عودة النساء إلى الحجر الأسود: صعوبات وتحديات
رغم فتح الباب للنازحين الراغبين بالعودة إلى مدينة الحجر الأسود جنوبي دمشق، فإن جملة من التحديات ترخي بظلالها على عودة النساء بشكل خاص.
أم محمد، إمرأة نازحة عن الحجر الأسود، سبق وقتلت قوات النظام زوجها في المواجهات العسكرية خلال فترة سيطرة المعارضة على المنطقة 2013-2018. حاولت أم محمد، بكل الطرق العودة إلى منزلها، لكن طلبها في الحصول على الموافقة الأمنية للعودة كان يأتي دوماً مع الرفض، بسبب مشاركة زوجها الراحل في نشاطات معارضة للنظام. ولكن، أم محمد، لم يسبق لها المشاركة بأي نشاط معارض، كما تقول لمراسلة سيريا ريبورت في المنطقة، وتؤكد أنه ليس لدى السلطات الأمنية أي دليل شخصي ضدها. ومع ذلك، فإن عدم منحها الموافقة الأمنية يحرمها العودة إلى منزلها الوحيد، ما يجبرها على استمرار العيش في منازل مستأجرة.
وعدا عن استحالة الحصول على الموافقة الأمنية للعودة، فإن أم محمد تعاني من صعوبات كبيرة في تأمين الحد الأدنى من حاجاتها المعيشية بعدما فقدت معيلها. وعلى افتراض أنها ستتمكن يوماً من العودة، تتسائل أم محمد: “فكيف لي أن أؤمن تكاليف ترميم منزلي، وأنا اعتمد حالياً بالكامل على المساعدات الإغاثية”.
المحامية ردينا، تقول لمراسلة سيريا ريبورت، إن المشاكل القانونية التي تعاني منها غالبية النساء في الحجر الأسود، تتعلق بإثبات ملكيتهنّ للعقارات. إذ أن المحكمة الشرعية في الحجر الأسود المكلّفة بإصدار حصر الإرث الشرعي، كانت قد احترقت في العام 2013، ما تسبب بإتلاف جميع محتوياتها. وبذلك، باتت كثير من النساء غير قادرات على الحصول حصر إرث شرعي، لإثبات حقّهنّ في الإرث بعدما قُتِلَ أو سُجِنَ ذكور العائلة الذين كانت تلك الملكيات مسجلة بأسمائهم.
من جانب آخر، هناك نساء غير قادرات على إثبات مكليتهنّ، لأسباب متعددة منها أن المعاملات الناقلة للملكية غير موثقة بشكل قانوني. فتحية، قالت لمراسلة سيريا ريبورت، إن والدها سبق وأورثها عقاراً في الحجر الأسود، لكنه لم ينجز معاملة نقل ملكية العقار لها بشكل رسمي. وتقول فتحية، إن عدم انجاز المعاملات الرسمية، في حالة النساء، هو أمر مقصود أحياناً لإبقاء حق التصرف بالملكية بيد صاحبها الأصلي، فيما يشبه وصاية مُقنّعة. والد فتحية لاجئ حالياً خارج سوريا، ولم يعد قادراً على إنهاء المعاملة.
وفي العموم، تبدو ظروف الحجر الأسود غير مناسبة لعودة النساء بشكل خاص. إذ تفتقد النسوة العائدات إلى الحجر الأسود، للشعور بالأمان، لأسباب متعددة منها غياب الكهرباء بشكل شبه كامل عن المنطقة المدمرة. كما أن التجول في الشوارع ليس بالأمر الآمن، في ظل انتشار الأنقاض وبقايا الذخائر غير المتفجرة، وأيضاً بسبب وجود عناصر المليشيات المسلحة وعدم وجود أي ضوابط لسلوكهم.