شركة مقاولات تتبع لهيئة تحرير الشام تقيم مشروعاً سكنياً في إدلب
بدأت شركة الراقي للإنشاءات تنفيذ مشروع سكني غربي مدينة إدلب لإيواء نازحين يقطنون حالياً مخيمات في ضواحي المدينة. وتدعم المشروع ثلاث جهات؛ هيئة الكوارث والطوارئ التركية آفاد AFAD التي تعمل تحت إشراف وزارة الداخلية التركية، ومنظمتين غير حكوميتين هما جمعية دينيز فنري، وجمعية طريق الحياة العاملتان في تركيا.
ويتألف المشروع من 1000 وحدة سكنية منفردة، مساحة كل وحدة منها 85 متراً مربعاً، ومن المفترض أن يُنجز نهاية العام 2023. ويقام المشروع في منطقة تابعة لقرية كفر جالس، بحسب ما قاله مصدر محلي من القرية لمراسل سيريا ريبورت. مديرية شؤون المخيمات التابعة لحكومة الإنقاذ السورية، التابعة بدورها لهيئة تحرير الشام المسيطرة على إدلب، هي من اختارت موقع المشروع على أملاك عامة بمساحة 65 هكتاراً.
والمنطقة جبلية شديدة الوعورة، غير مشجرة ولا حراجية، وهي من بين التلال الجرداء في المنطقة. ولذا يعتبر الجزء المتعلق بعمليات تمهيد الأرض وشق الطرق من الأجزاء المهمة والمكلفة من المشروع. وكان بضعة عشرات من النازحين قد أقاموا سابقاً مخيماً عشوائياً لهم في هذه المنطقة ومعظمهم من مربي المواشي. وقد أجبرت مديرية شؤون المخيمات أولئك النازحين على الانتقال إلى المخيمات المنظمة في منطقة أطمة الحدودية مع تركيا.
وقد تكفلت آفاد التركية بدفع مصاريف عمليات تسوية الأرض في موقع المشروع، في حين تكفلت دينيز فنري وطريق الحياة في تمويل تنفيذ بقية أعمال البناء في المشروع. والمستفيدون المستقبليون من المشروع، بحسب ما قالته مصادر في مديرية شؤون المخيمات لمراسل سيريا ريبورت، هم من النازحين الذين يقطنون حالياً مخيمات عشوائية في منطقة كفر جالس. لكن، من الممكن كما جرت العادة أن يحصل مقربون من هيئة تحرير الشام، وعائلات مجندين فيها، وموظفين في حكومة الإنقاذ، على مساكن ضمن المشروع.
سيريا ريبورت تواصلت مع جمعيتي دينيز فنري وطريق الحياة، للسؤال عن ملكية الأرض وطبيعة المشروع، والمستفيدين منه، ولكنها لم تتلق أي جواب منهما.
مناقصة تنفيذ المشروع رست على شركة الراقي للإنشاءات، من دون منافسة. مصادر سيريا ريبورت أكدت وقوع المناقصة، لكن من دون إعلان عنها، ما جعلها أشبه بمناقصة شكلية. ومنذ الإعلان عن تأسيسها في العام 2020، يكاد ينحصر تنفيذ المشاريع السكنية للنازحين، ومخيمات المُهجرين، في مناطق سيطرة تحرير الشام، بشركة الراقي.
وشركة الراقي للإنشاءات مختصة في تنفيذ مشاريع المقاولات المختلفة، من إنشاء المشاريع السكنية والمخيمات، وشق الطرق، وغيرها في مناطق سيطرة تحرير الشام. ويدير الشركة حالياً القيادي في هيئة تحرير الشام عبدالرحمن سلامة، الملقب بأبي إبراهيم سلامة. سلامة، وهو من مدينة عندان شمالي حلب، كان قد شغل أثناء سيطرة المعارضة على حلب الشرقية بين العامين 2012-2016 منصب أمير حلب في جبهة النصرة.
وهناك اعتقاد واسع النطاق بأن شركة الراقي تدير استثمارات هيئة تحرير الشام، وفيها يستثمر بعض قادة الهيئة أموالهم. وتنفذ الشركة بعض المشاريع الربحية، كالتجمع السكني في مدينة سرمدا الجديدة والذي سكنه أثرياء إدلب، ومقربون من تحرير الشام وقياديون فيها، ومشاريع أخرى كالمولات التجارية. وليس معروفاً من هم أعضاء مجلس إدارة الشركة، لكن هناك أنباء بأن من بينهم شخصيات بارزة في تحرير الشام، وبعضهم يملكون حصصاً فيها.
شركة الراقي نفذت أعمال شق طريق حلب-باب الهوى الواصل بين مدينتي سرمدا والدانا شمالي إدلب، لصالح حكومة الإنقاذ. وقد ظهر أبو إبراهيم سلامة إلى جانب زعيم الهيئة أبو محمد الجولاني، خلال حفل تدشين وافتتاح الطريق. وتنفذ الشركة أيضاً شق طريق باب الهوى-إدلب، وقد أنجزت قرابة ثلثه خلال العامين الماضيين.
وتنفذ الشركة أيضاً مشاريع سكنية لإيواء النازحين المقيمين في المخيمات؛ كمخيم للآفاد في منطقة مشهد روحين، وقرية كمونة للمُهجّرين شمالي بلدة باتبو، بالإضافة إلى إنشاء قرية البر للمُهجّرين في جبل كللي. وتنفذ الشركة حالياً حفر آبار في مشروع مدينة بابسقا الجديد، وبعض الكتل السكنية فيها، وبناء خزان الماء المرتفع فيها، ومسجد ومدرسة، ورصف الشوارع، ومد خطوط الكهرباء والإنترنت للمدينة.
مصدر مطلع قال لمراسل سيريا ريبورت بأن شركات المقاولة الأخرى لم تتمكن من الحصول على مشاريع مماثلة حتى لو تقدمت بعروض أسعار أقل في المناقصات الشكلية. في معظم الحالات ترضخ الجهات الممولة لمشاريع مماثلة، وهي غالباً منظمات غير حكومية، بحصول الراقي على عقود تنفيذ تلك المشاريع، بضغط من تحرير الشام. ومقابل ذلك، تواصل تلك المنظمات تمويل مشاريعها في إدلب من دون مضايقات.
وعدا عن عملها في مجال المقاولات، نفذت شركة الراقي بين العامين 2021-2022 مشاريع إنتاجية أهمها معمل لإنتاج الحديد الخاص بأعمال الخرسانة المسلحة بالقرب من معبر باب الهوى ومن المفترض أن يستقبل المعمل الخردة ويعمل على إعادة تدويرها. وكذلك عدة محاجر ومجابل ومعامل لإنتاج البلاط والبلوك في المنطقة ذاتها.
واشترت الشركة معدات ثقيلة من تركيا لتشغيل تلك المعامل. كذلك وضعت الشركة يدها على أملاك عامة من المناطق الجبلية في محيط منطقة باب الهوى وسلسلة مرتفعات باريشا والوسطاني والأعلى شمال غربي إدلب، وهي ذات تكوين جيولوجي كلسي، بغرض الاستفادة منها في إنتاج الحجر الأبيض. وتعمل الشركة على إنشاء مقالع ومناشر للحجر الأبيض الكلسي، وتصدر جزء منه عبر تركيا إلى دول الخليج ومصر.