ماذا أنجز الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال؟
بعد سبعة أشهر على زلزال شباط 2023 الذي ضرب شمالي غربي سوريا، ما زالت استجابة الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال خجولة، في نطاق محافظة اللاذقية، وغير ملحوظة في محافظة حلب.
تم إحداث الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال، بموجب المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2023، بغرض تقديم الدعم المالي للمتضررين ومساعدتهم على تجاوز الضرر الجسدي أو المادي أو المعنوي اللاحق بهم. في 22 آب، نقلت صحيفة البعث الرسمية، مجريات ندوة حوارية عقدها مدير الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال فارس كلاس. وفي الجلسة قال كلاس بأن الصندوق هو جزء من خطة العمل الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال-“الإنسان أولاً”، ومدة عمله هي ثلاث سنوات، ويتوجب على إدارة الصندوق خلالها صرف ما يأتي من واردات إلى مستحقي الدعم من المتضررين.
المدير أكد وجود بيانات كاملة عن المتضررين لدى الصندوق. وأضاف أن الصندوق اصطدم بالقوانين المتعلقة بالملكيات الخاصة، وطالب بزيادة مرونة تلك القوانين، أو تعديلها في حال اقتضت المصلحة العامة في الحالات الاستثنائية كالزلزال. ولم توضح الصحيفة ما قصده كلاس بمعنى الاصطدام بقوانين الملكية.
في 15 آب، أكد وزير الإدارة المحلية والبيئة حسين مخلوف، خلال مؤتمر صحفي، بأن الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال، سيقدّم الدعم للمنازل المتضررة بتكلفة 156.5 مليار ليرة. وليس واضحاً إن كان هذا المبلغ متوفراً لدى الصندوق، أم أنه كلفة تقديرية لحجم التدخل المالي المطلوب من الصندوق. إذ أكد مدير الصندوق، في المؤتمر ذاته، أنه لم يصل حتى الآن إلى الصندوق أي مساعدات مالية من دول عربية أو منظمات دولية.
محافظ اللاذقية عامر هلال، دعا في حديثه لصحيفة الوطن شبه الرسمية، في 30 آب، المتضررين من الزلزال إلى التسجيل في مراكز خدمة المواطنين قبل نهاية العام الجاري، وهي المدة التي حددها الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال للأولوية الحالية. وقد تم تأهيل ثلاثة مراكز لخدمة المواطن في المحافظات الثلاث حلب واللاذقية وحماة، لاستقبال طلبات المتضررين. وفي كل مركز خدمة المواطن هناك موظف من المؤسسة العامة للإسكان ومن المصرف العقاري.
المرحلة الأولى من برنامج الدعم الذي يوفره الصندوق، تتضمن التعويض على أصحاب الأبنية المهدمة لحظة وقوع الزلزال في 6 شباط أو في الهزة الارتدادية التي وقعت في 20 شباط، وفق شريحتين؛
الشريحة الأولى؛ تخص العقارات المتهدمة الواقعة ضمن أبنية مرخصة في منطقة منظمة، ويتم تعويض أصحابها من قبل الصندوق بمبلغ 160 مليون ليرة لإعادة بناءها. وزير الإدارة المحلية والبيئة قال إن المنازل المرخصة المستهدفة بهذه الشريحة، تشمل منازل عربية أو شقق في بناء طابقي سكني، أو المحال التجارية المرخصة، وهي تشكل 61 بالمئة من العقارات المتضررة. وأضاف أن الصندوق يستهدف هذه الشريحة بدعم مالي أكثر من 134.5 مليار ليرة.
ويجب على مالك المسكن المتهدم من هذه الشريحة، أو لأي شخص مفوض عن مجموعة مالكين لبناء واحد متهدم، تقديم طلب تسجيل في مركز خدمة المواطن للاستفادة من دعم الصندوق. وحتى 28 آب الماضي، تقدم 55 متضرراً بطلبات تسجيل إلى مركز حدمة المواطن في اللاذقية، بحسب ما قاله رئيس المركز علي حسن، لصحيفة الوطن. وأشار حسن إلى أنه لا يتم طلب أي وثيقة من المتضررين من هذه الشريحة، سوى الهوية الشخصية فقط، ما دام اسم المتضرر وارداً ضمن لوائح لجنة القرار 555، المعنية بإصدار قوائم المتضررين المشمولين بالمرحلة الأولى من برنامج الصندوق. ولجنة القرار 555 مسؤولة عن تحديد أسماء المتضررين من الزلزال، وتصدر لوائح بهم مصدقة من محافظي المحافظات المعنية.
