سهل الغاب: الحرائق حتى ترضى قوات النظام!
بالإضافة إلى الحرائق الناتجة عن ارتفاع درجات الحرارة في عموم الأراضي السورية، يسابق فلاحو سهل الغاب، في مناطق سيطرة المعارضة، الزمن في حصادهم محصول القمح، خوفاً من أن تأتي عليه النار الناتجة عن استهداف قوات النظام المتكرر لأراضيهم بقذائف المدفعية. ويبدو ذلك متعمداً لافتعال الحرائق، ضمن توجه لمنع الفلاحين من استثمار أراضيهم، إذا لم يحصلوا مسبقاً على موافقة ضباط قوات النظام في المنطقة المقابلة من خط التماس.
وتبلغ مساحة سهل الغاب حوالي 241 ألف هكتار، يمر وسطه نهر العاصي، وتتفرع فيه شبكات مياه ري شاملة، مما يجعله غنياً بالمسطحات المائية. وفي سهل الغاب 87 ألف هكتار مخصص للزراعة، تسيطر المعارضة حالياً على حوالي 8 آلاف هكتار منها. ويزداد خطر اندلاع الحرائق في الأراضي الزراعية في فصل الصيف، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والجفاف.
في 7 حزيران، اندلعت حرائق واسعة نتيجة القصف المدفعي الذي استهدف الأراضي الزراعية شرقي بلدة الزيارة في سهل الغاب، بأكثر من 40 قذيفة مدفعية. وكانت النيران المفتعلة، في 29 أيار 2021، قد أتت على نحو ما يقارب 20 هكتاراً مزروعة القمح في ريف بلدة المنصورة نتيجة قصف مدفعي مصدره قوات النظام في معسكر جورين، الذي يبعد مسافة 7 كيلومترات. ويعود محصول القمح المحترق لفلاح كان قد استأجر الأرض من أصحابها لزراعتها، مقابل 250 ألف ليرة سورية للهكتار الواحد. كما نشبت حرائق نتيجة القصف المدفعي في مناطق القرقور والسرمانية والمشيك شمالي سهل الغاب، آتت على ما يزيد عن 15 هكتارا مزروعة بالقمح.
فلاحو سهل الغاب في المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة، بعد تلك الاستهدافات، استعجلوا حصاد أراضيهم قبل تعرضها لحرائق مشابهة، واستقدموا حصادات إضافية. خلال يومين، من مطلع حزيران، تم حصاد أكثر من نصف المساحة المزروعة بالقمح المقدرة بحدود 1000 هكتار.
استهداف قوات النظام للأراضي الزراعية في موسم الحصاد الراهن، يشير لعدم التوصل لاتفاق مع قوات النظام، يسمح للفلاحين بالحصاد، كما كان يحدث خلال السنوات الماضية. إذ درجت العادة على سماح قوات النظام للفلاحين في مناطق المعارضة المقابلة لخطوط التماس، باستثمار أراضيهم، فقط بعد دفعهم الأتاوات للضباط.
ويبدو محصول القمح في سهل الغاب واعداً هذا الموسم، إذ بلغت غلّة الهكتار الواحد ما بين 2.25-2.5 طناً من القمح، ويصل سعر الطن إلى 1,024,000 ليرة سورية، ما يُشكّلُ مصدر دخل جيد للفلاحين. وفي حال لم يتم التوصل لاتفاق يمنع قوات النظام من إحراق القمح فستخسر المعارضة محصولاً استراتيجياً، ودخلاً جيداً للفلاحين قد يعوضهم جزئياً عن خسارة السنوات السابقة.
وما زال كثير من أهالي سهل الغاب نازحين إلى المخيمات شمالي إدلب، بعدما وصلت قوات النظام بدعم من الطيران الروسي، مطلع العام 2020، إلى تخوم بلداتهم وقراهم. وبسبب ذلك قرب خطوط التماس من تلك القرى والبلدات التي تتعرض بشكل متواصل للقصف، فقد عمد معظم أصحاب الأراضي إلى تأجيرها بطريقة “الضمان”، لفلاحين قبلوا بالمخاطرة مع احتمال اندلاع الحرائق نتيجة القصف.
وكانت النيران قد اندلعت في حقول مزروعة بالقمح تابعة لقرية الحيدرية الواقعة تحت سيطرة النظام، في 7 حزيران. وتدخلت فرق الإطفاء وطوقت الحريق، بحسب وكالة سانا الرسمية. ونبهت الوكالة اللاحين من رمي أعقاب السجائر أو إشعال النيران، والإبلاغ عن أي حريق. واندلع حتى نهاية أيار 2021، بحسب رئيس مركز حماية الغابات بالهيئة العامة لإدارة وتطوير الغاب، 16حريقاً اندلعت بمناطق السقيلبية وشطحة والبحصة.