محافظة دمشق ومنطقة القابون الصناعية: أهدمها.. لا أهدمها!
عدا عن عدم الوضوح الذي طغى على سياسة محافظة دمشق حول منطقة القابون الصناعية شمالي دمشق منذ العام 2018، فقد تسببت مجموعة من التصريحات الرسمية المتناقضة خلال الأسابيع الماضية بزيادة الطين بلة. والظاهر، أن المحافظة قد سمحت أخيراً وبشكل شفهي بعودة الصناعيين إلى معاملهم، شرط حصولهم على موافقة مسبقة على طلباتهم بالترميم.
وكانت محافظة دمشق، قد أصدرت في كانون ثاني 2021، تعميماً يقول بضرورة نقل المعامل الـ750 من القابون الصناعية إلى مدينة عدرا الصناعية فوراً، وأن الختم بالشمع الأحمر سيكون للمعامل التي أعيد تأهيلها والعمل فيها.
ومنطقة القابون الصناعية شبه مدمرة ومنذورة بالهدم، وفق المخطط التنظيمي رقم 104 الصادر في حزيران 2019، بموجب أحكام القانون 10 لعام 2018 القاضي بجواز إحداث منطقة تنظيمية أو أكثر ضمن المخطط التنظيمي العام للوحدات الإدارية. ويمتد المخطط الجديد على مساحة 215 هكتاراً، بعدما عدّل الصفة التنظيمية العمرانية للمنطقة من صناعية وزراعية، إلى سكنية وتجارية.
مدير التخطيط والتنظيم العمراني في محافظة دمشق ابراهيم دياب، كان قد قال خلال مقابلة إذاعية في 2 شباط، بإنه يمكن لصناعيي القابون الاستمرار في تشغيل منشآتهم حتى تأمين البديل لها. إذ تصر محافظة دمشق على نقل الصناعيين لمنشآتهم إلى منطقة عدرا الصناعية خارج العاصمة على طريق دمشق-بغداد.
وفي 4 شباط، أعلنت غرفة صناعة دمشق وريفها، عن موافقة محافظة دمشق على طلب عودة صناعيي القابون إلى معاملهم. وبعد ساعات، نفت محافظة دمشق ذلك، مؤكدة أن المنطقة خاضعة للمخطط التنظيمي 104 المصدق أصولاً من وزارة الأشغال العامة والإسكان بالقرار رقم 2717 الصادر في أيلول 2019.
وفي 6 شباط، أكد عضو المكتب التنفيذي في محافظة دمشق فيصل سرور، أن المحافظة لا تمنع عودة صناعيي القابون، ولم تمنع عودتهم، “لكن المحافظة غير ملزمة بتقديم الخدمات من كهرباء وماء، والتي ستكلف المليارات”، مشيراً إلى أن “التنظيم أجدى مادياً”. سرور أكد أن الترميم مسموح للأبنية القابلة للترميم، لا للمهدوم منها. وأشار إلى الترميم يتم على مسؤولية صاحب البناء ونفقته وتعهده بعدم طلب أي تعويض لاحق من المحافظة. واشترط سرور الحصول على موافقة المحافظة على طلبات الترميم.
وبالفعل، سرعان ما تقدّم 500 من أصحاب المعامل الـ750 في منطقة القابون الصناعية، في 7 شباط، بطلبات ترميم لدى ديوان محافظة دمشق. أي أن ثلثي أصحاب المعامل تقدموا بطلبات ترميم في يوم واحد.
وهذه هي المرة الثانية خلال الأعوام الثلاثة الماضية، التي تسمح فيها المحافظة للصناعيين بالعودة إلى معاملهم في منطقة القابون الصناعية. وما يجعل من الأمر مقلقاً للصناعيين، هو اقتصار الموافقة الأخيرة على تصريحات شفهية لمسؤولين في المحافظة، ما قد يكرر الخطأ نفسه الذي وقع فيه الصناعيون في حزيران 2018، بعد انتهاء القتال في المنطقة وانسحاب المعارضة. حينها أعاد صناعيو المنطقة افتتاح وترميم معاملهم، وتلقوا وعوداً من رئاسة مجلس الوزراء، بتأهيل البنية التحتية، وتزويدهم بالماء والكهرباء.
وفي تموز 2018 صدرت توصية من رئاسة مجلس الوزراء في محضر الجلسة رقم 9714/1، تقضي بتكليف محافظة دمشق إيقاف أعمال تأهيل البنية التحتية في منطقة القابون الصناعية، ووقف منح رخص الترميم. الكتاب رقم 3226/ي/م.ص الصادر عن وزارة الإدارة المحلية والموجه لرئاسة مجلس الوزراء، في كانون الأول 2018، طلب إلغاء كافة أعمال الترميم في المنطقة الصناعية، وإخلاء كافة المنشآت الصناعية المتواجدة في المنطقة.
*صورة عن طلب ترميم. المصدر: صفحة الصناعي عاطف طيفور في فيس بوك.