سكن مؤقت لمتضرري الزلزال
منذ الأيام الأولى عقب زلزال 6 شباط، صدرت تصريحات رسمية لمسؤولين سوريين حول إمكانية تأمين سكن بديل للمتضررين الذين انهارت مساكنهم كلياً، أو تصدعت وباتت آيلة للسقوط، في مناطق سيطرة النظام. ولكن مع مرور الوقت، بدأ المسؤولون استخدام مصطلح آخر وهو السكن المؤقت لقاطني مراكز الإيواء.
والسكن البديل مصطلح فضفاض غالباً ما يقصد به السكن غير المجاني الذي تنفذه مؤسسة الإسكان ضمن برامج السكن الاجتماعي. وهو السكن الذي يُمكنُ لأصحاب المساكن في العشوائيات الاكتتاب عليه، في حال استملاك عقاراتهم أو هدمها أو إعادة تنظيم المنطقة. بينما تخلو القوانين السورية من الإشارة إلى الحق بالسكن البديل للمتضررة مساكنهم بسبب الكوارث الطبيعية.
بينما السكن البديل المؤقت أو السكن المؤقت، بحسب التصريحات الرسمية، هو مصطلح جديد سيكون مخصصاً للمقيمين حالياً في مراكز الإيواء، وهو عبارة عن وحدات سكنية مسبقة الصنع سيتم نقلها إلى المحافظات المتضررة. وتتألف الوحدة السكنية الواحدة على الأغلب من غرفة واحدة أو غرفتين. وليس واضحاً لحد اليوم من سيتحمل تكاليف إنشاء هذه الوحدات، ولا تكاليف نقلها، ولا كيفية توزيعها، ولا مستحقيها. بعض التصريحات الرسمية رحبت بالمساعدات الخارجية لتمويل بناء هذه الوحدات، أو تقديمها جاهزة. كما يسود كثير من عدم الوضوح تلك التصريحات، ويبدو بعضها متناقض لجهة مواقع إشادة هذه الوحدات السكنية المؤقتة، وعددها، وسعرها وتكاليفها. كما أنه من غير الواضح ما هو مصير الوحدات مسبقة الصنع، ومن يملكها، وإن كانت ستظل مؤقتة يمكن تفكيكها في أي وقت.
ويبدو أن التوجه الحكومي قد تجاهل تدريجياً الحديث عن السكن البديل بمعناه طويل الأمد وما يستتبعه من حقوق للسكان، لصالح التركيز على إقامة وحدات سكنية مسبقة الصنع تستعمل سكناً بديلاً مؤقتاً عن مراكز الإيواء. وقد تطورت هذه الفكرة تدريجياً خلال الأسابيع الماضية، ويبدو أنها تناسب الإمكانيات المالية الحكومية، وتخفف من الضغط الشعبي عبر تأمين بعض المساكن لبعض المتضررين. ولكن، لا يمكن لهذه المقاربة، متوسطة المدى الزمني، أن تحل المشكلة فعلياً.
وزير الأشغال العامة والإسكان قال في 20 شباط لصحيفة الوطن شبه الرسمية، أنه سيتم تأمين المتضررين حالياً ضمن الإمكانيات المتاحة، إذ لا يمكن الاستمرار بإقامة المتضررين في مراكز الإيواء لفترة طويلة، لأن الدولة بحاجة لهذه المراكز لوضعها مجدداً ضمن مجالات خدماتها الأساسية.
عدد الوحدات السكنية مسبقة الصنع
أول ما ظهرت فكرة الوحدات السكنية مسبقة الصنع، كانت في 15 شباط، عندما دعا وزير الأشغال العامة والإسكان، الشركات العامة الإنشائية التابعة لوزارته، إلى الانتهاء من تجهيز 100 وحدة سكنية مسبقة الصنع، متوفرة للتو لديها. كما طلب الوزير من مديري تلك الشركات، المباشرة الفورية بتصنيع المزيد من الوحدات السكنية مسبقة الصنع، ورفد الحكومة بما يلزم منها. والشركات العامة الإنشائية التابعة لوزارة الإسكان هي؛ مؤسسة الإسكان، الشركة العامة للبناء والتعمير، والشركة العامة للمشاريع المائية، والشركة العامة لأعمال الكهرباء والاتصالات، والشركة العامة للطرق والجسور.
