درعا بعد التسوية الأخيرة: ازدياد العرض في سوق العقارات
شهدت سوق العقارات في محافظة درعا ازدياداً في العرض وانخفاضاً في الأسعار، بالتزامن مع انتهاء أعمال التسوية الأمنية الأخيرة. ويبدو أن تأمين تكاليف الهجرة خارج سوريا، هو الدافع الأبرز وراء هذه الزيادة في العرض. إذ يسود اعتقاد بين الناس بأن الفترة المقبلة قد تشهد موجة جديدة من التضييق الأمني، بعدما أحكمت قوات النظام الأمنية والعسكرية سيطرتها على المحافظة.
وكانت معظم بلدات وقرى محافظة درعا قد شهدت مؤخراً سلسلة من عمليات التسوية في تشرين الأول الماضي، تضمنت قيام أشخاص محددين بـ”تسوية وضع أمنية” مع ممثلين عن الأجهزة الأمنية، وتسليمهم عدداً محدداً من قطع السلاح الفردية.
المشاكل الأكبر التي يواجهها الباعة والمشترون تمثّلت بالقيود الأمنية والإدارية على عمليات البيوع العقارية، وأبرزها الحصول على الموافقات الأمنية المسبقة على أي عملية بيع. وتقول مصادر أهلية تحدثت لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، بأنه بات ممكناً الحصول على الموافقة الأمنية خلال أسابيع قليلة، إلا أنها باتت تضيف أعباءً مالية إضافية نتيجة دفع الرشاوى لضباط الأجهزة الأمنية.
ومن العقبات أيضاً، القرار رقم 28 لعام 2021 الصادر عن مجلس الوزراء الذي يفرض إيداع 5 ملايين ليرة كحد أدنى في الحساب البنكي لبائع العقارات السكنية والتجارية والمركبات، كشرط لقبول توثيق عقود البيع والوكالات في الدوائر الرسمية. وبالإضافة إلى تجميد مبلغ 500 ألف ليرة لمدة ثلاثة أشهر، توجد قيود على سقوف السحب اليومية. ويزيد كل ذلك من الضغوط على هذه الشريحة من البائعين لعقاراتهم، وأغلبهم باعوا بشكل مستعجل لغرض السفر.
ويُضاف إلى كل ذلك، قيمة الضرائب الجديدة التي حددها قانون البيوع العقاري رقم 15 لعام 2021، والبالغة 1 بالمئة من قيمة العقار بالأسعار الجارية.
وللالتفاف على هذه العوائق لجأ أصحاب العلاقة إلى تثبيت البيوع وحفظ الحقوق بعيداً عن الإجراءات الرسمية. ولذا، انتشرت مؤخراً طرق متعددة للبيع أبرزها؛ نقل الملكية من البائع إلى المشتري عن طريق الهبة، وهي الطريقة الأسهل والأكثر شيوعاً حالياً. ولا يجب على الواهب سوى دفع الرسوم العقارية المتعلقة بالهبة، ليتم نقل الملكية خلال أيام. ولا تتجاوز ضريبة الهبة وفق القانون 15\2021 سوى 15 بالمئة من ضريبة البيوع المحددة بـ1 بالمئة من سعر العقار وفق الأسعار الجارية.
والطريقة الثانية، وهي لتجاوز العقبات الإدارية والأمنية: كتابة عقد بيع-شراء والتوقيع عليه بحضور شاهدين، وبعدها يقوم الشاري برفع دعوى قضائية لتثبيت ملكيته. في الأحوال العادية تحتاج دعوى مماثلة لسنوات في القضاء. ولكن، غالباً ما يتفق الطرفان على الحضور أمام القاضي والإقرار بعملية البيع التي وردت في العقد المبرم بينهما، بعدها يصدر قرار القاضي بفسخ ملكية البائع ونقل ملكية العقار للشاري.
وبحسب مصادر أهلية فإن مئات البيوع قد جرت خلال الشهرين الماضيين. على سبيل المثال، في ريف درعا الغربي باع أحدهم 5 هكتارات من أرضه الزراعية لتأمين تكاليف سفر ابنه المطلوب للخدمة العسكرية الإلزامية. وتكفّل نصف المبلغ بتأمين جواز سفر سوري بصيغة مستعجلة وكذلك فيزا لدخول بيلاروسيا، في حين تكفل نصف المبلغ المتبقي بتأمين تكاليف مُهرب ساعد ابنه بالوصول من الحدود البيلاروسية-البولندية إلى ألمانيا.
ولا توجد أرقام دقيقة عن عدد المهاجرين مؤخراً من درعا. مكتب سفر في مدينة نوى، قدّر خلال حديثه مع مراسل سيريا ريبورت، بأن أكثر من 6 آلاف شخص خرجوا من المدينة خلال الشهور الثلاثة الماضية، باتجاه لبنان والإمارات ومصر وكردستان العراق وأوروبا. وقد ساعدت بعض القرارات التي صدرت مؤخراً بتأجيل التحاق المطلوبين بالخدمة الإلزامية لمدة سنة واحدة، وتسهيل حصولهم على جوازات سفر، في تسهيل خروج الشباب من المحافظة. أيضاً، انخفضت تكلفة تهريب المطلوبين لأجهزة النظام الأمنية، من درعا إلى لبنان، من 1500 دولار بعيد تسوية العام 2018، إلى 150 دولاراً حالياً.