لأول مرة، محافظة إدلب تعرض أراضي الغائبين المزروعة باللوز والتين بالمزادات العلنية للاستثمار
تواصل محافظة إدلب وضع يدها على أراضي الغائبين من النازحين والمهجرين قسرياً عن مناطق سيطرة النظام، ووضعها للاستثمار ضمن مزادات علنية. المزادات الجديدة شملت أراضي مزروعة بالتين والزيتون واللوزيات وأراضي سليخ، للمرة الأولى. وكانت محافظة إدلب قد نظمت في تموز وحزيران الماضيين، للسنة الثانية على التوالي، مزادات لاستثمار أراضي الغائبين المزروعة بالفستق الحلبي.
خلال آب الماضي، أعلنت الأمانة العامة لمحافظة إدلب عقد مزادات علنية لاستثمار أراضي الغائبين، شملت 1160 هكتاراً مزروعة بالتين، و200 هكتار مزروعة باللوزيات، و80 هكتاراً من الأراضي السليخ غير المشجرة، و5285 هكتاراً مزروعة بالزيتون. وهذه الأراضي تعرض للاستثمار للمرة الأولى.
توزعت الأراضي المزروعة بالتين على قطاعات موزعة على مدن وبلدات كفروما وحاس وبسقلا وكفرنبل وجبالا ومعرتماتر وحزارين وكرسعة والفقيع .كما تضمنت الأراضي المزروعة بالتين قطاعاً غربي مدينة معرة النعمان على خط التماس بين قوات المعارضة والنظام. وتنتشر في هذا القطاع من جهة قوات النظام الفرقة 25 مهام خاصة، المعروفة سابقاً بقوات النمر، والمدعومة روسياً. وتشهد هذه المنطقة باستمرار عمليات عسكرية وقصفاً متبادلاً.
وتقسم مناطق سيطرة النظام في ريف إدلب إلى ثلاثة أقسام، تعرفُ بمناطق الاستقرار الأولى والثانية والثالثة، بحسب قربها من خط التماس مع المعارضة. ومنطقة الاستقرار الأولى هي الأقرب لخطوط التماس وبالتالي الأكثر خطورة، ومن ثم الثانية وتليها الثالثة. منطقة الاستقرار الأولى تضم بلدة الهبيط ومدينة خان شيخون ومعرة النعمان وريفها الغربي، ومدينتي سراقب وخان السبل. أما منطقة الاستقرار الثانية فتضم بلدتي التمانعة والتح وصولاً إلى سنجار شمالاً. منطقة الاستقرار الثالثة تضم القرى والبلدات الأكثر بعداً عن خط التماس كبلدة أبو الظهور وريفها.
القطاع غربي معرة النعمان المطروح للاستثمار حالياً، هو ضمن منطقة الاستقرار الأولى، وهو منطقة عسكرية تطلق عليها قوات النظام وصف “منطقة انتشار”، وتمنع إقامة المدنيين فيها أو عودتهم إليها. وكان الضباط يتقاسمون الأراضي، ويقوم عناصر الجيش من المجندين الإلزاميين، بقطاف التين وتجفيفه، كعمل سخرة بلا مقابل ولا تعويض.
الضباط يبيعون المحصول، لتجار وموزعي الفواكه والخضروات في المنطقة، وبعض الإنتاج يتم تهريبه إلى مناطق المعارضة في إدلب، ومنها إلى الأسواق العراقية. ولم يكن هناك سابقاً أي دور لمحافظتي حماة أو إدلب، في تنظيم تلك الاستثمارات، لقاء حصص من الارباح يوزعها الضباط على بعض المسؤولين في المحافظتين.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، قال أن الأراضي المزروعة بالتين عرضت للاستثمار فقط بعد نشوب خلافات على تقاسم الأرض والأرباح، بين ضباط قوات النظام الذين كانوا يستثمرونها على حسابهم خلال السنوات الماضية. المراسل أشار إلى أنه من المتوقع استثمار هذه الأراضي عن طريق أشخاص مدنيين، مقربين من الضباط، في طريقة لإدارة النزاعات بين الضباط أنفسهم. ويعود ذلك، إلى أنه يصعب على المدنيين العمل في هذه المنطقة من دون غطاء أمني من الضباط النافذين فيها.
المراسل أشار إلى أن المزادات قد عقدت ما بين 17-23 آب، بشكل صوري، ورست مباشرة على أشخاص محددين سلفاً. وستسلم الأراضي للمستثمرين على أرض الواقع بمحضر تسليم رسمي من قبل موظفي المحافظة. ويبدو بأن محافظة إدلب مستعجلة للغاية في طرح الأراضي المزروعة بالتين للاستثمار، لأن موسم قطاف التين ينتهي منتصف أيلول الجاري. ويصل سعر كيلو التين الواحد في أسواق الهال في المنطقة، إلى 8 آلاف ليرة حالياً، ولكن التين معظم الإنتاج يباع مجففاً ويصل سعره إلى حوالي 30 ألف ليرة.
بخصوص أراضي اللوزيات، فقد طرحت الأمانة العامة لمحافظة إدلب في الفترة ذاتها، 200 هكتار قالت إنها مزروعة باللوز والمشمش والدراق والخوخ، للاستثمار في المزادات. وتوزعت تلك الأراضي على قطاعات في ريف إدلب الجنوبي؛ خان شيخون والتح وريف معرة النعمان الشرقي. وهذه المنطقة مشهورة بزراعة الفستق الحلبي، واللوزيات فيها هي أشجار متفرقة غالباً ما زرعها الفلاحون على الحدود بين أراضيهم، لا كزراعة رئيسية.
كما عقدت الأمانة العامة لمحافظة إدلب، مزادات ما بين 17-24 آب، لاستثمار 5285 هكتاراً مزروعة بأشجار الزيتون، موزعة على مناطق سيطرتها في خان شيخون ومعرة النعمان وسراقب.
في كل هذه المزادات الأخيرة، لم تحدد الأمانة العامة لمحافظة إدلب، شروط الاستثمار للأراضي المزروعة بالتين واللوزيات والزيتون، وفيما إذا كانت خاضعة لقانون العقود العامة رقم 51 لعام 2004، كما هو حال بقية المزادات. وأيضاً، لم يحدد الإعلان قيمة التأمينات الأولية، ولا الحد الأدنى لسعر المزايدة، على خلاف بقية المزادات.
وكذلك أعلنت محافظة إدلب طرح 80 هكتاراً من الأراضي السليخ غير المشجرة القابلة للاستثمار زراعياً في الموسم الزراعي 2023-2024، على أن تنعقد المزادات ما بين 3-12 أيلول. وعلى خلاف الأراضي المزروعة بالتين واللوزيات والزيتون، فإن المزادات لاستثمار الأراضي السليخ تم تنظيمها وفق قانون العقود العامة رقم 51 لعام 2004، بالاستناد لكتاب من وزارة الزراعة باعتماد المساحات المطروحة للاستثمار والمطابقة لخطط الوزارة الزراعية السنوية.
وعلى من يود الدخول في هذه المزادات، الحصول على موافقة أمنية وبيان براءة ذمة من مديرية المالية في المحافظة، ودفع تأمينات أولية بقيمة مليون ليرة للهكتار الواحد، وتقديم إضبارة فنية قيمتها خمسون ألف ليرة. ومن يرسو عليه المزاد سيدفع 10% من قيمة النهائية للمزايدة، كتأمينات نهائية لمحافظة إدلب.