متى تكون العودة إلى الحجر الأسود؟
بعد طول انتظار، بدأت التصريحات الرسمية تشير إلى إمكانية عودة النازحين إلى مدينة الحجر الأسود جنوبي دمشق، رغم عدم مواكبة التصريحات بأي أفعال ملموسة على الأرض.
مصدر الصورة: سوشيال ميديا.
طالب محافظ القنيطرة عبد الحليم خليل، نازحي الحجر الأسود بالعودة وتأهيل منازلهم، واعداً بتقديم الدعم اللازم. وأدلى خليل بذلك التصريح، أثناء زيارة له للحجر الأسود، نهاية العام 2020، تفقد فيها سير العمل في حيي تشرين والثورة اللذين تشرف محافظة القنيطرة على إعادة تأهيلهما بالاتفاق مع محافظة ريف دمشق. وتحدث خليل عن إمكانية ترميم المدارس التابعة لتربية القنيطرة في المدينة وإعادة افتتاحها لاستقبال الطلاب عند عودتهم.
وتعتبر مدينة الحجر الأسود أكبر تجمع لنازحي الجولان المحتل منذ حرب حزيران 1967. وبعد العام 2011، نزح قسم كبير من الجولانيين، من الحجر الأسود إلى محافظة القنيطرة، مستندين إلى علاقاتهم العائلية والعشائرية. ويفسر ذلك، تدخل محافظة القنيطرة في شؤون مدينة الحجر الأسود رغم تبعيتها الإدارية لمحافظة ريف دمشق. ومدينة الحجر هي مركز ناحية تبلغ مساحتها 536 هكتاراً، يغطي معظمها عشوائيات كبيرة، وكان يقطنها قبل العام 2011 نحو 200 ألف شخص، يمثلون خليطاً من المحافظات السورية، يُشكل منهم نسبة كبيرة نازحو الجولان والقنيطرة واللاجئون الفلسطينيون. وسيطرت المعارضة المسلحة على المدينة في العام 2012، قبل أن يستولي عليها تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف منتصف العام 2015. واستعادت قوات النظام المدينة في العام 2018 وهجّرت من تبقى من سكانها، ولم تسمح بعودة أحد إليها حتى اللحظة.
رئيس بلدية الحجر الأسود خالد خميس، كان قد قال نهاية العام 2020، إن نحو 10 آلاف عائلة ستعود لحيي الثورة وتشرين، وأن 80% من أبنيتهما صالحة للسكن. إلا أن خميس، لم يحدد متى ستكون العودة، وربطها بانتهاء تأهيل البنية التحتية.
وتقسم مدينة الحجر الأسود إلى قطاعات سكنية تحت مسمى أحياء؛ الثورة، تشرين، الأعلاف، المقاسم والجزيرة. وفي كل الأحوال، فالحديث عن العودة المحتملة للنازحين لا يشمل إلا حيي الثورة وتشرين، اللذين يشكلان 60 % تقريباً من إجمالي مساحة المدينة فقط. وتعتبر أحياء الجزيرة والأعلاف هي الأكثر دماراً، بسبب شبكة الأنفاق التي حفرها تنظيم الدولة الإسلامية خلال فترة سيطرته، وكذلك بسبب القصف المكثف خلال الحملة العسكرية الأخيرة لقوات النظام والطيران الروسي.
وكانت لجنة المصالحة في محافظة القنيطرة، قد تقدمت بطلب خطي إلى فرع ريف دمشق لحزب البعث، للسماح بتأهيل أحياء مدينة الحجر الأسود وعودة السكان إليه. ورد فرع الحزب في ريف دمشق في شباط 2019 بالموافقة على عودة الأهالي، وذلك بعد الحصول على موافقة الأمن الوطني وشعبة الاستخبارات العسكرية. واشترطت تلك الجهات للسماح بعودة الأهالي، تأهيل البنى التحتية في المنطقة، بحسب ما أورده موقع صوت العاصمة.
وكما في غيرها من المناطق، يتوجب على العائدين إبراز وثائق ملكيتهم لعقارات فيها. ويتعذر على كثير من الراغبين بالعودة إلى الحجر الأسود، إثبات ملكيتهم لعقاراتهم، بعد فقدان تلك الوثائق في ظروف الحرب والحصار والتهجير، بالإضافة إلى الحريق الغامض الذي أتى على مقر ناحية الحجر الأسود في العام 2012. وكان مقر الناحية يحتوي على كامل السجلات العقارية للمدينة. ويتوجب على الراغبين بالعودة أيضاً، دفع فواتير المياه والكهرباء، والتسجيل في البلدية، في معرض التقديم للحصول على الموافقة الأمنية. وليس واضحاً متى ستبدأ هذه الإجراءات، فالمسؤولون في البلدية والمحافظة، رفضوا تحديد موعد محدد للتقدم بطلبات العودة، معللين ذلك بانتظار الانتهاء من عمليات رفع الأنقاض وإصلاح البنية التحتية.
مسؤولون في محافظة ريف دمشق، كانوا قد أعلنوا سابقا إنهاء فتح الطرقات الرئيسية في المدينة، وترحيل الأنقاض والردميات من حيي تشرين والثورة. مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، أشار إلى أن من استفاد عملياً من إزالة الأنقاض كانت ورشات التعفيش التي كانت تلاقي صعوبة في الوصول لبعض المواقع بسبب الردميات. وترتبط تلك الورشات بالفرقة الرابعة، وفرع المنطقة التابع للأمن العسكري، المسيطرين أمنياً وعسكرياً على مدينة الحجر الأسود.
وما زال جزء كبير من الحجر الأسود غارق بمياه الصرف الصحي، خاصة حي الأعلاف. المراسل نقل عن ناشطين من الحي قولهم إن ذلك سيتسبب على المدى الطويل بخلخلة أساسات البناء ما قد يقلل فرص عودة النازحين للمنطقة.