درعا: اللواء الثامن يُقلّد قوات النظام، أم يتبع عرفاً عشائرياً؟
اقتحمت مجموعة مسلحة محلية مدعومة من روسيا، الأسبوع الماضي، بلدة المتاعية شرقي درعا، ودمّرت وأحرقت بضعة منازل ما تسبب بتشريد أصحابها.
وجاءت عملية الاقتحام انتقاماً لمقتل طلال الشقران، وهو قيادي في اللواء الثامن التابع للفيلق الخامس الذي يتخذ من بلدة بصرى الشام في ريف درعا الشرقي مقراً له. والشقران قيادي سابق في قوات المعارضة، وقد أجرى “تسوية” مع قوات النظام منتصف العام 2018 بموجب اتفاق المصالحة في الجنوب السوري، وانتسب برفقة مجموعته البالغ عددها 80 عنصراً للواء الثامن المدعوم روسياً.
وقد قُتل الشقران خلال عملية دهم لبلدة المتاعية القريبة من الحدود الأردنية-السورية، لإلقاء القبض على مأمون طويرش، المنتسب بدوره للواء الثامن. وسبق لطويرش أن تسبب بمقتل عنصر محلّي في قوات ميليشيا الأمن العسكري التابعة للنظام، على أثر خلاف بينهما. وعلى إثر ذلك سلّم طويرش نفسه للواء الثامن، الذي قام بتوقيفه لمدة شهر، قبل إطلاق سراحه وإيداعه لدى أحد الوجهاء، نتيجة اتفاق صلح عشائري. وبعد ورود أنباء عن إمكانية تسليمه لفرع الأمن الجنائي في درعا، هرب طويرش إلى بلدة المتاعية، وطلب الحماية من الأهالي. وخلال مداهمة مجموعة الشقران للمتاعية بحثاً عن طويرش، حدث تبادل لإطلاق النار مع أبناء البلدة، ما تسبب بمقتل الشقران وإصابة ثلاثة آخرين.
وبعد مقتل الشقران هاجمت مجموعته بلدة المتاعية، وأحرقت 10 منازل، وهدمت بالكامل منزلين، وشردّت سكان تلك البيوت. الحادثة أعادت إلى الذاكرة ممارسات قوات النظام في إحراق وتخريب منازل المعارضين، عقب انتفاضة درعا في العام 2011. وكانت تلك العمليات انتقامية ممنهجة بهدف تخويف الأهالي ومنعهم من المشاركة في المظاهرات السلمية.
مصادر من اللواء الثامن قالت لمراسل سيريا ريبورت في المنطقة، إن “الحادثة فردية”، وجاءت بمثابة “رد فعل طبيعي على مقتل القيادي الشقران”، ونسبت المصادر عملية التدمير وإحراق المنازل إلى أقارب القيادي القتيل وأفراد المجموعة، مبررة بأنها “عادة اجتماعية متأصلة في مجتمع عشائري، وإحراق المنازل وتهجير المتورطين في القتل وأقاربهم يأتي ضمن عملية الأخذ بالثأر”.
مصادر سيريا ريبورت، قالت إن الموضوع تعدى عملية الثأر العشائري إلى ما يشبه التعفيش، لأن المجموعة قامت بمصادرة 50 دراجة نارية، وعشرات الهواتف المحمولة، ومبالغ مالية من أهالي البلدة.
وكانت المنطقة قد شهدت عمليات مماثلة على يد مجموعات مسلحة مختلفة. إذ اقدمت مجموعة تعمل لصالح فرع الأمن العسكري في درعا، على إحراق مجموعة منازل في بلدة أم ولد شرقي درعا قبل بضعة شهور، على خلفية اغتيالات متبادلة بين المجموعة ومعارضين للنظام. ونتج عن تلك العملية تهجير بضعة عائلات من أم ولد بعد تدمير منازلهم.
وفي حوران، قد يحدث أحياناً تخريب وتدمير بيوت المتورطين في قضايا القتل العمد، في معرض الانتقام العشائري. أحياناً، قد يمتد التخريب إلى بيوت أقارب المُتهمين بالقتل. وبحكم العرف الاجتماعي، لا يتم التعويض على أصحاب المنازل التي تتعرض للتدمير أو التخريب، بعد التوصل لاتفاق الصلح العشائري، بل يُعاد تأهليها على نفقة أصحابها.