ريف الرقة: تأجير أراضي النازحين عن مناطق سيطرة النظام
لم تُعقد في العام 2022 مزادات علنية لتأجير أراضي النازحين عن ناحيتي السبخة ومعدان الواقعتين تحت سيطرة النظام بريف الرقة، بل تمّ تجديد بعض العقود السابقة مع ذات المستأجرين للموسم الزراعي الماضي. في بعض الحالات التي رفض فيها مستأجرون سابقون تجديد عقودهم، تم تأجير الأرض لبعض قادة المليشيات الموالية للنظام في المنطقة.
وبلغ سعر إيجار الهكتار الواحد من الأرض للعام 2022، 500 ألف ليرة، بينما تراوح في العام الماضي ما بين 300-400 ألف ليرة.
وكانت الرابطة الفلاحية في الرقة، قد أعلنت في 14 آذار 2021، عن إجراء أول مزاد علني لتأجير أراضٍ زراعية. ولكن الرابطة لم تعلن عن المنطقة الإدارية التي تتبع لها، ولا موقع تلك الأراضي المعروضة في المزاد، ولا نوع المحصول المطلوب زراعته.
مراسل سيريا ريبورت أشار إلى أن تلك الأراضي المعروضة للإيجار، تقع في منطقتي السبخة ومعدان ويملكها أشخاص نزحوا عن المنطقة بعدما سيطرت عليها قوات النظام منتصف العام 2017. وهناك رابطة فلاحية تضم 22 جمعية فلاحية في قرى ناحيتي السبخة ومعدان، والمنطقة معروفة بزراعة القطن والقمح والذرة الصفراء.
وتتشكل الجمعية الفلاحية التعاونية على مستوى القرية الواحدة أو بضعة قرى متجاورة، في حين تؤلف مجموعة من الجمعيات الفلاحية التعاونية على مستوى المنطقة الإدارية ما يسمى بالرابطة الفلاحية، وتؤلف مجموعة الروابط الفلاحية على مستوى المحافظة ما يسمى باتحاد فلاحي المحافظة، في حين تؤلف مجموعة اتحاد فلاحي المحافظات الاتحاد العام للفلاحين.
المراسل أشار إلى أن المتقدمين من المستثمرين إلى المزاد في آذار 2021، كانوا قلّة قليلة، ولذا فقد تقرر تأجيله أكثر من مرة قبل أن ينعقد أخيراً في 1 أيار 2021. ويعود ذلك بشكل رئيسي إلى قوة العلاقات القرابية العشائرية بين أهالي ناحيتي السبخة ومعدان، من القاطنين فيها، ومن النازحين عنها إلى مناطق سيطرة الإدارة الذاتية الكردية في مدينة الرقة وريفها. إذ يستهجن الأهالي حدوث هذا النوع من الشرخ الاجتماعي بين المقيمين والنازحين، وكلهم من أبناء عشائر المنطقة. في بعض الحالات، تعرّض بعض المُتقدمين للمشاركة بالمزاد لتهديدات جديّة، ما اضطرهم للانسحاب.
ورغم إعلان الرابطة الفلاحية في آذار 2021 عن الرغبة بتأجير 66.7 هكتاراً، إلا أن مراسل سيريا ريبورت نقل عن مختار سابق لإحدى قرى السبخة ومعدان أن المساحة المؤجرة فاقت بأضعاف مضاعفة المساحة المعلنة. المختار قال إن في قريته لوحدها تم عرض 130 هكتاراً للإيجار.
المراسل أشار إلى أن المساحة الاجمالية للأراضي المعروضة للتأجير للعام 2022 كانت أقل منها للعام 2021، بسبب رجوع بعض الغائبين من أصحاب الأراضي بعد إجرائهم “المصالحة”، وهي تسوّية وضع مع أجهزة النظام الأمنية مع النازحين المحسوبين على المعارضة، وتتضمن تحقيقاً وكتابة تعهدات شخصية بعدم القيام مجدداً بنشاطات معارضة للنظام.
وكانت قد تشُكّلت في مطلع العام 2021، في كل قرية في ناحيتي السبخة ومعدان، لجنة لتحديد أراضي الغائبين التي سيتم عرضها في المزاد. وضمّت كل لجنة رئيس الجمعية الفلاحية في القرية ومختار القرية وأمين فرقة حزب البعث. ولم يتوقف الأمر على أراضي المعارضين النازحين، بل أدخلت في المزاد أيضاً أراضٍ يملكها مقيمون في المنطقة ممن لديهم أبناء معارضون نزحوا إلى مناطق الإدارة الذاتية في الرقة وريفها. كذلك، أدخلت في المزاد أراض يملكها أشخاص لديهم أبناء متخلفون عن الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية في قوات النظام.
في الموسمين الزراعيين الأسبقين للعامين 2019 و2020 أقدم ضباط من قوات النظام وبعض قادة وأعضاء مليشيات جيش العشائر وحركة الأصدقاء، على زراعة وحصاد أراضي الغائبين من النازحين، من دون أي مبرر أو سند قانوني.