ما هي المناطق الاقتصادية الخاصة في قانون الاستثمار الجديد؟
أصدر الرئيس السوري، الأسبوع الماضي، قانون الاستثمار رقم 18 لعام 2021، ليحل محل قانون الاستثمار القديم الصادر بالمرسوم التشريعي رقم 8 لعام 2007. وأبرز تغيير حمله القانون الجديد بخصوص قضايا السكن، الأرض والملكية، هو إدخاله طريقة جديدة لتوظيف الاستثمارات الخاصة بغرض إقامة مشاريع اقتصادية متنوعة في بعض المناطق المتضررة بفعل الحرب.
القانون الجديد أنهى العمل بالمرسوم التشريعي رقم 9 لعام 2007 الخاص بإحداث هيئة الاستثمار السورية، وأعاد تشكيلها مع زيادة صلاحياتها. ومن صلاحياتها المضافة، بات يحق لمجلس إدارة هيئة الاستثمار السورية، بحسب القانون 18\2021، اقتراح إقامة مناطق اقتصادية خاصة. ولم يرد ذكر المناطق الاقتصادية الخاصة في قوانين الاستثمار السابقة، وجاء تعريفها في القانون 18\2021 على الشكل التالي: “منطقة استثمارية تقع داخل المنطقة الجمركية في الجمهورية العربية السورية يتم إحداثها بهدف إقامة نشاط اقتصادي محدد”.
إحدى أولى مسودات مشروع القانون 18\2021، كانت قد أدخلت مفهوم المناطق الصناعية الخاصة، قبل أن يتم تطويرها في المسودات اللاحقة إلى المناطق الاقتصادية الخاصة المفتوحة للاستثمار أمام القطاع الخاص بالتشارك مع الدولة.
وقال القانون 18\2021 إن المناطق الاقتصادية الخاصة تُقام لتحقيق الأهداف التالية؛ تشجيع أنشطة أو قطاعات لكونها ذات أهمية خاصة أو لكونها تشكّل حوامل للنمو. وأيضاً، تشجيع إقامة مجموعة مترابطة من الأنشطة الاقتصادية على شكل عناقيد إنتاجية أو خدمية. إلا أن أبرز أهداف إقامة المناطق الاقتصادية الخاصة، وتمس قضايا السكن، الأرض والملكية، هي “تنمية المناطق المتضررة أو النامية لتحقيق النمو الشامل”.
القانون 18\2021 قسّم المناطق الاقتصادية الخاصة وفق ثلاثة أنواع؛ ما يعنينا منها في قضايا السكن، الأرض والملكية، هي المنطقة التنموية؛ وهي “منطقة إدارية يتم اعتبارها منطقة استثمارية لأغراض تنموية أو لأغراض التطوير العقاريأ و لأغراض إعادة الإعمار في حال كانت المنطقة متضررة من الحرب”.
وهنا يجب التمييز بين مشروعين يشملهما نطاق تطبيق القانون 18\2021؛ أحدهما يقيمه المستثمر بمفرده أو عن طريق شركات مشتركة مع جهات القطاع العام من غير المصارف، وثانيهما؛ المشروع الذي يتم بناءً على طرح الجهات العامة لأملاكها الخاصة على الاستثمار مع القطاع الخاص ولا يخضع لقانون التشاركية رقم 5 لعام 2016.
وأملاك الدولة الخاصة، بحسب قانون أملاك الدولة الخاصة 252 لعام 1959، هي غير مخصصة للمنفعة العامة، وتخص الدولة بصفتها شخصية اعتبارية، سواء أكانت تلك الأملاك تحت تصرفها الفعلي أم تحت تصرف أشخاص آخرين. وتُصنّف أملاك الدولة الخاصة إلى 12 نوعاً أبرزها العقارات الأميرية، والعقارات المسجلة في السجل العقاري باسم الدولة، والعقارات المقيدة في سجلات دائرة أملاك الدولة، والعقارات المحلولة، والعقارات الخالية المباحة أو أراضي الموات.
وكنتيجة، يبدو أن أخطر ما يمكن أن ينتج عن تطبيق القانون هو وضع بعض الأراضي الأميرية للنازحين قسراً في خانة المناطق النامية، ووضع بعض مناطق المخالفات الجماعية المبينة على أملاك الدولة الخاصة في خانة المناطق المتضررة، وطرحهما للاستثمار الخاص، بحسب ما قاله مصدر حقوقي مطلع على كواليس القانون الجديد.
وأضاف المصدر أن الخطر يمكن أيضاً أن يظهر في حالات يقوم فيها المستثمر الخاص، بشراء عقارات وأراضي في مناطق تعرضت لدمار واسع، كما في حالة منطقة القابون السكنية بدمشق، وأن يطلب تحويلها إلى منطقة اقتصادية خاصة. إذ منح القانون 18\2021 للمستثمر، حق تعديل الصفة التنظيمية للمناطق الاقتصادية الخاصة بما يتلاءم مع غاية المشروع الاستثماري بعد موافقة المجلس الأعلى للاستثمار. كما يحق للمستثمر تملك واستئجار الأراضي والعقارات اللازمة لإقامة المشروع أو توسيعه في حدود حاجة المشروع بعد الحصول على موافقة المجلس في حال تجاوز سقف الملكية. ولكن القانون، أوجب على المُستثمر أن يتنازل للغير عن الملكية الزائدة عن السقف المحدد عند تصفية المشروع.
بدوره، يكون للمجلس الأعلى للاستثمار، المُعاد تشكيله وتعريفه بموجب القانون 18\2021، مهمة إحداث المناطق الاقتصادية الخاصة المقترحة من قبل مجلس إدارة هيئة الاستثمار السورية، وكذلك إقرار بدلات إيجار أملاك الدولة الخاصة. كما يحق للمجلس تخصيص أراضٍ للمستثمرين لتنفيذ مشاريع عليها، على أن يصدر المجلس نظاماً يتضمن أسس استخدام العقارات المملوكة من الدولة بغرض استثمارها وفق أحكام هذا القانون.
ورغم حرص القانون على منح الضمانات للمستثمرين، كالحديث عن منع الحجز الاحتياطي على مشاريعهم إلا وفق مذكرة قضائية، لكنه أجاز نزع ملكية هذه المشاريع من أصحابها لاعتبارات النفع العام، وبتعويض يعادل “القيمة الحقيقية” للمشروع وفقاً للسعر الرائج بتاريخ الاستملاك. وفي تلك الحالة، يُسمح للمستثمر بإعادة تحويل مبلغ التعويض الناجم عن المال الخارجي الذي أدخله بغرض تمويل الاستثمار وذلك إلى الخارج وبعملة قابلة للتحويل.