ديرالزور: كم لجنة تلزم لاستثمار أراضي الغائبين؟
في تعميم لنموذج المزايدات في ريف حماة الشمالي، عُقدت ما بين 7-17 أيلول مزايدات لاستثمار أراضي الغائبين عن أرياف ديرالزور الشرقية الواقعة تحت سيطرة النظام، والمعروفة باسم “الشامية”. وتكشف مجريات تلك المزايدات، أنها أصبحت أكثر منهجية وتنظيماً منها في ريف حماة. وباتت لجان متخصصة تنظم المزايدات، بناء على توجيهات وقرارات وزارية، لا أمنية فقط.
وبدأ تطبيق عمل هذه اللجان من شرقي ديرالزور، وشمل الموحسن والبلدات التابعة لها؛ المريعية والبوعمر والبوليل. مصادر سيريا ريبورت أشارت إلى أن أكثر من 200 قطعة أرض من الموحسن وريفها، عرضت في المزاد. في أكثر من حالة، سجلت الأراضي المنوي استثمارها في الجداول المرفقة بإعلان المزادات باسم ورثة شخص ما، بسبب كونها على الشيوع وغير مفروزة. وأقيم المزاد على كل قطعة أرض من القطع الـ200.
وأشارت مصادر سيريا ريبورت، إلى أن الذين رست عليهم المزايدات في الموحسن أحد ثلاثة أنواع؛ من الموالين العائدين إلى المنطقة بعدما استعادتها قوات النظام، الأثرياء من قادة المليشيات الموالية، وقادة مليشيات إيرانية وعراقية تسيطر على المنطقة.
وكانت الموحسن وقراهها، وأهلها من عشيرة العقيدات، قد خرجت عن سيطرة النظام في العام 2012، وسيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في العام 2014، واستولت عليها قوات النظام بدعم جوي روسي في العام 2017. وقد تعرضت المنطقة لدمار واسع النطاق وموجات تهجير كبيرة لسكانها، نتيجة القصف المدفعي عليها من مطار ديرالزور العسكري القريب. ولم يعد إلى المنطقة منذ العام 2018 سوى جزء بسيط من سكانها. إذ أن نسبة كبيرة من أهالي المنطقة باتت نازحة عنها بعدما باتت مطلوبة أمنياً بحجة التعاطف مع المعارضة.
مصدر مطلع أشار إلى أن طرح النظام أراضي الغائبين في ديرالزور للاستثمار يأتي بعدما امتنع جزء من فلاحي المنطقة عن بيع محصول القمح خلال الموسم الماضي للمؤسسة العامة للحبوب. مصدر سيريا ريبورت أشار إلى أن سبب امتناع بعض الفلاحين هو الخوف من المجاعة، بسبب مظاهر الجفاف وانخفاض مستويات الماء في نهر الفرات. واشترط الإعلان عن المزاد العلني الحالي، زراعة الأرض بالقمح لموسم واحد، وحدد متوسط مردود الهكتار بـ3500 كيلوغرام للزراعة المروية و 1000 كيلوغرام للزراعة البعلية.
من جهة أخرى، فإن جزءاً كبيراً من الأراضي المعروضة حالياً في المزادات هي أميرية، يُخشى أن عملية استثمارها بشكل متواصل لأكثر من 5 سنوات، من غير أصحابها، قد تقود إلى اسقاط حق التصرف عن أصحابها الأصليين، بما يعني استردادها لتعود من أملاك الدولة. ويبدو أن هذه الثغرة هي التي يحاول النظام استغلالها لنزع ملكية تلك الأراضي من أصحابها المُهجّرين قسراً عنها. في بلدة القورية القريبة من الموحسن، قالت مصادر سيريا ريبورت منها إن من الأراضي الداخلة في المزاد عقارات فيها بيوت مبنية، وتوصيفها بحسب مخطط القرية التنظيمي زراعية يسمح بالبناء عليها. وهو ما أثار خوفاً إضافياً لدى الأهالي بخسارة عقاراتهم.
