لجان السلامة العامة بعد الزلزال
بعد زلزال 6 شباط 2023، تشكّلت في مناطق سيطرة النظام، مئات اللجان المكلفة مهام التقصي عن السلامة الإنشائية للمباني المتضررة والمتصدعة. ويبدو بأن الفوضى تشوب تشكيل تلك اللجان، وسط اختلاف تبعيتها، صلاحياتها ومناطق عملها.
وبحسب قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011، يحق لمجلس الوحدة الإدارية تشكيل لجان متعددة، دائمة أو مؤقتة، من أعضائه أو من غيرهم، للقيام بمهام محددة. وغالباً ما تُعرف هذه اللجان باسم لجان السلامة العامة، ولها أنواع متعددة بحسب اختصاصها.
ومن بين لجان السلامة العامة لجان هندسية مسؤولة عن إصدار التقارير حول السلامة الإنشائية للأبنية أو نسب الدمار في منطقة ما، وتسمى إما بلجان السلامة الإنشائية، أو اللجان الفنية، أو لجان الترابط الانشائي، أو لجان الإنشاء والتعمير، أو لجان تقييم المباني المتضررة. ولا توجد معايير موحدة لتسمية تلك اللجان ولا لتوصيف مهامها.
بعض تلك اللجان كان موجوداً قبل الزلزال، وتعتمد عليه الوحدات الإدارية، خاصة في المناطق المتضررة من الأعمال القتالية السابقة لتحديد مستوى الخطر على بناء ما، وتقديم توصيات تتراوح بين إزالته أو تدعيمه، أو الإبقاء عليه.
حتى 20 شباط، بلغ عدد اللجان في محافظتي حلب واللاذقية 100 لجنة لكل منهما، و65 لجنة في حماة، بحسب تصريحات لوزير الأشغال العامة والإسكان. وكشفت تلك اللجان في محافظة اللاذقية على حوالي 22 ألف مبنى، وفي حلب على 12 ألف مبنى وفي حماة على 7 آلاف مبنى. وليست كل اللجان الجديدة تابعة لمجالس الوحدات الإدارية. بل ظهرت أيضاً لجان تتبع لنقابات، وزارات، أو لمنظمات غير حكومية وجامعات. بعض اللجان جاءت مختلطة تضمّ أعضاء من مختلف الهيئات السابقة.
أبرز اللجان الجديدة المشكلة كانت مختلطة، وقد سماها وزير الأشغال العامة والإسكان بـ”فرق سلامة إنشائية”، وتضم أعضاءً من فروع نقابة المهندسين السوريين في المحافظات، ومهندسين استشاريين في الشركة العامة للدراسات الهندسية التابعة لوزارة الإسكان، ومن لجان السلامة الإنشائية التابعة للمحافظات الموجودة سلفاً. الوزير أشار في حديثه لجريدة تشرين الرسمية في 13 شباط، إلى أن تلك الفرق توزعت جغرافياً على المناطق المتضررة، ودعا المواطنين الراغبين بالتأكد من سلامة منازلهم الإنشائية مراجعة هذه الفرق عن طريق مجالس المحافظات.
وأشار الوزير إلى أن تلك الفرق تعمل على حصر وتقييم الأضرار في كل المنشآت الحكومية والسكنية، وتقديم الدعم الفني والاستشارة الهندسية لتحقيق السلامة الإنشائية للأبنية. وبحسب الوزير، فإن من مهام هذه الفرق، تقديم تقرير عن كل محافظة متضررة على حدى، يُظهر نسب الأضرار والتوصيات اللازمة.
مدير عام الشركة العامة للدراسات الهندسية، قال لجريدة تشرين الرسمية، في 16 شباط، إن الشركة قامت بإعداد دليل عمل لفرق السلامة الإنشائية، بهدف التقييم السريع الأولي للسلامة الإنشائية للمباني السكنية والعامة المتضررة زلزالياً، وقابلية استخدامها، وتقديم الاستمارات اللازمة لجمع البيانات. وقامت تلك الفرق بالكشف على مئات المباني في محافظات اللاذقية وحلب وحماة وطرطوس ودمشق، وإخلاء المباني القابلة للانهيار وتحديد المباني الممكن ترميمها.
من جانب آخر، تشكلت بعض اللجان الجديدة للكشف على المباني المتضررة من الزلزال، بالتعاون بين نقابة المهندسين السوريين والأمانة السورية للتنمية التي ترأسها أسماء الأسد، زوجة الرئيس السوري.
كما شكّل أعضاء الكادر التعليمي في أقسام الهندسة في جامعة تشرين الرسمية في محافظة اللاذقية، لجاناً قامت بالكشف على البيوت المتصدعة بطلب من أصحابها. جامعة البعث في حمص شكلت لجاناً خاصة بها للكشف على مبانيها الجامعية ووحداتها السكنية. وزارة التربية بدورها شكّلت لجاناً خاصة بها للكشف على المباني المدرسية وتحديد الأضرار فيها. كما تشكلت لجان بمبادرات أهلية، ضمّت مهندسين متطوعين، للكشف على المباني المتضررة.
وفي العموم، فإن مهام اللجان الجديدة، مثل القديمة، تتلخص بالكشف الميداني على الأبنية في المناطق المتضررة، وتحديد وضع كل مبنى على حدة، وتقديم توصية للوحدات الإدارية، بتركها على وضعها، أو ترميمها، أو اخلائها وهدمها. وما زال كثير من الناس المقيمين حالياً في مراكز الإيواء في حلب واللاذقية، ممن تركوا بيوتهم المتصدعة، ينتظرون زيارة اللجان للكشف عن مساكنهم وتحديد مستوى الخطر عليها.
ويترتب على ذلك تحديد مصير السكان على المدى القصير، لجهة البقاء في مراكز الإيواء أو العودة إلى منازلهم. وبحسب التصريحات الرسمية، فقد تلقت اللجان في المحافظات المتضررة عشرات آلاف الطلبات للكشف عن مساكن متصدعة.
وتقوم اللجان بتشميع الأبنية الآيلة للسقوط، بانتظار ورشات الهدم التابعة للوحدات الإدارية لهدمها وإزالة أنقاضها. وتشميع الأبنية يعني وضع إشارات بالشمع الأحمر على تلك المباني، تنبه الأهالي بعدم العودة إليها.