ما الذي ساعد ميادة على الطلاق وعدم السكن في غرفة المقاطيع؟
ميادة من إحدى قرى محافظة السويداء، تزوجت قبل تخرجها من كلية الهندسة في دمشق بفترة قصيرة، لكنها أصرت على إتمام دراستها. تقول ميادة لسيريا ريبورت أن “صوتها الداخلي طالما أشار لها بضرورة التخرج من الجامعة”. وبالفعل، بعد سنة من زواجها أنجبت طفلها الأول، وبعدها تابعت دراستها وتخرجت واستطاعت الحصول على وظيفة في القطاع العام. في السنة الخامسة على زواجها كان ميادة قد رزقت بثلاثة أطفال.
قد تبدو الصورة جميلة، عائلة مثالية، أب وأم وثلاثة أطفال، لكن الحقيقة مختلفة. إذ منذ السنة الأولى لزواجها، شعرت ميادة بحدة الخلافات مع زوجها. فعلياً، لم يكن الزوج عنيفاً، لكنه سريع الغضب وشديد الانفعال. الزوج لم يكن بخيلاً أيضاً، لكنه كان يحسم أي موقف بعبارة: “هذا ما سيحصل لأنني قررت أنه سيحصل”، دون أن يفكر بسماع رأيها.
تقول: “كان زوجي يرى الحياة من وجهة نظر واحدة، علينا أن نكون جميعاً متشابهين، لدينا نفس الاحتياجات ونفس المشاعر، إذا مرضت أنا أو أحد من اولادي فعلينا ألا نستسلم للمرض، علينا أن ننهض ونمارس حياتنا بشكل طبيعي لأن الضعف عيب، لا حاجة لنا للقيام بتصليحات أو تجديدات في البيت، حتى لو لم نكن مرتاحين، فالغاية من البيت باب يقفل علينا وحيطان تسترنا”.
بعد 15 عاماً من الزواج، كانت ميادة برفقة زوجها وأولادها في زيارة تهنئة بأحد الأعياد. حينها، حصل خلاف بينها وبين زوجها، فانفعل الزوج وأهانها، وعائلتها. تقول ميادة: “في هذا اليوم شعرت بأني لم أعد أحتمل، وبأن علي أن أبتعد”. لم تعد ميادة في ذلك اليوم إلى المنزل، بقيت مع أطفالها الصغار في بيت أهلها، بينما عاد ابنها الكبير مع والده إلى المنزل.
تقول ميادة: “رغم أن عائلتي كانت شاهدة على الإهانات التي تعرضت لها، والإهانات التي تعرضت العائلة لها، إلا أنها شعرت بالغضب مني عندما علمت برغبتي في الطلاق. لم يساندني أحد من أخوتي، فقط شقيقتي”.
في العام 2009، رفعت ميادة دعوى تفريق في المحكمة المذهبية للموحدين الدروز في السويداء، بسبب تعذر استكمال الحياة الزوجية. ميادة، كانت محظوظة، وقد حصلت في النهاية على الطلاق.
وبالطبع، طلب أشقاء ميادة منها أن تعود إلى بيت أهلها، وتسكن غرفة تخصص لها ولأطفالها، تسمى بغرفة المقاطيع. في الأعراف الدرزية، غرفة المقاطيع هي غرفة في منزل، أو شقة صغيرة، تكون محددة في الوصية، لتسكنها وتنتفع منها المرأة غير المتزوجة، أو الأرملةً والمطلقة. في كثير من الأحيان، تعطى النساء حق الانتفاع بهذه الغرفة، في الوصية التي يتركها الآباء أو الأخوة الذكور. في أحيان قليلة تعطى النساء أيضاً حق الرقبة أو الملكية لهذه الغرفة.
لم ترض ميادة بهذا الحل، واستأجرت منزلاً في دمشق لتسكنه مع أولادها. الأخوة الذكور رضوا بتركها وشأنها على مضض، خاصة لأن ابنها الكبير، وعمره حينها كان 14 عاماً، سيعيش معها، وبالتالي سيكون “هناك رجل” يحميها من الناس والجيران والشارع.
المحكمة أقرت لميادة بالنفقة من زوجها، لها ولطفليها الصغيرين، بما مقداره 1000 ليرة سورية شهرياً حينها. تقول ميادة: “من حسن حظي أنني أعمل، وأن طليقي لم يكتف بالنفقة وحاول مساعدتنا أولادي وأنا بشتى السبل. هو الآن متزوج ولديه عائلة اخرى، لكنه حافظ على علاقة طيبة بأولاده”.
تشعر ميادة بالفخر لأنها أصرت على استكمال دراستها والحصول على عمل. ذلك، سمح لها التمسك بقرارها حتى النهاية، وتحمل مسؤولية أطفالها، والسكن في منزل مستقل. هذه المزايا، ليست من نصيب كثير من النساء اللواتي يعشن حالات مماثلة لميادة.