مخطط تنظيمي جديد لمخيم اليرموك
وافق مجلس محافظة دمشق، في 25 حزيران، على المصور التنظيمي الجديد لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينين، جنوبي العاصمة دمشق.
ويتم حالياً عرض المخطط للعموم، في لوحة إعلانات مجلس محافظة دمشق، ولمدة شهر، لتلقي الاعتراضات من أصحاب الحقوق وأهالي المنطقة. وستدرس اللجنة الإقليمية برئاسة محافظ دمشق عادل العلبي، الاعتراضات ومعالجتها وتعديل الدراسة، قبل إحالة المخطط إلى المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة الذي يرفعه إلى وزارة الأشغال العامة والإسكان من أجل تصديق المصور التنظيمي وإصدار المرسوم الناظم وفق أحكام القانون 23 لعام 2015.
مخيم اليرموك الواقع على مسافة 7 كيلومترات جنوبي مركز العاصمة، وتعرض لدمار كبير خلال الحرب، كان يعتبر عاصمة الشتات الفلسطيني. وقد بلغ عدد سكانه ما بين 500 و600 ألف نسمة في العام 2011، منهم 160 ألف لاجئ فلسطيني. ومنذ تأسيسه في خمسينيات القرن الماضي، أصبح المخيم منطقة حضرية حيوية، تشكل امتداداً طبيعياً للأحياء الدمشقية المجاورة. كما أن وجود فصائل فلسطينية فيه أعطى المخيم طابعاً ثقافياً وسياسياً، قلّ مثيله في الحالة السورية، واستمر حتى اندلاع الثورة السورية 2011.
وفي الأسبوع الماضي، كشف مدير الدراسات الفنية في محافظة دمشق معمر دكاك، أن سكان مخيم اليرموك سيكون لهم أسهم تنظيمية بحسب المخطط الجديد، ولكن لن يحصلوا على سكن بديل لأن تنظيم المنطقة تمّ وفق المرسوم التشريعي رقم 5 لعام 1982. ويتعارض ذلك مع إعلان المحافظة السابق بأن تصديق المخطط التنظيمي الجديد لليرموك تمّ وفق أحكام القانون 23\2015 الذي يُلزم الجهة المنفذة بإقامة سكن بديل ودفع بدلات الإيجار للسكان الذين يتم اخلائهم.
وقال السيد دكاك إن المحافظة لا تملك التمويل اللازم لتشييد السكن البديل تحت أحكام القانون 23\2015. ولم يوضح أي سبب قانوني لاستخدام المرسوم 5\1982 لا القانون 23\2015.
وتأسس مخيم اليرموك في العام 1954، عندما وزّعت الهيئة العامة للاجئين العرب الفلسطينيين التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية السورية، أراضٍ جنوب غربي دمشق، على اللاجئين الفلسطينيين المنتشرين في دمشق وريفها. وأقيم المخيم على أراض بمساحة 200 هكتار تقريباً، تمّ استئجار نسبة كبيرة منها من أملاك آل الحكيم، قبل أن تستملكها الدولة لاحقاً وتضعها بتصرف الهيئة العامة للاجئين.
وصدور المخطط بشكل رسمي، يثير مخاوفاً تتعلق بحق الملكية والسكن. فالأرض مستملكة من قبل الدولة، ما يعني أنه ليس لدى الكثيرين من اللاجئين الفلسطينيين صكوك إثبات ملكية بعقاراتهم. ولذا، تبدو إمكانية إثبات أهالي المخيم لملكياتهم، أو المطالبة بالتعويض عنها، في أفضل الظروف أمراً معقداً، نظراً لأن القانون السوري يمنح الفلسطيني حق التملّك بعقود عن طريق الكاتب بالعدل، لكنها غير موثقة في السجل العقاري.
النسبة الأكبر من سكان المخيم، سبق وأن نزحت عنه في العام 2013 بعد حصار قوات النظام له عنما كان تحت سيطرة قوات المعارضة. وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا” توقعت في تقرير سابق لها أن يظل أغلب سكان المخيم في حالة نزوح عنه، مشيرة إلى محدودية الوصول إليه، وضخامة حجم الدمار.
وبات قسم كبير من الأهالي مطلوباً للأجهزة الأمنية السورية، لنشاطاتهم المعارضة أثناء فترة خروج المخيم عن سيطرة النظام. ويعيق ذلك فعلياً عملية إثبات الملكية، وبالتالي حفظ حقوق السكان في التنظيم الجديد، أو حتى بالاعتراض عليه. كما يتطلب إثبات الملكية إبراء الذمة، بدفع فواتير وكهرباء وماء عن سنوات سابقة، وربما يحتاج إلى توكيل محامي لمتابعة الإجراءات، وهذا يعني تكاليف مالية إضافية قد تكون عائقاً أمان كثير من الأهالي.
الإشكالية الأكبر بخصوص المخيم، كانت تتعلق بوضعه كوحدة إدارية مستقلة عن محافظة دمشق، وتتبع مباشرة لوزارة الادارة المحلية، وتشرف عليها اللجنة المحلية لمخيم اليرموك، بحسب قرار مجلس الوزراء رقم 1141 لعام 1962.
إلا أن مجلس الوزراء أصدر قراراً بحل اللجنة المحلية لمخيم اليرموك ووضعها تحت سلطة محافظة دمشق، في نوفمبر 2018، وبالتالي معاملة المخيم كأي حي من أحياء دمشق، ما نزع الخصوصية التي كان يتمتع بها.
واستفادت اللجنة المحلية لمخيم اليرموك من حرية نسبية ممنوحة لها في إدارة المخيم، ووضع خططه التنظيمية والعمرانية بما يتناسب مع تركيبته وخصوصيتها الجيوسياسية والمحافظة على كونه أكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين خارج فلسطين، والذي بات يعرف بعاصمة الشتات الفلسطيني. كما تطورت البنية التحتية للمخيم مع مرور الوقت، واخذت طابعاً حضرياً على غرار باقي المناطق الدمشقية.
وبعد تعرضه لدمار بنسبة تزيد على 60% من أبنيته وبناه التحتية، وفق تقديرات وكالة الأمم المتحدة للتدريب والبحث UNITAR، استعادت قوات النظام مخيم اليرموك منتصف 2018، بعد خروجه لسنوات عن سيطرتها ووقوعه بيد فصائل المعارضة، ثم التنظيمات المتشددة.