قراءة في إعلان إنتهاء أعمال إعادة التكوين الإدارية للوثائق العقارية التالفة
انتهت المديرية العامة للمصالح العقارية مطلع العام 2022، من أعمال إعادة تكوين الوثائق العقارية المتضررة في بعض المناطق العقارية التابعة لدائرة المصالح العقارية في عربين التابعة بدورها لمنطقة دوما بريف دمشق. وقد صدرت بضعة قرارات بإعادة التكوين الإداري لبعض الوثائق، وقرار واحد بإعادة التكوين القضائي.
وعرّف القانون رقم 33 لعام 2017 الناظم لإعادة تكوين الوثيقة العقارية المفقودة أو التالفة، إعادة التكوين بأنها مجموعة الإجراءات الإدارية والقضائية التي تؤدي إلى إصدار بديل موثوق للوثيقة العقارية المتضررة أو استكمال أحد عناصرها. وحدد القانون طرق إعادة التكوين بنوعين؛ إداري عند توافر الوثائق الكافية لإعادة تكوين الوثيقة لدى مديرية المصالح العقارية المعنية، وقضائي يتم اللجوء إليه في حال التلف الكلي للوثائق وعدم وجود نسخ أو صور لها لدى المديرية العامة أو وثائق أخرى لدى الجهات الحكومية.
مدير المصالح العقارية، قال في مقابلة إذاعية في أيلول 2022، إنه إذا تم ربط تسلسل العمليات العقارية بالوثائق المتوفرة لدى المصالح العقارية، دون نقص، تتم إعادة التكوين مباشرة ويُعلن تكوين الوثائق العقارية المتضررة إدارياً في المنطقة المعنية. وفي حال وجود انقطاع في هذه السلسلة تحال إلى القضاء لإعادة التكوين القضائي.
مدير المصالح العقارية في ريف دمشق كان قد قال لصحيفة الوطن شبه الرسمية، في أيلول 2019، إن هناك 310 سجلاَ عقارياً مفقوداً في عربين من أصل 898 سجلاً. وبالتالي، فقد تم الاعتماد على الوثائق الموجودة لدى المديرية العامة للمصالح العقارية وبعض الجهات الحكومية، بغرض إعادة التكوين الإدارية لتلك السجلات المفقودة.
وهذا منطقي، لأن المديرية العامة للمصالح العقارية (المركزية في العاصمة)، كانت تقوم، بحسب تصريحات القائمين عليها، وبشكل دوري، بتصوير الوثائق العقارية المحفوظة في المديريات الفرعية في المحافظات، على ميكروفيلم وكاميرات ديجتال، وتحفظها لديها. وهناك أيضاً مستودعات مركزية في دمشق لحفظ تلك النسخ، بالإضافة إلى نسخة ميكروفيلمية محفوظة في مصرف سوريا المركزي.
ولتجاوز الأزمة المتعلقة بقوة الوثيقة وأصالتها، نص القانون رقم 33، على أن الصور المخزنة إلكترونياً وصور الميكروفيلم للوثائق العقارية، تتمتع بالقوة الثبوتية للوثيقة الأصلية. أي، ساوى القانون 33، بين الصور الإلكترونية والميكروفيلمية، وبين الوثائق العقارية الأصلية.
والوثائق العقارية الأصلية هي التي ذكرتها المادة الأولى من قانون السجل العقاري الصادر بالقرار 188 لعام 1926: يتألف السجل العقاري، من مجموعة الوثائق التي تبين أوصاف كل عقار وتعيين حالته الشرعية، وتنص على الحقوق المترتبة له وعليه، وتبين المعاملات والتعديلات المتعلقة به. وتلك المعاملات والتعديلات المتعلقة بالعقار يجب أن تُسجّلُ في صحيفة العقار الورقية. القانون ألزم أيضاً، الجهة المسؤولة بتسجيل العمليات العقارية على صحيفة العقار، باليوم والساعة.
وليس واضحاً إذا كانت النسخ الميكروفيلمية والإلكترونية، تظهر جميع التعديلات على صحيفة العقار، ومنها عمليات البيع والشراء والدعاوى والإشارات. إذ أن من بين الوثائق التي يتألف منها السجل العقاري عدد من السجلات المتممة والمكملة لبعضها والتي تتألف بدورها من عدد كبير جداً من الصفحات الورقية. أبرز تلك السجلات؛ دفتر سجل الملكية وهو السجل الرئيسي، وكذلك دفتر اليومية الذي تُقيّد فيه طلبات تسجيل الوقوعات بحسب تاريخ ورودها ونوعها، وتندرج تحت رقم متسلسل في صفحاته التي يبلغ عددها المئتين. وأقدمية التسجيل في دفتر اليومية تعتبر إثباتاً للملكية.
وهذا يؤثر بدوره على وثوقية عملية إعادة التكوين الإداري للوثائق المتضررة التي تعتمد على الوثائق الموجودة لدى المديرية، وبعضها ميكروفيلمي والكتروني. أي أن الاستناد إلى الأرشيف المركزي للمديرية العامة للمصالح العقارية قد لا يكون كافياً لبيان جميع الوقوعات. إذ ليس مؤكداً أن المسؤولين عن السجل العقاري كانوا ينقلون كل الوقوعات من دفتر اليومية، إلى سجل الملكية، أو إذا كان هناك نسخة إلكترونية وميكروفيلمية لدفاتر اليومية أيضاً، ومتى كان آخر توثيق لها. هذا عدا عن الشكوك المحيطة بآليات تكوين وحفظ وإدارة المديرية لأرشيفها المركزي، ومدى مواكبتها لتوثيق العمليات العقارية.
التعليمات التنفيذية للقانون 33 لعام 2017، كانت قد نصت على إطلاق موقع إلكتروني خاص بإعادة تكوين الوثائق العقارية، بغرض إطلاع العموم على إجراءات تطبيق القانون 33. ولكن هذا الموقع لم يرّ النور حتى اليوم رغم الانتهاء من إعادة تكوين الوثائق المتضررة، إدارياً وقضائياً، في أكثر من منطقة. ويضيف ذلك المزيد من المخاوف حول حقوق السكن والأرض والملكية، خاصة للمهجرين والمغيبين قسرياً، والمعتقلين والمفقودين.