دير داما في السويداء: لماذا لا يعود السكان؟
لا يزال أهالي قرية دير داما شمال غربي السويداء نازحين عنها منذ العام 2014. ورغم الدمار الكبير الذي تعرضت له القرية الصغيرة بسبب المواجهات العسكرية، فإن عدم العودة إليها حتى الآن يرتبط أيضاً بالنزاعات الأهلية بين الدروز والبدو من سكان المنطقة.
محافظ السويداء زار دير داما في آب 2020، يرافقه مدراء مؤسسات الكهرباء والمياه وأعضاء المكتب التنفيذي في المحافظة، ليتجولوا في القرية المدمرة الخالية من سكانها.
وقدمت بعد ذلك محافظة السويداء وعوداً بالسعي لتخصيص ميزانية تكفي لإعادة إعمار القرية وبنيتها التحتية، وطلبت من الأهالي العودة إلى القرية على وضعها الحالي، على أن يتم تأمين مياه الشرب من القرى المجاورة.
ودير داما قرية صغيرة على أطراف صحراء اللجاة الصخرية الفاصلة بين محافظتي السويداء ودرعا. ويقدر عدد سكانها قبل العام 2011 بحدود 500 نسمة. في آب 2014 احتلتها مجموعات من البدو في اللجاة المبايعين لجبهة النصرة، التنظيم الإسلامي المتطرف. وأسفر الهجوم عن مقتل 6 أشخاص من أهالي القرية بينهم أطفال، وخطف سبعة آخرين ما زال مصيرهم مجهولاً. وتسبب الهجوم بنزوح جميع السكان.
وبعد هجوم مضاد من الأهالي وفصائل درزية محلية مسنودين بتمهيد مدفعي من قوات النظام، تمت استعادة القرية منتصف العام 2016. لكن، دير داما أصبحت مدمرة بشكل كامل، نتيجة إحراق النصرة للعديد من المنازل، وما تسبب به القصف المدفعي خلال الهجوم المضاد من تدمير لما تبقى من المنازل، ولمدرستها الوحيدة، وبئر الماء الوحيد.
ومنذ ذلك التاريخ والأهالي نازحون إلى القرى المحيطة، من دون أمل بالعودة، رغم المبادرات الأهلية لعقد صلح عشائري بين البدو والدروز في المنطقة. وأبرز تلك المبادرات كانت تلك أطلقها الوجيه الدرزي جمال هنيدي، في العام 2017، لإعادة ترميم القرية، وترميم منازل للبدو في بلدة عريقة المجاورة التي تعرضت للحرق انتقاماً. المبادرة حاولت خفض التوتر في المنطقة، وتشجيع السلم الأهلي.
وأثارت المبادرة استياء فرع الأمن العسكري في السويداء، الجهاز الأمني الأقوى في المنطقة الجنوبية، الذي هدد الوجيه هنيدي من السير قدماً بمبادرته، ما أجهضها. وقد يعود ذلك إلى محاولة الأمن العسكري الاستثمار في الصدع الأهلي بين البدو والدروز، واستعماله لتهديد الطرفين. إذ عمل الأمن العسكري، الموالي لإيران، على تجنيد البدو في اللجاة وتنظيمهم وتسليحهم، منذ العام 2017 لمواجهة ما يسمونه “عصابات الدروز المسلحة”، وكذلك للحد من نفوذ الفيلق الخامس في بصرى الشام المدعوم روسياً.
التدمير لم يقف عند ذلك الحد في القرية الصغيرة. إذ عادت قوات النظام لاستخدام القرية في العام 2018، كنقطة انطلاق لعملياتها العسكرية في اللجاة، وما رافق ذلك من قصف مضاد على القرية. قوات النظام اتخذت من القرية بعد نهاية المعارك مستقراً لها ولم تخرج منها إلا في نهاية العام 2019.