ما هي الأسواق في حمص التي يشملها مرسوم الإعفاءات الضريبية؟
صدر في آب الماضي المرسوم رقم 13 لعام 2022 القاضي بمنح تسهيلات وإعفاءات ضريبية واسعة داخل المدن القديمة في محافظات حلب وحمص ودير الزور، بما في ذلك الأسواق القديمة والتراثية. وبانتظار صدور التعليمات التنفيذية للمرسوم، تتضارب التصريحات الرسمية حول الأسواق أو المناطق المتوقع أن يشملها نطاق تنفيذ المرسوم 13 في مدينة حمص.
في مدينة حمص سوق قديم أثري يسمى بالسوق المسقوف، تتفرع عنه أسواق فرعية يعود تاريخ بعضها إلى العهد المملوكي، وأبرزها؛ النوري، المنسوجات، العطارين، الحرير، الصاغة، المعصرة، العُبّي، الخياطين، الحسبة، البازرباشي والنسوان. وبعض هذه الأسواق متخصصة ببيع أنواع محددة من البضائع، كما تشير إلى ذلك أسماؤها المميزة. وفي المجمل تضمّ أسواق حمص الأثرية حوالي 1000 محل تجاري، وبضع خانات أثرية، وبضعة قصور قديمة، عدا عن المنازل والمساكن المحيطة بها والمتدخلة في نسيجها العمراني.
ويًمثّلُ السوق المسقوف والأسواق الأثرية المتفرعة عنه، جزءاً من “السوق المركزي”، أي الوسط التجاري في مدينة حمص القديمة. ويضم السوق المركزي أيضاً بعض الأسواق الشعبية القديمة مثل سوق الناعورة وسوق الحميدية. وليس واضحاً إن كان نطاق تطبيق المرسوم 13 سيشمل كامل السوق المركزي، أم فقط منطقة السوق المسقوف والأسواق الأثرية المتفرعة عنه. وفي التصريحات الرسمية خلط واضح بين المدينة القديمة، وبين السوق المركزي، والسوق الأثري، والأسواق التجارية، من دون وجود تمييز واضح لها.
نهاية آب الماضي، أشار محافظ حمص إلى وجود تحضيرات للبدء في جرد وإحصاء المحال التجارية التي هي بحاجة للترميم في منطقة السوق الأثرية. وأيضاً، أشار المحافظ إلى البدء بإعداد جداول بالضرائب والرسوم على المهن والحرف، وضرائب الدخل والعرصات والإنفاق الاستهلاكي، المشمولة بالمرسوم 13 بغرض إصدار قرار بالإعفاء منها.
في حين أشار رئيس مجلس مدينة حمص إلى أن المرسوم يشمل إعفاءات ضريبية للمحال والمنازل المهدمة والتي تحتاج للترميم ضمن نطاق المدينة القديمة. وأضاف أن السوق الأثرية يضم 15 سوقاً قديمة أعيد افتتاح 390 محلاَ منها، وقد تم ترميم 600 محلاً، وهناك 200 محلاً جاهزة لكنها لم تدخل مجال العمل.
السوق المسقوف
ما بين العامين 2000-2005 موّلت اليابان أعمال ترميم جرت في السوق المسقوف في حمص راعت طابعه الأثري القديم، وذلك بالتعاون مع محافظة وبلدية حمص، ومديرية الآثار في حمص. وتضمنت أعمال الترميم معالجة التشققات في الجدران والهبوط في الأرضيات وتدعيم بعض الأساسات، التنظيف والإضاءة.
منطقة السوق المسقوف تحولت بين العامين 2012-2014 إلى خطوط مواجهة عسكرية بين قوات النظام والمعارضة المسلحة في حمص القديمة. وتسبب ذلك بتضرر أجزاء كبيرة منها نتيجة العمليات القتالية وأيضاً بسبب القصف الصاروخي والمدفعي الذي نفذته قوات النظام على المنطقة. وانتهت تلك المرحلة بتنفيذ قوات النظام عملية تهجير قسري للسكان من كامل حمص القديمة، في العام 2014. وترافق ذلك مع انتهاكات واسعة لحقوق السكن، الأرض والملكية، في حمص القديمة وأيضاً في منطقة السوق المسقوف.
وبعد ذلك نشبت حرائق غامضة بدت مفتعلة، لتطال معظم محال السوق المسقوف، وترافقت مع حملة تعفيش طالت ما يمكن تفكيكه وإعادة تدويره من معادن وردميات، بما في ذلك تمديدات الصحية والكهرباء والهاتف.
في العام 2015 تم تشكيل لجنة تضم ممثلين عن محافظة حمص ومجلس مدينتها، ومديريات الآثار والمتاحف، الأوقاف، الكهرباء، المياه والصرف الصحي، والاتصالات، وغرفة التجارة، ممثلين عن المجتمع المحلي في مدينة حمص. ومهمة هذه اللجنة هي العمل على ترميم وتأهيل السوق المسقوف.
في العام 2016 بدأت أعمال إعادة تأهيل السوق المسقوف وبعض الأسواق الفرعية، بدعم من مشروع الأمم المتحدة الإنمائي UNDP واليابان.
وتمّ تقسيم العمل إلى 4 مراحل، تم الانتهاء من الثلاثة الأولى منها:
الأولى امتدت بين العامين 2016-2017، وتضمنت فتح الطرق الرئيسية في السوق المسقوف والأسواق الأثرية المتفرعة عنه، وترحيل الأنقاض منها.
والمرحلة الثانية، والتي جرت خلال العام 2017، تضمنت إعادة استخدام الأنقاض في عمليات ترميم السوق المسقوف بحسب المصورات والمخططات المتوافرة لدى بلدية حمص ومديرية الآثار، وكذلك إعادة ترميم 680 محلاً تجارياً متضرراً جزئياً بما في ذلك تركيب الأرضيات والأسقف.
والمرحلة الثالثة جرت في العام 2019، وهدفت إلى إعادة تأهيل البنى التحتية للسوق، من شبكات كهرباء ماء وصرف صحي، وشبكة الاتصالات الأرضية، وإعادة بناء هيكل المحال المهدمة، وتركيب أبواب معدنية لها، واستكمال أعمال التنظيف في ممرات السوق. وتضمنت المرحلة الثالثة تركيب أعمدة الإنارة، وانارة شوارع السوق المسقوف، وتركيب محولات الكهرباء.
في شباط 2022 طلبت سوريا من برنامج الأمم المتحدة الإنمائي UNDP تمويل المرحلة الرابعة من إعادة تأهيل أسواق حمص القديمة والأثرية. وتتضمن المرحلة الرابعة، إعادة تأهيل 179 محل تجاري في بعض الشوارع الفرعية المحيطة بالسوق المسقوف، ومنها شوارع أبو العوف وزين العابدين وأبو الهول، وسوقي الصاغة والخياطين. وشوارع أبو العوف وزين العابدين وأبو الهول لا تعتبر أثرية.