عودة متعثرة إلى منطقة محاذية لمخيم اليرموك
منذ آذار الماضي وافقت محافظة ريف دمشق على عودة الأهالي إلى مواقع في بلدة يلدا جنوبي دمشق، محاذية لمخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين في العاصمة دمشق. ورغم مرور شهور على ذلك، فالعودة اقتصرت على بضع عائلات فقط.
وكانت فصائل المعارضة قد سيطرت على المنطقة المحاذية للمخيم في نهاية العام 2012 قبل أن يستولي عليها تنظيم الدولة الإسلامية في تشرين الثاني 2017. وتسبب ذلك بتحولها إلى ساحة مواجهة بين المعارضة في يلدا والتنظيم في مخيم اليرموك، كما تعرضت لقصف مكثف بالبراميل المتفجرة والغارات الجوية. وما تزال تلك المواقع مغلقة منذ سيطرت قوات النظام على المخيم في آيار 2018، بعد الاتفاق مع تنظيم الدولة الإسلامية على الانسحاب إلى بادية السويداء الشرقية.
وأعلن مجلس بلدية يلدا، في آذار 2021، أن العودة باتت متاحة إلى سوق الثلاثاء وشارع دعبول، وهما منطقتي مخالفات جماعية، وتوقع عودة أكثر من عشرة آلاف عائلة إليها، طالباً من الفاعليات الأهلية المساعدة في تأهيلهما. إلا أن مصادر أهلية قالت لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة إن عدداً قليلاً من العائلات المحسوبة على جهات نافذة في البلدة قد عادت. وأكدت المصادر أن العودة قد اقتصرت على المنطقة المحيطة بمسجد أمهات المؤمنين، في حين سُمِحَ لأصحاب العقارات في بقية المناطق بتفقد عقاراتهم ولم يُسمح لهم بترميمها أو العودة إليها.
مراسل سيريا ريبورت قال إن رئيس بلدية يلدا كان قد اجتمع مع وفد من أهالي المنطقة المحاذية للمخيم، مطلع أيلول 2018، وأبلغهم حينها بأنه رفع كتاباً إلى “الجهات المعنية” لإزالة الردم. وأضاف رئيس البلدية بأن “الجهات المعنية” قد استجابت لكتابه، وأن “شركة خاصة” ستقوم بإزالة الركام من الشوارع والحارات، قبل البدء بإصلاح شبكة الكهرباء وتخديم المنطقة. ويبدو أن المقصود بـ”الجهات المعنية” هو أحد فروع الأمن التابعة لشعبة المخابرات العسكرية التي تسيطر على المنطقة.
أحد أصحاب العقارات في سوق الثلاثاء، قال لمراسل سيريا ريبورت، إن بيته لا يبعد سوى بضعة مئات من الأمتار عن مسجد أمهات المؤمنين، ولكن الحاجز المتواجد بالقرب من المسجد منعه مؤخراً من الدخول إلى المنطقة. وبعد دفع رشوة لعناصر الحاجز، سُمحَ له بالدخول بمرافقة عنصر أمن. وأشار إلى أن البلدية لم تقم بإزالة الأنقاض في منطقة سوق الثلاثاء ولا بتأهيل البنى التحتية، ولا حتى بتنظيم لوائح للراغبين بالعودة.
ويبدو أن محافظة ريف دمشق تتجنب إعادة تأهيل المنطقة لأنها عشوائية بالأصل، وتفضّل هدمها بالكامل وربما إعادة تنظيمها على طريقة ماروتا سيتي وباسيليا سيتي. ولكن المحافظة تعاني من نقص إمكانياتها المالية، ما يحول دون قدرتها على إعادة التنظيم الكلية للمنطقة، ولا إعادة تأهيلها بالحد الأدنى من الخدمات بما في ذلك إزالة الأنقاض منها. ولذلك، تبقى قضية العودة مرهونة بقرارات اعتباطية من البلدية. كما أن صراعاً بين الأجهزة الأمنية قد يبدو وراء تعطيل عودة السكان إلى هذه المنطقة التي يسيطر عليها فرع المنطقة التابع لشعبة المخابرات العسكرية، في حين يسيطر على بقية أنحاء يلدا فرع الدوريات التابع أيضاً لشعبة المخابرات العسكرية.
وتعاني بلدة يلدا من سوء الخدمات وانقطاع التيار الكهربائي وشح مياه الشرب، وضعف في تغطية الاتصالات الخلوية، وتراكم أكوام القمامة، وانتشار الكلاب الشاردة، وندرة المواصلات إليها من دمشق. في تشرين الأول الماضي، تم تخصيص حافلتين لنقل السكان على خط دمشق-يلدا، ولكنهما لم يعملا إلا لفترة قصيرة. وكانت وزارة الإدارة المحلية والبيئة، قد صادقت نهاية تشرين الثاني، على البدء بالدراسات التخطيطية والتنظيمية ليلدا، وفق قانون التخطيط العمراني رقم 5 لعام 1982.