محردة: كنيسة على عقار مستولى عليه
حوّلت قوات موالية للنظام مقراً عسكرياً لها مقام على أرض مستولى عليها بالغصب في ريف حماة، إلى كنيسة.
وتقع الأرض على تلة الخضر بالقرب من نهر العاصى، شمالي مدينة محردة ذات الغالبية المسيحية في ريف حماة. تعود الأرض إلى العقار رقم 98 وهو عبارة عن قسمين؛ قسم أجرد غير مزروع، وقسم كان يُزرع بالمحاصيل الموسمية البعلية.
وفي الأصل تعود ملكية العقار 98 لعائلة البارودي المشهورة في مدينة حماة، وتم توزيعه على فلاحي المنطقة وفق أحكام قانون الإصلاح الزراعي رقم 161 لعام 1958. وملكية العقار مشتركة على الشيوع بين أهالي بلدتي أبو عبيدة بن الجراح والزلاقيات، المجاورتين، وسكانهما من المسلمين السنّة.
وللعقار 98 تاريخ مهم لمسلمي ومسيحيي المنطقة، وكان يمثلّ حالة من التعايش الديني بينهما قبل العام 2011. إذ يضم العقار مقاماً دينياً له رمزية دينية للطائفتين، ويسميه المسلمون السنة مقام سيدنا الخضر، ويسميه المسيحيون مقام مارجرجس الخضر.
ومع احتدام المعارك في المنطقة بين المعارضة والنظام في العام 2013، استولت قوات الدفاع الوطني في محردة على كامل العقار، لأنه مرتفع ويكشف مواقع المعارضة في بلدتي حلفايا واللطامنة بريف حماة الشمالي. قوات الدفاع الوطني أقامت في منتصف العام 2013 مقراً عسكرياً على العقار يبعد عن المقام مسافة 100 متر.
ومنذ ذلك التاريخ منعت قوات الدفاع الوطني أصحاب الأرض من الاقتراب من المنطقة بذريعة أنها عسكرية. وحتى اليوم، بحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، لم يتمكن أي من أصحاب الأرض من زراعتها أو العودة إليها. ويقطن قسم من مالكي العقار حالياً في مناطق سيطرة النظام بحماة، وبعضهم تهجّر قسراً بعد العام 2018 إلى مناطق المعارضة.
ويقود قوات الدفاع الوطني في محردة سيمون الوكيل، وهو الرجل الأقوى في المدينة حالياً، ويتمتع بعلاقة جيدة مع القوات الروسية في قاعدة حميميم العسكرية، ويقدّم نفسه على أنه حامي المسيحيين في المنطقة.
سيمون الوكيل منح المقر العسكري التابع لقواته، في مطلع العام 2021، إلى السلطات الكنسية في محردة لإنشاء كنيسة صغيرة باسم كنيسة الشهداء القديسين بجوار مقام الخضر. وجاءت فكرة إقامة الكنيسة بغرض تخليد شهداء مدينة محردة خلال السنوات الماضية. وزار موقع إنشاء الكنيسة وفد عسكري روسي من قاعدة حميميم مطلع العام 2021.
واستغرقت عملية البناء 4 أشهر، وساهمت في عملية البناء آليات الدفاع الوطني. وبلغ عدد الأحجار المستخدمة في بناء الكنيسة 5233 حجر نُقلت إليها من منطقة محردة القديمة. وتمتد حول الكنيسة حديقة زرع فيها 4 آلاف شجرة أحيطت بسور حجري طويل.
وتم تدشين الكنيسة في حزيران 2021، بحضور متروبوليت حمص وتوابعها للروم الأرثوزكس، ومتروبوليت بغداد والكويت وتوابعهما للروم الأرثوذكس، من دون أي حضور رسمي سوري. وبدأت الكنيسة منذ ذلك الوقت بإقامة الطقوس الدينية، وباتت مقصداً لزيارات رجال الدين المسيحيين السوريين. والملفت، بحسب مراسل سيريا ريبورت، بأن قوات الدفاع الوطني ما زالت تنظّم اجتماعات عسكرية وأمنية في الكنيسة.
صورة لكنيسة الشهداء القديسين ومقام مارجرجس الخضر. المصدر: صفحة فيسبوك “كنيسة الشهداء محردة”.