مخيم الحسينية: العودة الانتقائية
لم يتمكن جزء كبير من سكان مخيم الحسينية للاجئين الفلسطينيين جنوب شرقي دمشق، من العودة إليه بعدما تحوّل إلى ما يشبه معسكراً كبيراً يتعذر دخوله والخروج منه إلا عبر حاجز أمني واحد على مدخله الرئيسي.
ويقع مخيم الحسينية في منطقة حوش صهيا التي تبعد عن مركز العاصمة دمشق مسافة 13 كيلومتراً، وعن مدينة السيدة زينب مسافة كيلومترين. وكان يُعتبر ثاني أكبر المخيمات الفلسطينية في سوريا إذ بلغ عدد سكانه في العام 2012 بحدود 50 ألفاً، أكثر من نصفهم من اللاجئين الفلسطينيين، بحسب إحصاءات غير رسمية منشورة في موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين. المخيم يعتبر حديثاً نسبياً إذ تأسس في العام 1982 وكانت تشرف عليه ثلاث بلديات تتبع لمحافظات دمشق وريف دمشق والقنيطرة. وشهد المخيم توسعاً عمرانياً وزيادة سكانية نتيجة النزوح إليه من مخيم جرمانا للاجئين في الثمانينات نتيجة تعرض منازلهم للهدم مع توسيع طريق دمشق-جرمانا.
وقد تعرض المخيم إلى دمار كبير خلال سيطرة فصائل المعارضة الوجيزة عليه في العام 2013، نتيجة قصفه بكثافة من قبل قوات النظام، بقذائف المدفعية والبراميل المتفجرة والطيران الحربي. القصف تسبب بتهجير أغلب السكان، وأيضاً بخروج شبكتي الكهرباء والصرف الصحي عن الخدمة.
قوات النظام كانت قد منعت عودة السكان إلى المخيم حتى آب 2015، أي بعد ثلاث سنوات من السيطرة عليه تقريباً. وبررت قوات النظام ذلك بحماية السكان من مخلفات الحرب، والعمل على إعادة تأهيل المخيم. وزير المصالحة، قال مطلع العام 2016، إن الحكومة وبغرض تسهيل عودة السكان إلى المخيم، أعادت تأهيل البنى التحتية فيه من شبكات الكهرباء والطرقات والصرف الصحي والمياه، وقد بلغت تكاليف ذلك نحو 300 مليون ليرة.
قوات النظام، ممثلة بالأمن العسكري، اشترطت على من يرغب بالعودة إلى المخيم إثبات ملكية عقاره، والحصول على الموافقات الأمنية اللازمة. وفي المقابل، مُنِعَت العودة بشكل صريح على العائلات التي عمل أحد أفرادها في صفوف المعارضة السياسية أو المسلحة، أو في منظمات المجتمع المدني خلال فترة سيطرة المعارضة، بحسب مصادر أهلية تحدثت لسيريا ريبورت.
ولضبط الحركة في المخيم، حُصرَ الدخول والخروج إليه عبر الحاجز التابع للأمن العسكري في مدخل المخيم الرئيسي، فيما سُدّت بقية منافذ المخيم بالسواتر الترابية.
واستولت قوات النظام على منازل المعارضين، وأسكنت فيها عائلات موالية من عائلات أفراد الميليشيات الشيعية. قوات النظام لم تكتف بذلك، بل فجّرت عدداً من منازل المعارضين، بعدما صادرت محتوياتها. وفي كل الأحوال، لم تتجاوز نسبة العائدين للمخيم أكثر من نصف قاطنيه السابقين، بحسب مصادر محلية تحدثت لسيريا ريبورت.
العودة إلى المخيم كانت على مراحل بحسب الشرائح السكانية؛ بداية بعائلات لجنة المصالحة في المخيم وعائلات ذوي القتلى من قوات النظام والميليشيات الموالية، ثم موظفي الوزارات والقطاع العام، ثم بقية السكان.حاجز الأمن العسكري منع عائلات محددة من العودة رغم حصولها على الموافقات الأمنية، متذرعاً بانتماء أحد أفرادها لمؤسسات المعارضة أو فصائلها المسلحة. كما مُنعت العودة على المستأجرين سابقاً في المخيم.
ومع ذلك، ما زال قاطنو المخيم يعانون من سوء مريع في الخدمات الأساسية، من مشاكل الصرف الصحي وانقطاع مياه الشرب والتيار الكهربائي، وسوء تغطية شبكة الاتصالات، وتراكم القمامة، بالإضافة إلى الفلتان الأمني وانتشار السرقات وفرض العصابات للاتاوات على السكان.
في نوفمبر 2020، تقدم سكان المخيم بشكوى رسمية إلى السلطات البلدية، لإزالة الحاجز الرئيسي، والسواتر الترابية على مداخل المخيم الفرعية، مع انتفاء أسبابها. وتسببت تلك السواتر بصعوبة تنقل الأهالي، واضطرارهم للمشي مسافات طويلة للوصول إلى المدخل الرئيسي الذي تحوّل مُحيطه إلى مكب هائل للنفايات. السلطات البلدية ردت على الشكوى، بأن الأمر ليس من صلاحياتها بل يعود إلى الجهات الأمنية.