وترافق تصاعد عقد المزادات العلنية لاستثمار أراضي الغائبين مع ازدياد القيود الأمنية على الغائبين لتكبيل قدرتهم على الدفاع عن أملاكهم. إذ أصدرت وزارة العدل مؤخراً، تعميماً يُقيّد إصدار الوكالة القضائية لإدارة أموال الغائب أو المفقود، بشرط الحصول المسبق على الموافقة الأمنية. وكانت الوكالة القضائية لإدارة أموال الغائب أو المفقود قد استخدمت مؤخراً بكثافة من قبل أصحاب الأراضي الأميرية المُهجّرين قسراً والنازحين إلى مناطق المعارضة، لمنع استثمار أراضيهم قسراً في المزادات العلنية بحجة غياب أصحابها.
اللجان:
ويتضح من إعلان استثمار الأراضي، رقم 1785 الذي أصدرته محافظة ديرالزور في 29 آب 2021، وجود 5 أنواع من اللجان؛
- اللجنة الرئيسية في ديرالزور، وهي التي أعلنت إجراء المزايدة العلنية للأراضي المتروكة والشاغرة للموسم الشتوي من العام الزراعي 2021-2022. وتشكلت اللجنة الرئيسية بقرار محافظة ديرالزور رقم 4723 في 20 حزيران 2021. ويأتي إعلان اللجنة الرئيسية بإجراء المزايدات تنفيذاً لخطة عمل اعتمدها مجلس الوزراء في 11 أيار 2021، وفق كتابه رقم 7985. وطلبت محافظة ديرالزور من المتقدمين للاشتراك في المزاد التقدم بطلب اشتراك إلى أمانة المحافظة مرفقاً بوثيقة غير محكوم، وسند إقامة، وتعهد باستثمار الأرض وفق الشروط الفنية المحددة من قبل وزارة الزراعة، وتعهد بألا يكون المتقدم محروماً من دخول المزايدات مع الجهات العامة. اللجنة الرئيسية أضافت أيضاً أن الأولوية لاستثمار الأرض هي لأحد المقيمين من أفراد عائلة المستثمر الفعلي لها في الموسم الزراعي 2010-2011.
- لجنة المزايدات المشكلة بالقرار 5169 في 12 تموز 2021، والتي نظّمت عقود الاستثمار ومحاضر الاتفاق بعد رسو المزادات على أصحابها. واعتمدت لجنة المزايدات في تنظيم العقود على نموذج عممته وزارة الزراعة.
- لجنة خاصة مشكلة بالقرار 5167 في 12 تموز 2021 تحدد السعر المبدئي لفتح كل مزاد، وبلغت القيمة البدائية لاستثمار الهكتار الواحد 500 ألف ليرة للأرض المروية، وما بين 100-150 ألفاً لهكتار الأرض البعلية.
- اللجنة المكانية والمسؤولة عن تسليم الأرض لمن رست عليه المزايدة وتمكينه من استثمارها أصولا. وسبق إصدار الإعلان رقم 1785، انتهاء اللجان المكانية من إعداد جداول مُنظّمة بالأراضي المطروحة للاستثمار وفق استمارة خاصة. وكانت وزارة الإدارة المحلية والبيئة قد شكّلت اللجان المكانية، في ديسمبر 2020، لإحصاء الأراضي وتحديد حالة سكانها. وضمّت كل لجنة؛ مهندساً زراعياً، ومختار القرية، ورئيس الوحدة الإرشادية، وممثل المصالح العقارية، وأمين الفرقة الحزبية، ورئيس الرابطة الفلاحية، ورئيس دائرة الزراعة، وممثل عن الجهة الأمنية. ونظمت اللجان المكانية استمارة فيها جداول، ضمّت الخانات التالية: اسم العقار، اسم القرية، رقم العقار، الإسم الثلاثي للحائز على الأرض أو صاحبها، الوضع الراهن للحائز، ملاحظات أمنية، هل هو خارج القطر، المساحة، بعل-مروي، الدورة الزراعية المقترحة. وتضمّنت الملاحظات الأمنية عن حائزي وأصحاب الأراضي التصنيفات التالية؛ مسلح، ومطلوب، وخارج القطر.
- لجنة الاعتراضات، المشكلة بالقرار 5711 الصادر في 17 آب 2021، مختصة بدراسة الاعتراضات، وتسليم النتائج إلى لجنة المزايدات. هذه اللجنة ستستقبل من له أرض ولا توجد عليه “إشكالات” ويرغب بالعودة لاستثمارها.