عشوائية المزة 86: سكن بديل لأصحاب العقارات المهددة بالانهيار
دعت المؤسسة العامة للإسكان مطلع كانون الأول، شاغلي ما يسمى بـ”المساكن المهددة بالانهيار” في عشوائية المزة 86 بدمشق، لاختيار مساكن بديلة.
و”المساكن المهددة بالانهيار” هي 28 منزلاً مخالفاً تهددت سلامتها الانشائية نتيجة حدوث انهيار أرضي تحتها في العام 2017. وقد تم هدم تلك المنازل فعلياً في العام 2018، بحسب تصريح سابق لمديرية الخدمات الفنية التابعة لمحافظة دمشق.
محافظة دمشق قامت بتأجير أصحاب المنازل الـ28 مساكن مؤقتة في برزة بدمشق. وقد مُنح أولئك حق الاكتتاب على سكن بديل، بموجب موافقة من رئيس مجلس الوزراء رقم 1/16699 الصادرة في تشرين الثاني 2019. وتم الاكتتاب ضمن مشروع السكن الشبابي في منطقة توسع قدسيا، على أن يتم تسليمهم البيوت، خلال مهلة ثلاث سنوات بعد تخصيصها لهم. واشترطت مؤسسة الإسكان على أولئك المستفيدين استكمال مدفوعاتهم لتصل إلى 50 بالمئة من القيمة التخمينية للسكن عند التخصيص.
والسكن البديل غير مجاني، ولكنه يعتبر من برامج السكن الاجتماعي التي تنفذها مؤسسة الإسكان، بسعر التكلفة. وتخصيص المكتتب بالمسكن يعني إبرام عقد، يعتبر بمثابة سند للملكية، بين المكتتب ومؤسسة الإسكان، ويتضمن موقع المسكن وأوصافه.
ويتكرر حدوث الانهيارات الأرضية في عشوائية المزة 86 بسبب طبيعة الأرض الجيولوجية وعدم التقيد بأنظمة البناء. وسبق ذلك في العام 2019 قيام محافظة دمشق بإخلاء سكان بناء متصدع مؤلف من 5 طوابق خشية انهياره. وليس واضحاً إن كانت المحافظة قد هدمت ذلك البناء لاحقاً، ولا إذ كان أصحاب العقارات فيه قد منحوا حق الاكتتاب على السكن البديل. كما أن حارة المغارة في المزة 86 كانت قد شهدت انهيارات أرضية في العام 2016. وكذلك شهدت المزة 86 في العام 2010 حدوث انهيار أرضي بسبب وجود تكهف في التربة.
وعشوائية المزة 86 جزء من منطقة المزة جنوب غربي دمشق، وقد بدأت في الظهور نهاية السبعينيات. وأقيمت العشوائية على أملاك عامة وبعضها مستملك لوزارة الدفاع، بجوار الكتيبة رقم 86 التابعة لقوات سرايا الدفاع، التي كان يقودها الرجل القوي في النظام حينها رفعت الأسد. ومعظم سكان المزة 86 من المهاجرين العلويين الفقراء من الساحل إلى دمشق، ونسبة كبيرة منهم من المتطوعين في الأجهزة الأمنية والعسكرية. وأقيم في التسعينيات حاجزان أمنيان للحد من انتشار البناء المخالف في العشوائية، من دون نتيجة.
ويعتبر منح أصحاب المنازل الـ28 حق الاكتتاب على السكن البديل حالة استثنائية لا تتوافق مع جميع القوانين التي عالجت قضايا السكن العشوائي والتخطيط العمراني. ونصت جميع تلك القوانين، بما فيها المرسوم 66 لعام 2012 والقانون 10 لعام 2018، على أن سكان العشوائيات المقامة على أراض ذات ملكية عامة لا يحق لهم في حال هدم بيوتهم سوى بدل إيجار لمدة سنتين في أفضل الأحوال، هذا بالإضافة إلى إمكانية استفادتهم من أنقاض بيوتهم وفق ما نص عليه القانون 3 لعام 2018 الخاص بإزالة أنقاض الأبنية المتضررة.
مديرة السكن الاجتماعي في المؤسسة العامة للإسكان كانت قد بررت المعاملة التفضيلية مع سكان تلك المنازل دون غيرها بما وصفته بـ”الطابع الاسعافي للحالة”. على سبيل المثال، اكتفت محافظة حماة في نوفمبر 2021 بتحذير السكان في حي النقارنة العشوائي من انهدامات محتملة لبيوتهم بسبب انهيارات أرضية، طالبة منهم الإخلاء على وجه السرعة. المحافظة لم تمنح أولئك السكان مساكن مؤقتة ولا حتى عرضت عليهم الاكتتاب في برامج السكن البديل. محافظة حماة اعتبرت تحذيرها للسكان بمثابة إخلاء مسؤولية من أي نتائج لاحقة تحدث.