد اليوم السادس فقط حتى بدأت بعض المنظمات، بالاهتمام أكثر بحاجيات النساء الأساسية.
وبحسب قاطنيها، تعتبر مراكز الإيواء في المساجد من أفضل المراكز، بسبب التنظيف المستمر لها، وتوافر الكهرباء والماء الساخن دائما. ولكن، تظل أبرز المشاكل التي تواجه قاطني مراكز الإيواء في المساجد، هي افتقاد الخصوصية، خاصة للنساء.