متى تتوقف الاستملاكات في حرستا؟
قبل أيام أعلنت محافظة دمشق عن اقتطاع 50 هكتاراً اضافياً من أراضي مدينة حرستا شمال غربي دمشق، وضمها إلى مخطط القابون التنظيمي الجديد في مدينة دمشق، وفق القانون رقم 10 لعام 2018.
وصدر القانون 10\2018 لتسهيل مصادرة الأراضي بغرض بناء مناطق عقارية جديدة تديرها شركات القطاع الخاص.
وليس هذا، إلا آخر الاستملاكات لصالح جهات حكومية سورية على أراضي تابعة مدينة حرستا من منطقة دوما في الغوطة الشرقية. ويعود تاريخ الاستملاكات لأراضي حرستا، إلى الستينيات، انتزعت منها معظم أراضيها الزراعية. وأقيمت على الأراضي المصادرة منشآت مدنية أو عسكرية، أو تمّ ضمتها إلى مخططات تنظيم تتبع لبلديات مختلفة.
تاريخ الاستملاكات
وتعد مدينة حرستا البوابة الشمالية للعاصمة السورية دمشق، وأقيمت على أراضيها المستملكة مراكز أمنية وقواعد عسكرية، وضواحٍ وتجمعات سكنية تابعة للأمن والجيش، مثل فرع المخابرات الجوية، مقر للفرقة الرابعة، الفوج 41 قوات خاصة وكذلك إدارة المركبات العسكرية. كذلك أقيم على أرضيها مشفى حرستا العسكري، ضاحية الأسد السكنية، مساكن للجيش والشرطة، والمجمع الحكومي الذي يضم وزارة الري، ومديرية المواصلات ومديرية النفوس لمحافظة ريف دمشق. وكذلك أقامت وزارة الصحة على أرض مستملكة مشفى الشرطة ومشفى البيروني الخاص بمعالجة الاورام الخبيثة.
ورغم تآكل نسبة كبيرة من أراضيها بالاستملاكات، فقد أصبحت حرستا قبل الثورة، واحدة من كبرى مدن الغوطة قرب دمشق تقطنها الطبقة العاملة، بعدد سكان اقترب من 200 ألف نسمة، نسبة كبيرة منهم انتقلوا إليها من دمشق والمحافظات المجاورة، بسبب انخفاض اسعار العقارات نسبياً فيها بالمقارنة مع دمشق، وبسبب وقوعها على عقدة المواصلات الرئيسية لطريق دمشق-حمص الدولي، وقربها من نقطة التقاء طريقي المتحلق الشمالي والمتحلق الجنوبي، الذين يحيطان بالعاصمة دمشق.
وبعد اندلاع الثورة، نزحت أعداد كبيرة من سكان حرستا نحو مدينة التل في القلمون، ونحو مدن وبلدات الغوطة الشرقية، لتصبح منطقة نزاع عسكري بين المعارضة والنظام، قبل أن تسيطر المعارضة في العام 2012 على مساحات واسعة من المدينة. في إذار 2018، بدأ إخراج آلاف المقاتلين والعائلات على مراحل الى الشمال السوري، بموجب اتفاقات منفصلة أبرمتها روسيا مع الفصائل المقاتلة. وبقي في المدينة، وفق تقديرات مجلس المدينة، الذي تولى ادارة شؤونها بعد سيطرة القوات الحكومية عليها، قرابة 15 ألف شخص.
وبرزت مشاكل الاستملاكات إلى الواجهة بعد استعادة قوات النظام السيطرة على حرستا، منتصف العام 2018، ومحاولة إعادة تأهيلها. واعتبرت الحكومة أن نسبة الدمار في المدينة منخفضة يمكن تجاوزها من دون الحاجة إلى مخطط تنظيمي جديد، وبالتالي يمكن مباشرة إعادة الأعمار. وبعد سيطرتها على المنطقة، هدمت قوات النظام وأزالت أبنية قالت محافظة ريف دمشق إنها “آيلة للسقوط وتشكل خطراً على السلامة العامة”. وبحسب تقارير إعلامية، فقد أزالت قوات النظام الأبنية بعمق 300 متر في الأحياء الغربية للمدينة المحاذية لطريق دمشق-حمص الدولي، التي تحولت إلى منطقة عسكرية، منع الأهالي من العودة لها.
ومن أبرز الاستملاكات على أراضي حرستا؛ ضاحية الأسد، وإدارة المركبات العسكرية.
ضاحية الأسد
تقوم “ضاحية الأسد” على مساحة تبلغ 250 هكتاراً من أراضي مدينة حرستا، قد تم استملاكها بموجب أحكام مرسوم الاستملاك 20 لعام 1983، لتشييد منطقة سكنية للضباط، بالإضافة إلى تموضع بعض القطعات العسكرية، وأبرزها الفوج 41 قوات خاصة.
تعتبر ضاحية الأسد أكبر نموذج لبرنامج شراء منزل بدعمٍ من الدولة في سوريا، وكانت توفّر المنازل لضباط الجيش، ولاحقاً أصبحت هدف استثمارات ومضاربات في الملكية التجارية. ووضع حجر الأساس للمجمّع السكني في العام 1985، وبدأ الضباط ينتقلون إليه في أوائل التسعينيات، حتى وصل عدد السكان لأكثر من 100 ألف نسمة في العام 2011.
وتناوب على تنفيذ مشروع مساكن الضباط في حرستا كل من مؤسسة الإسكان العسكري، ومؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية، التابعتين لوزارة الدفاع السورية. ولاتزال معظم مناطق الضاحية تفتقد إلى خدمات أساسية رئيسية كالمخبز والنظافة العامة، بسبب نقص التنسيق بين الإسكان العسكري والانشاءات العسكرية من جهة، والمؤسسات الرسمية الحكومية من جهة ثانية.
ولم يتوقف الأمر عند حدود تغيير التوصيف القانوني للملكية بموجب مرسوم الاستملاك، بل تمّ تغيير التوصيف الإداري للمنطقة، واستحداث بلدية مستقلة عن مدينة حرستا باسم بلدية ضاحية الأسد.
إدارة المركبات
وزارة الدفاع كانت قد اقتطعت أيضاً عقارات بمساحة 4 هكتارات من حرستا على الحدود الإدارية مع عربين ومديرا في الغوطة الشرقية. وتسيطر عليها حالياً إدارة المركبات العسكرية، بأجزائها الثلاثة؛ إدارة المركبات والمعهد الفني، والرحبة 446.
وتعتبر إدارة المركبات المسؤولة الأساسية عن صيانة كافة أنواع المركبات العسكرية التابعة لقوات النظام. ويضم قسم الإدارة مبنى القيادة الرئيسية، والمباني الإدارية، ويقع بأكمله في مدينة حرستا. في حين أن الرحبة العسكرية 446، تعتبر الجزء الأكبر من حيث المساحة، وفيها يتم إصلاح السيارات العسكرية بجميع أنواعها الثقيلة والخفيفة، ويقع بين مدينتي حرستا وعربين .وفي المعهد الفني تجري الدورات التدريبية لتخريج فنيي إصلاح المركبات وتوزيعهم على القطع العسكرية الفرعية لقوات النظام.
وتمكنت المعارضة من محاصرة إدارة المركبات العسكرية، منذ العام 2017 قبل أن تتمكن قوات النظام من كسر الحصار في كانون ثاني 2018.وبعد الدمار الكبير الذي لحق بالإدارة نتيجة القصف الجوي والمعارك، فقد تمّ اخلاء المنطقة في العام 2019، ولكنها ما زالت تحت حراسة عسكرية مشددة.