قانون التخطيط وعمران المدن لواجهة طرطوس البحرية
في مسعى للتجاوب مع التعديلات التي طلبتها وزارة الأشغال العامة والإسكان على الدراسة التخطيطية التنظيمية للواجهة البحرية لمدينة طرطوس، تبنى مجلس مدينة طرطوس مقترحات جديدة قد تساهم في حل المشكلة العالقة منذ خمسة عقود. الملفت في المقترحات الجديدة أنها تفتح الباب على تطبيق أحكام القانون 23 لعام 2015 الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن على منطقة صغيرة ضمن الواجهة البحرية.
وطول الواجهة البحرية في طرطوس حوالي 1400 متر وعرضها يتراوح بين 30-130 متراً، وهي مشغولة حالياً بمساكن ومحال قديمة متهالكة يملكها المئات من أصحاب الحقوق المحرومين من الحصول على تراخيص بناء أو ترميم أملاكهم منذ العام 1976. في العام 1988 صدر مخطط تنظيمي لمدينة طرطوس، وفيه يكون الحد الأدنى لمساحة مقسم البناء في الواجهة البحرية 2000 متر مربع. ولكن الواجهة تتضمن الكثير من العقارات الصغيرة. المخطط التنظيمي المُعدّل للواجهة البحرية الصادر في العام 2006، خص الواجهة بـ27 مقسماً تنظيمياً فقط، مساحة الحد الأدنى للمقسم الواحد 900 متر مربع. وتمّ منح رخص بناء لخمس مقاسم بموجب مخطط العام 2006، ولكنها لم تنفذ بعد.
في العام 2018، تعاقد مجلس مدينة طرطوس مع جامعة تشرين في اللاذقية، لإعداد دراسة تخطيطية تنظيميّة جديدة للواجهة. وفي العام 2019 أصدرت الجامعة دراستها وزادت فيها عدد المقاسم التنظيمية إلى 80 مقسماً، مساحة الحد الأدنى للمقسم الواحد فيها 250 متراً مربعاً. ويضمّ المقسم الواحد بالحد الأقصى حوالي خمسة عقارات، لكل عقار منها عشرات المالكين والشاغلين والوارثين والمستأجرين. إذ كلما زاد عدد المقاسم، قلّ “التشابك العقاري” بين أصحاب الحقوق، بحسب الوصف الرسمي للمشكلة.
واعتمد مجلس مدينة طرطوس الدراسة بموجب قراره رقم 102 في تشرين الأول 2019، وأحالها في كانون الأول 2019 إلى اللجنة الفنية الإقليمية التابعة للمجلس، ومن بعدها إلى وزارة الإسكان.
في آذار 2022، أصدرت وزارة الإسكان الكتاب رقم 2557/ص رفضت فيه الدراسة التخطيطية متمسكة بالابقاء على عدد المقاسم في المخطط الأصلي المحدد بـ27 مقسماً. وأعطت الوزارة مجلس مدينة طرطوس ثلاثة خيارات؛ التعديل الجزئي على دراسة جامعة تشرين بما يتناسب مع ملاحظات الوزارة، أو الإعلان عن مسابقة لتقديم دراسة تخطيطية تنظيمية جديدة للواجهة البحرية، أو تشكيل لجنة فنية موسعة من خبراء التخطيط لوضع الحلول البديلة.
المجلس اتخذ الخيار الثالث، وشكّل في حزيران 2022، لجنة خاصة موسعة من الفنيين والخبراء لدراسة ملف الواجهة البحرية، مهمتها اقتراح الحلول التنظيمية والتخطيطية للواجهة البحرية وعرضها على مجلس المدينة. واقترحت اللجنة مرحلتين للحل:
الأولى؛ مرحلة تخطيطية، تتضمن دراسة تقسيم الواجهة البحرية إلى 45 مقسماً تنظيمياً معداً للبناء، تتراوح مساحاتها بين 800-1200 متراً مربعاً. ويأتي هذا كحل وسط بين ما تطلبه وزارة الإسكان بـ27 مقسماً، وبين ما خلصت إليه دراسة جامعة تشرين بـ80 مقسماً.
بينما تكون المرحلة الثانية تنظيمية؛ يتم فيها حل مشكلة مرتبطة بالمخطط التنظيمي لعام 2006، والذي لحظ شقّ شارع عام في منطقة الواجهة البحرية، يقتطع، إن نُفّذ، من أملاك بعض أصحاب الحقوق في المنطقة. وعلى جانبي ذلك الشارع، كان مجلس المدينة قد تم منح تراخيص البناء لـ5 مقاسم تنظيمية. وقد اقترحت اللجنة لحل مشكلة الطريق والمقاسم الخمسة المحيطة به، إحداث منطقة تنظيمية في الموقع ذاته، وفق أحكام القانون 23 لعام 2015 الخاص بتنفيذ التخطيط وعمران المدن.
والملفت، كان ردّ رئيس مجلس مدينة طرطوس على اعتراض قدمه أحد أعضاء المجلس، على تطبيق القانون 23. إذ قال رئيس المجلس إن الخيارات المتاحة تتراوح بين الاستملاك، أو تطبيق أحد قوانين التنظيم النافذة ومنها القانون 23. وأضاف أن حل مشكلة الشارع ستكون بتطبيق أحكام الباب الثاني من القانون 23، كونه “يحقق العدالة والتعويض المناسب لمالكي العقارات، ويحافظ على أملاك المدينة، ويحل المشكلة بشكل جذري”.
والباب الثاني من القانون 23 هو باب التنظيم، ويُطبقُ في حالات متعددة منها المناطق التي ترغب الجهة الإدارية في تنفيذ المخطط التنظيمي العام والتفصيلي لها، وهي حالة واجهة طرطوس البحرية. والباب الثاني يضم أحكام القانون 23، بينما يعطي الباب الأول للوحدة الإدارية خيارات أخرى يمكن تطبيقها على مناطق المخالفات؛ كتطبيق أحكام قانون التطوير والاستثمار العقاري رقم 15 لعام 2008 وتعديلاته، أو تطبيق أحكام قانون الاستملاك.
ولا يبدو كلام رئيس المجلس دقيقاً بخصوص تحقيق “العدالة والتعويض المناسب لمالكي العقارات” في حال تطبيق القانون 23، إذ أن الباب الثاني من القانون 23 يتيح للوحدة الإدارية أن تقتطع مجاناً، من دون تعويض، من مناطق المخالفات الجماعية “العشوائيات”، جميع الأراضي اللازمة لتنفيذ الطرق والساحات والحدائق ومواقف السيارات والمشيدات العامة ومقاسم السكن الشعبي ومقاسم الخدمات الخاصة وفق المخطط التنظيمي العام والتفصيلي المصدقين.