في 19 شباط، وزير الأشغال العامة والإسكان، قال لصحيفة الوطن، أن الشركات الإنشائية في وزارته، بالتعاون مع الشركات الإنشائية العسكرية، باشرت تصنيع 300 وحدة مسبقة الصنع متنقلة، تتألف الواحدة منها من غرفة أو غرفتين، وستكون جاهزة خلال شهر. والشركات الإنشائية العسكرية تابعة لوزارة الدفاع وهي مؤسسة الإسكان العسكرية ومؤسسة تنفيذ الإنشاءات العسكرية. في تصريحات أخرى للوزير ذكر رقم 350 وحدة سكنية مسبقة الصنع.
مجدداً عادت فوضى الأرقام في الجلسة الاستثنائية التي عقدها مجلس الوزراء، في 4 آذار، لمناقشة الإجراءات الخاصة ببرامج تنفيذ خطة العمل الوطنية للانتقال إلى مرحلة التعافي والتعامل مع تداعيات وآثار الزلزال، عندما تم التأكيد على سرعة تجهيز وتركيب نحو 400 غرفة مسبقة الصنع، مجهزة بكل الخدمات، في محافظتي اللاذقية وحلب، وذلك كسكن مؤقت للمتضررين. الملفت في هذه الجلسة أن الحديث بات عن غرف مسبقة الصنع، لا عن وحدات سكنية مسبقة الصنع قد تتألف الواحدة منها من غرفة أو غرفتين. وقد يفسر هذا ارتفاع العدد من 300 وحدة إلى 400 غرفة.
مواقع إقامة الوحدات مسبقة الصنع
وزير الإسكان قال في 20 شباط، إنه أعطى أمر مباشرة لتحديد مواقع لإشادة مباني في حلب واللاذقية، ضمن الضواحي التي تنفذها مؤسسة الإسكان لاستيعاب 300 شقة. ويبدو من سياق كلام الوزير أنه يقصد بالشقق الوحدات السكنية مسبقة الصنع.
موقع أثر برس الإلكتروني الموالي، قال في 22 شباط، أن الـ50 وحدة سكنية الخاصة باللاذقية ستكون موزعة على ثلاثة مراكز؛ في دمسرخو والغراف بمدينة اللاذقية، والنقعة بجبلة. ومساحة كل مركز تتراوح بين 16-20 ألف متر مربع.
وليس واضحاً بعد مواقع توزيع حصة حلب من الوحدات السكنية مسبقة الصنع.
سعر الوحدة مسبقة الصنع
في 23 شباط، قال نائب رئيس القطاع الهندسي في غرفة صناعة حلب لصحيفة البعث، أن صناعيين سوريين قدموا عروض أسعار لبناء مساكن مسبقة الصنع، يصل سعر الواحد منها إلى 20 مليون ليرة على العظم، أي حوالي 2700 دولار (الدولار 7400 ليرة في السوق السوداء).
بينما نقلت صحيفة الوطن، في اليوم ذاته، عن خبير هندسي قوله أن الاعتماد على الشركات المحلية يعد أفضل من ناحية سهولة نقل الوحدات الجاهزة وتركيبها في المواقع المخصصة، كون تكاليف النقل الخارجية مرتفعة جداً. وأشار الخبير إلى عدم وجود فروق كبيرة بالتكلفة بين المنازل مسبقة الصنع وتلك العادية، إذ تتراوح تكلفة المتر المربع الواحد منها بين 700-800 ألف ليرة، أي إن شقة مساحتها 100 متر مربع، يصل سعرها إلى 80 مليون ليرة أي حوالي 11 ألف دولار أميركي.
وإذا ما اعتبرنا أن وحدة سكنية مسبقة الصنع مؤلفة من غرفة واحدة مساحتها 25 متراً مربعاً، فعندها سيبلغ سعرها 20 مليون ليرة، بما ينسجم مع الأرقام التي أوردتها صحيفة البعث أعلاه.
وأضاف الخبير لصحيفة الوطن، أن ميزة هذه الوحدات أنها سريعة التشييد وآمنة ومصممة هندسياً بشكل مقاوم للزلازل. وأكد على وجوب وجود تفكير حكومي بمصير هذه الوحدات السكنية، فيما إذا كانت ستتحول إلى سكن دائم في المستقبل، وبالتالي سيتوسع القاطنون فيها ويجرون بعض التعديلات من بناء طوابق إضافية، ما قد يخلق مدناً عشوائية جديدة.