قصص شخصية: حرمان بعض الناشطات العلويات من الميراث
تعرضت بعض الناشطات العلويات اللاتي عارضن النظام في ثورة العام 2011، لمقاطعة من عائلاتهن ومحيطهن الاجتماعي، وأحياناً حرمن من حقوقهن في السكن، الأرض والملكية.
وبالعموم، لا يحظى توريث المرأة باهتمام كبير لدى الأوساط الشعبية من الطائفة العلوية، ولكن هذا الأمر يزداد وضوحاً مع الناشطات العلويات المعارضات للنظام حالياً. ومن الملفت للنظر تعامل المجتمع العلوي بهذه الحدة مع هذه الفئة من الناشطات. على العكس، لم تتعرض لمقاطعة أهلية مماثلة المعارضات العلويات اللاتي سبق وانتسبن لحزب العمل الشيوعي في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، وتعرضن لفترات سجن طويلة وملاحقة أمنية.
مراسلة سيريا ريبورت، تمكنت من مقابلة عدد من الناشطات العلويات، واستمعت إلى قصص حرمانهن من حقوقهن في السكن، الأرض والملكية، بسبب نشاطهن السياسي. قصة الأخوات رولا ورنا وريما، تلقى المزيد من الضوء على هذه القضية. رولا ورنا وريما، هن أخوات من عائلة علوية من مصياف، ولهنّ أيضاً أخوة ذكور. رولا ناشطة سياسية معارضة، وقد تعرضت للملاحقة الأمنية بسبب نشاطهما الثوري، ما دفعها لمغادرة سوريا بعد العام 2013 واللجوء إلى دولة أوروبية. وعلى عكسها، رنا لم تهتم يوماً بالسياسة، وليست معنية بمعارضة النظام. رنا بدورها، تركت سوريا وتزوجت وتعيش أيضاً في دولة أوروبية. ريما، ليست ناشطة سياسة، ولكنها سبق وعصت رغبة العائلة وتزوجت في سوريا من شخص غير علوي.
وكما في كثير من العائلات العلوية فالورثة تكون للأخوة الذكور. ولكن، الأخوات الثلاث ورثن أرضاً عن أمهنّ. الوالدة كانت قد حصلت تلك الورثة من ذويها، بعد صراع عائلي طويل مع إخوتها الذكور.
وضغطت العائلة على ريما، المتزوجة من خارج الطائفة، حتى تنازلت عن حصتها لأحد الأخوة الذكور. رنا، حصلت على كامل حصتها، ولم ينازعها أحد عليها. رولا، وبعد أن اتضح موقفها السياسي المعارض للنظام باتت الطرف الأضعف، وسرعان ما بدأ الضغط عليها لتبيع حصتها من الأرض، إلى أحد الأخوة بسعر زهيد.
ورغم رفض رولا للتنازل، يقوم الأخ باستثمار الأرض لحسابه وسط ضغوط تزداد حدة يومياً. منذ فترة قصيرة، حظيت العائلة بزيارة من فرع الأمن السياسي في مصياف، يسأل عن رولا، ونشاطاتها المعارضة، وأيضاً عن ملكيتها في سوريا. وأثارت تلك الزيارة الخوف لدى العائلة من امكانية استيلاء الدولة على ملكية رولا. وهنا، تعتبر العائلة أن الأخوة الذكور أحق بالأرض من رولا، التي جلبت لهم المتاعب.
ومع كل ذلك، تبدو قصة رولا أقل وطأة من سميرة، الفتاة العلوية المعارضة للنظام من ريف جبلة. إذ تعرضت سميرة، للتنمر من سكان قريتها الصغيرة بسبب موقفها السياسي. سميرة هربت من القرية، إلى دمشق. وهناك، تعرضت للاعتقال. بعد خروجها من المعتقل، عادت إلى قريتها، فتلقاها الناس بالحجارة.
سميرة، التي كان لوالدها الكثير من الأراضي والملاك، حرمت من كل شيء، واضطرت بعد فترة لمغادرة سوريا. أحد أخوتها الذكور، قال لها في آخر اتصال هاتفي، عندما طالبته بحصتها من الميراث: “بدل أن تطلبي حصتك من الميراث، عليكِ أن تدفعي ثمن العار الذي تسببت لنا به”.