محافظة حماة لا تعترف بحقوق المغارسين
لم تعترف محافظة حماة، بملكية مزارعين يُطلق عليهم اسم “المغارسة”، ومنعتهم من جني محصولهم للفستق الحلبي في الموسم الحالي، وأصرت على طرح أراضيهم للاستثمار ضمن المزايدة العلنية لأراضي الغائبين التي جرت في 12 تموز الماضي.
وعقد المُغارسة، بحسب قانون تنظيم العلاقات الزراعية رقم 56 لعام 2004، هو عقد يحصل المُغارس عند انتهائه، على ملكية جزء من الأرض، وذلك لقاء غرسها والعناية بالغراس. وفي حال لم يتم تحديد حصة المُغارس في العقد، فتكون 40% من الأرض والأشجار.
مراسل سيريا ريبورت، أكد أن مُغارسين مقيمين في مناطق سيطرة النظام شمالي حماة، قدّموا اعتراضاً على إدخال أرضيهم في المزايدة العلنية لاستثمار أراضي الغائبين. واعترض المغارسون على تجاهل لجان المحافظة للوثائق التي قدموها بملكيتهم للأرض. ويستند المغارسون إلى عقد مغارسة أعطاهم حق امتلاك جزء من أرض عملوا بها منذ العام 1983. وانتهى ذلك العقد في العام 1994، بقسمة الأرض بينهم وبين صاحب الأرض، بحضور شهود ولجنة فرز خاصة من دائرة الخدمات الفنية في محافظة حماة.
وكانت محافظة حماة قد انتهت في تموز الماضي من إحصاء وتحديد الأراضي المزروعة بالفستق الحلبي في ريفي حماة الشمالي وإدلب الجنوبي، والتي تعود للغائبين، ومعظمهم من الفلاحين المُهجّرين قسراً إلى مناطق المعارضة. وعرضت المحافظة تلك الأراضي للاستثمار لموسم واحد في مزادات علنية عقدت في منتصف تموز. وجرت تلك العملية من دون موافقة أصحاب الأرض، ما يثير مخاوف الفلاحين من كون ذلك مقدمة للاستيلاء على أراضيهم.
وبحسب المراسل فقد قدّم بعض المغارسين، من الموالين للنظام والمقيمين في مناطق سيطرته، اعتراضاً مكتوباً إلى محافظة حماة على ما وصفوه بـ”مصادرة حصصهم مع حصة المالك الأصلي” النازح بدوره إلى مناطق المعارضة في الشمال.
جداول الأراضي المطروحة للاستثمار في ريف حماة، والتي تم عرضها في اللوحات الإعلانية لمحافظة حماة والوحدات الإرشادية الفلاحية، كانت قد أشارت إلى وجود مُغارسين ومزارعين ومستأجرين لبعض الأراضي. ولكن، المحافظة رفضت الاعتراف بملكية المغارسين بسبب ما قالت إنه غياب المالكين الأصليين للأرض، وعدم كفاية عقود المغارسة لتكون بمثابة وثائق ملكية.
وتنبع المشكلة بأن مالكي الأرض لم يُسجّلوا حصص بعض المُغارسين في السجلات العقارية. واكتفى أولئك المغارسون بعقود المغارسة، ووثائق تقسيم الأرض بحضور الشهور واللجان، كدليل على ملكيتهم للأرض. وظهرت مشكلة عدم التوثيق الرسمي للملكيات، بعد العام 2011، مع التغيير الديموغرافي الذي حصل في المنطقة نتيجة النزوح والتهجير القسري لجزء وازن من المالكين الأصليين والمغارسين، أو حتى ظروف الوفاة الطبيعية.
ويبدو أن ثغرات قانونية قد تتيح للمحافظة، عدم الاعتراف بحقوق المغارسين. إذ أن قانون تنظيم العلاقات الزراعية 56\2004 غير متطابقة مع القانون المدني السوري. القانون 56\2004، قال بإنه في حالة امتناع مالك الأرض عن نقل ملكية الجزء المتفق عليه من الأرض الزراعية لحصة المُغارس، خلال سنتين من انتهاء عقد المغارسة ودون عذر مشروع، ينقلب عقد المغارسة إلى عقد مُزارعة. وفي هذه الحالة، يُصبح المُغارس مالكاً لحصته، وشريكاً في الغلة الزراعية التي تنتجها حصة صاحب الأرض. وعندما ينقل صاحب الأرض ملكية الجزء الخاص إلى حصة المغارس، ينفسخ عقد المزارعة ويستقل كل طرف باستثمار حصته من الأرض.
في حين أن القانون المدني السوري أشار إلى أن المُزارعة هي إعطاء الأرض الزراعية للمُستأجر مقابل أخذه جزءاً معيناً من المحصول، وهذا ما أكدته محكمة النقض بالقول إن المزارعة هي العقد الذي تعطى فيه الأرض لآخر من أجل زراعتها واستثمارها مقابل تقديم جزء معين من المحصول.