ضاحية المطار: سكن عمالي أم وظيفي؟
أخلت اللجنة المشرفة على ضاحية مطار دمشق الدولي “ضاحية سكّا”، في 14 كانون الثاني، بالقوة عائلة بعد أيام من وفاة رب العائلة وهو موظف متقاعد كان يعمل في المطار. اللجنة لم تؤمن للعائلة أي بديل، واقتحمت المنزل وتحفظت على الموجودات فيه، لما قالت إنه “سكن وظيفي يحق فقط للعمال الحاليين في المطار”.
ويعيش سكان ضاحية المطار البالغ عددهم 529 عائلة، حالة من القلق، على خلفية الإخلاء المتكرر لأسر المتقاعدين والمتوفين من العاملين سابقاً في مطار دمشق الدولي. ويقترب عدد هؤلاء من نصف العدد الكلي للسكان، وبعضهم يسكن الضاحية منذ 35 عاماً. وجزء كبير من العائلات المتبقية في الضاحية يوشك أربابها على التقاعد، كونهم من الموظفين القدامى، إذ أن آخر مسابقة توظيف في المطار تعود إلى العام 2006.
وكانت اللجنة المشرفة على الضاحية قد أخلت في آذار 2020، بالتزامن مع فترة الحجر الصحي الأولى، 23 شقة قالت إن من يقطنها يعملون في شركة أجنحة الشام للطيران، مبررة ذلك بقدرتهم على استئجار منازل خارج الضاحية. اللجنة أخلت تلك العائلات من الضاحية بعد 72 ساعة فقط على إنذارها.
ويعود إنشاء ضاحية المطار إلى ثمانينيات القرن الماضي، وتقع بمحاذاة الجسر السابع على طريق دمشق- المطار على مسافة 11 كيلومتراً من المطار. والضاحية أقيمت لتكون سكناً لعمال وموظفي المطار الذين يقدمون إثباتاً بعدم امتلاكهم لأي منزل آخر. وتتبع الضاحية إدارياً إلى ناحية الغزلانية بريف دمشق.
ويسود جدل حول توصيف الضاحية كسكن موظفين كما تقول وزارة النقل وإدارة المطار، وبين كونها سكناً عمالياً بحسب شاغليها. وهذا الفرق في التوصيف كفيل بحسم حق العامل بالبقاء في منزله بالضاحية بعد إحالته إلى التقاعد وبالتالي إمكانية تملكه للمنازل أسوة لقاطني المساكن العمالية، أو الإخلاء عند إحالته إلى التقاعد.
ومساكن الموظفين تخصص للعاملين في القطاع العام للاستفادة منها بشكلٍ مؤقت، على أن تبقى ملكيتها للدولة. أي يُعامل شاغل المسكن الوظيفي، كمستأجر من الدولة طوال فترة ارتباطه بعمله معها، إلى أن يستقيل أو يتقاعد، حيث ينتهي عقد ايجاره ويتوجب عليه إخلاء المنزل. ويشترط بالسكن الوظيفي أن يكون شاغله قائم على رأس عمله، ويقطنه الموظف دون تحميله أية تكاليف إضافية من أعمال بناء، وإكساء ومفروشات أو ترميم.
ولكن، تنطبق على الضاحية جميع شروط السكن العمالي؛ إذ يدفع الشاغلون 10% من دخلهم كإيجار، ويدفعون فواتير الكهرباء والماء، كما أنهم يتحملون نفقات الصيانة المنزليّة والتحسينات الداخلية، وترميم الأضرار. وهي نفقات لا يتوجب عليهم دفعها في حال السكن الوظيفي. كما تنطبق عليهم قواعد التمليك المدرجة في المرسوم 46 لعام 2002، التي تشترط أن تكون المساكن مشادة من قبل اللجنة العليا للسكن العمالي، وأن تكون أموالها من صندوق الدين العام، وأن تكون مبنية من قبل المؤسسة العامة للإسكان. وضاحية المطار تحقق الشروط الثلاثة.
المرسوم التشريعي رقم 46 لعام 2002، قضى بتمليك المساكن العمالية المنجزة والموزعة سابقاً لشاغليها، واستيفاء قيمة المسكن تقسيطاً وفق أحكام المرسوم التشريعي رقم 36 لعام 2002، على 25 سنة بفائدة 5% كحد أقصى.
واستطاع شاغلو الضاحية بعد جهد كبير الحصول على تعميم مجلس الوزراء رقم 5\9\31 لعام 2001 الذي يقضي بعدم الإخلاء في حالتي التقاعد والوفاة. لكن وزارة النقل تمكنت من إلغاء التعميم. وزارة النقل رفضت أيضاً تشميل الضاحية بالمرسوم التشريعي رقم 46 لعام 2002، واعتبرته سكناً وظيفياً لا عمالياً.
اللجنة المشرفة على ضاحية مطار دمشق الدولي أكدت أكثر من مرة أن ضاحية المطار مخصصة فقط لعمال المطار والنقل الجوي، ما يجعلها تابعة لوزارة النقل. كما تقول اللجنة إن شاغلي مساكن الضاحية وقعوا عقوداً تتضمن بنداً بالإخلاء في حالتي التقاعد والخروج من الوظيفة، وأن الإخلاء ضروري لإسكان موظفين على رأس عملهم حالياً.