مراكز إيواء لمتضرري الزلزال في إدلب
ما تزال قضية إيواء الناس المتضررة مساكنهم من زلزال 6 شباط، تحدياً مستمراً للمنظمات غير الحكومية، وكذلك لحكومة الإنقاذ التابعة لهيئة تحرير الشام المسيطرة على إدلب. وتقوم حكومة الإنقاذ بدور المنسق لتوجيه الاستجابة إلى عشرات مراكز الإيواء التي أقيم أغلبها بشكل عشوائي.
وأقيم في إدلب 52 مركز إيواء مؤقت، بحسب خريطة أعدتها المديرية العامة للشؤون الإنسانية في حكومة الإنقاذ، ووزعتها على المنظمات غير الحكومية المستجيبة للكارثة. ويقطن تلك المراكز ما يزيد عن 7,500 عائلة، أي حوالي 37,500 نسمة. معظم مراكز الايواء في إدلب أقيمت على أملاك عامة أو وقفية، مثل باحات المدارس والحدائق والمساجد والملاعب العامة، وكذلك مخيمات قديمة كان يقطنها نازحون إلى المنطقة. كما أقيمت بعض مراكز الإيواء المؤقتة على أملاك خاصة بموافقة أصحابها.
ولا يقطن جميع المتضررة مساكنهم من الزلزال في مراكز الإيواء المؤقتة تلك. وقد بلغ عدد المتضررين حتى 2 آذار، 10,210 عائلة، بحسب إحصاءات لجنة الاستجابة الطارئة المشكلة من حكومة الإنقاذ. إذ توجه جزء من المتضررين للسكن عند أقاربهم، أو نصبوا خياماً فردية بالقرب من منازلهم المدمرة أو المتضررة.
من جانب آخر، فقد أشرفت مديرية الشؤون الإنسانية حتى 26 شباط، على نقل أكثر من 690 وافداً سورياً قادماً من تركيا إلى مراكز الإيواء المؤقتة في إدلب. وقد سمحت السلطات التركية للسوريين المقيمين في المناطق المتضررة في تركيا، بالعودة المؤقتة إلى سوريا، فيما بات يُعرف بإجازة الزلزال. وبلغ عدد العائدين، بحسب احصائيات معبر باب الهوى الحدودي، حوالي 15 ألف شخص حتى 1 آذار الجاري.
ومن المراكز الـ52، 23 في مدينة حارم وريفها التي تعرضت لدمار كبير بنتيجة الزلزال. في مدينة حارم لوحدها انهار 35 بناء بشكل كامل، وتصدع 360 بناء، ما تسبب بمقتل حوالي 500 شخص. في ريف حارم انهارت ضاحية سكنية حديثة شرقي بلدة بسنيا، ما تسبب بمقتل 200 شخص.
وتعاني معظم مراكز الإيواء من عدم توفر بعض الخدمات الأساسية من شبكات الماء والصرف الصحي، والكهرباء. ولذا، لجأت بعض المنظمات لإضافة حمامات متنقلة، وخزانات لمياه الشرب والغسيل، وفرشت أرضيات بعض المراكز بالبحص. جهود المنظمات ومبادرات مجتمعية كانت وراء تجهيز بعض المراكز الأخرى، من نصب الخيام وصب أرضيات أسمنتية لها، وحفر مجاري لتصريف ماء الصرف الصحي.
المنظمات غير الحكومية وزعت الخيام والفرشات والاغطية، وأيضاً السلل الغذائية، ووجبات الطعام، بتنسيق مع المديرية العامة للشؤون الإنسانية، لضمان وصول المساعدات لجميع المراكز. ومع ذلك، يغيب التنسيق على الأرض بين المنظمات. إذ يحدث أن يتم توزيع مساعدات أو وجبات طعام في مركز واحد، من قبل أكثر من منظمة.
يبدو ملفتاً تضاعف أسعار الخيام في إدلب، نتيجة الطلب الكبير عليها من قبل المنظمات والأفراد. مثلاً، الخيمة محلية الصنع متوسطة الجودة ارتفع سعرها من 150 إلى 350 دولاراً بعد الزلزال. ويجري تصنيع تلك الخيام محلياً، غالباً من قبل ورشات حدادة، تقوم بتفصيل أوتاد الحديد، وقص القماش والعوازل البلاستيكية. الأسعار المرتفعة للخيام ترافقت أيضاً مع تراجع جودتها بسبب تردي أنواع القماش والبلاستيك المستعملة، وسوء التصنيع لمواكبة الطلب الكبير.
وتختلف الاستجابة من منطقة إلى أخرى. إذ لم تصل كثير من المساعدات إلى قرى الملند ومرعند والناجية وبداما في ريف جسر الشغور الغربي، التي ما زال الأهالي فيها بحاجة ماسة للخيام، ويضطر كثير منهم للمبيت في العراء.
وليس واضحاً ماذا سيكون مصير قاطني مراكز الإيواء المؤقتة هذه، وإلى متى سيبقون فيها. ولا توجد خطوات عملية لإنشاء مساكن جديدة لهم تكون منظمة ومخدّمة ببنية تحتية جيدة. كما لا توجد لحد اليوم خطة لترميم المنازل المتضررة. ويخشى كثير من قاطني مراكز الإيواء أن تتحول إلى مخيمات جديدة تضاف إلى عشرات المخيمات القائمة أصلاً للنازحين والمُهجرين قسرياً من مناطق النظام إلى إدلب.