ومن بعدها، يتكفل مركز خدمة المواطن باستخراج بقية الوثائق. وبحسب وزير الإدارة المحلية، فإن غرفة العمليات في المحافظة هي من يتولى تأمين الوثائق اللازمة للعقارات المرخصة المهدمة، خلال 48 ساعة. وبعد ذلك تتم إحالة الطلب إلى مجلس المدينة ونقابة المهندسين. وبعد موافقة نقابة المهندسين المبدئية على ترخيص إعادة بناء العقار، تُعدُّ النقابة الإضبارة الهندسية وتصدّقها، وتستخرج الترخيص النهائي لإعادة البناء.
النقابة تقدم الترخيص عبر نظام مؤتمت إلى مجلس إدارة الصندوق. بعدها يقوم الصندوق بتقديم الدفعة الأولى من الدعم والبالغة 80 مليون ليرة من حساب الصندوق المصرفي. ومن ثم يقوم المتضرر بإبرام عقد مقاولة مصدق من نقابة المقاولين. ويحال ذلك العقد عبر نظام مؤتمت إلى مجلس إدارة الصندوق، وبموجبها يتم تحويل الدفعة الثانية والبالغة 80 مليون ليرة.
الشريحة الثانية؛ خاصة بالعقارات والأبنية غير المرخصة في منطقة منظمة أو غير منظمة، ويحق لهذه الشريحة الاكتتاب على سكن ضمن مشاريع الإسكان الحكومية للمستحقين من متضرري الزلزال التي تشيّدها المؤسسة العامة للإسكان. الشريحة الثانية تستفيد من دعم مالي بقيمة 40 مليون ليرة يدفعها الصندوق مباشرة للمؤسسة العامة للإسكان، مع إتاحة إمكانية حصول المتضرر على قرض من المصرف العقاري بموجب المرسوم رقم 3 لعام 2023، يعادل المبلغ المتبقي من قيمة الوحدة السكنية. المرسوم 3\2023 يمنح المتضررين من الزلزال إعفاءات ضريبية، بعضها يتعلق بعقاراتهم المهدمة كلياً أو جزئياً.
وزير الأشغال العامة والإسكان سهيل عبداللطيف، قال خلال مؤتمر صحفي جمعه من وزير الإدارة المحلية في 15 آب، أنه يجب على المتضرر من الشريحة الثانية، مراجعة مركز خدمة المواطن، وتقديم كتاب يتضمن رغبته بالحصول على شقة سكنية من المؤسسة، ولهذه الكتب نماذج جاهزة. ثم يقوم المركز بتأمين كل الوثائق اللازمة. وكل هذه المراحل مؤتمتة، بحسب الوزير.
الملفت أن تصريحات الوزير تتناقض مع ما نشرته صحيفة الوطن في 30 آب، من أنه يتوجب على المتضررين المصنفين ضمن الشريحة الثانية، الحصول على ملف أو نموذج اسمه “تصريح الوحدة الإدارية” الموحد المعتمد في المحافظة، الهادف لتأكيد ملكية المسكن. ويجب على أولئك تقديم النموذج بعد تعبئته، في مركز خدمة المواطن، مع ارفاقه بإحدى الوثائق المتاحة كعقد البيع “البراني” مع إشارة دعوى على صحيفة العقار، أو حكم محكمة، أو تنازل من مالك الأرض الأصلي إلى مالك العقار غير المرخص عن حصته موثق لدى الكاتب بالعدل، وكذلك فواتير كهرباء أو هاتف أو مياه عن العقار المهدم.
في كل الأحوال، عندما يصبح الملف جاهزاً يرسل بشكل أوتوماتيكي إلى إدارة الصندوق التي تقوم بمراجعة بيانات المتضرر، وخلال ثلاثة أيام تقوم بتحويل الدعم وهو 40 مليون ليرة للحساب المصرفي لمؤسسة الإسكان، باسم المتضرر. وعندها يتم إبلاغ المتضرر بتحويل المبلغ إلى المؤسسة باسمه، يحصل على وثيقة الاكتتاب، ويختار الشقة التي يرغب بها من خلال الاطلاع على كامل التفاصيل المنشورة على موقع المؤسسة. ويحق للمتضرر بعد ذلك التقدم بطلب للحصول على قرض بموجب المرسوم رقم 3، ضمن مركز خدمة المواطن. قيمة القرض أيضاً يتم تحويلها إلى حساب المؤسسة. الوزير أشار إلى أن تكلفة الشقة قد تصل إلى 200 مليون ليرة، ما يعني أن المتضرر يستفيد فقط من 40 مليون يقدمها الصندوق، و160 مليون ليرة كقرض يتم تقسيطه لمدة خمس سنوات للمؤسسة.