شمال غرب سوريا: هل تدفع القوات التركية إيجاراً للنقاط التي تشغلها؟
رغم الحماية التي تقدمها القوات التركية لمناطق سيطرة المعارضة شمال غربي سوريا، إلا أن انتشارها على المدى الطويل، بدأ يثير قضايا تتعلق بالمواقع التي تشغلها على الأرض.
وكان الجيش التركي قد أقام مطلع العام 2020 خطاً دفاعياً، بين قوات المعارضة وقوات النظام، في أرياف حماة وحلب وإدلب واللاذقية. ونشرت القوات التركية في الخط الدفاعي، نحو 6000 جندي تركي، وحوالي 7500 آلية عسكرية؛ توزعت على أكثر من 70 نقطة وموقع استراتيجي.
في بعض المناطق شغلت القوات التركية فقط بعض البيوت متخذة منها مقرات لها كما في قرية بلنتا في ريف حلب الغربي، في حين استولت في مناطق أخرى على قرى بأكملها، كما في حالة قرية أبين سمعان في ريف حلب الغربي. وقد تظاهر العشرات من أهالي القرية، في منتصف كانون الثاني 2021، لمطالبة القوات التركية بالخروج من منازلهم، والسماح لهم بالعودة إليها. الجيش التركي استولى أيضاً على جميع منازل قرية بلنتا بريف حلب الغربي.
ومنذ توقفت المعارك في 5 آذار 2020، بدأ النازحون بالعودة إلى مناطقهم الواقعة على خطوط التماس، وتشكلت وفود من الأهالي التقت مسؤولين من الجيش التركي، وطلبوا منهم إخلاء منازلهم لتسهيل العودة إليها. وبرر المسؤولون الأتراك إشغالهم تلك المنازل، بأنهم جاؤوا لحماية المناطق التابعة للمعارضة، وبأن المنطقة عسكرية تمثل خطاً دفاعياً أولاً لا يمكن إخلاؤها في الوقت الحالي.
وفي آخر لقاء مع المسؤولين الأتراك، مطلع العام 2021، اقترح وفد الأهالي على الجانب التركي تقديم مساعدات لبناء مخيمات مؤقتة بانتظار إخلاء القوات التركية لمنازلهم. ولم يتلقَ وفد الأهالي أي جواب لحد اللحظة، بحسب مراسل سيريا ريبورت في المنطقة.
في بعض الأحيان، دفعت القوات التركية عبر وسيط، إيجاراً لأصحاب الأرض التي تشغلها، وفي أحيان أخرى لم تدفع رغم توقيعها عقوداً مع أصحاب العقارات. مراسل سيريا ريبورت أكد أن مالك أرض نقطة صلوة بريف إدلب، حصل على جزء من الإيجار المتفق عليه، ويحاول تحصيل بقية حقوقه وتجديد عقد الإيجار. والأرض مساحتها 5 هكتارات مزروعة بأشجار الزيتون، وهي أول نقطة عسكرية أقامها الجيش التركي في إدلب مطلع العام 2017.
من جانب آخر، يتزامن كل ذلك مع إنتهاء الجيش التركي في كانون الثاني، من إخلاء 14 نقطة مراقبة عسكرية تابعة له كانت تحاصرها قوات النظام في أرياف حلب وحماة وادلب. وسحب الجيش التركي نقاط المراقبة تلك نحو مناطق سيطرة المعارضة جنوبي إدلب.
وكانت تركيا قد أنشأت نقاط المراقبة في العام 2018 تنفيذاً لبنود اتفاق أستانا حول مناطق خفض التصعيد. ولكن قوات النظام التفت على تلك النقاط، وتقدمت في مناطق المعارضة، منذ نهاية عام 2019 وحتى اتفاق وقف إطلاق النار بين روسيا وتركيا الموقع في 5 آذار 2020.
وكان الجيش التركي قد أقام معظم نقاط المراقبة الـ14 على أملاك عامة تعود للدولة السورية، واستأجر الأرضي الخاصة التي أقيمت عليها بقية نقاط المراقبة، بموجب عقود تم توقيعها مع أصحاب الأرضي بوساطة فيلق الشام التابع للجبهة الوطنية للتحرير.
مصطفى الفواز، مالك الأرض التي تمركزت فيها القوات التركية في مورك شمالي حماة، كان قد اتفق مع الجيش التركي على تأجير أرضه بحدود 126 ألف ليرة تركية سنوياً (الهكتار الواحد مقابل 31 ألف ليرة تركية). وتم توقيع العقد مطلع أيار 2018. الفواز قال لمراسل سيريا ريبورت، إنه لم يستلم شيئاً من قيمة الإيجار، وكذلك لم يتمكن من تجديد العقد بسبب مماطلة فيلق الشام.
ونزح الفواز عن مدينته مورك في آب 2019 بعدما تقدمت قوات النظام نحو البلدة، وهو الآن يعيش مع عائلته في أحد مخيمات النازحين قرب الحدود التركية شمالي إدلب. وقال الفواز إن الجيش التركي لم ينكر له حقوقه، وأضاف إنه ما زال يتأمل باستلام قيمة الإيجار أسوة بما فعله الجيش التركي مع أصحاب أراض آخرين.
قصة الفواز لم تنتهٍ هنا، إذ أنه وبعد إخلاء نقطة المراقبة التركية في مورك، سرعان ما استولى الأمن العسكري على كامل أرضه، وصادر بقية أملاكه من منزل وعقارات في مدينة مورك.
مصدر الصورة: عنب بلدي.