خندق عسكري يزيد المخاوف من وقوع انتهاكات اضافية لحقوق السكن والأرض والملكية في ريف حلب
يواصل الجيش التركي حفر خندق عسكري، يفصل مناطق سيطرة المعارضة السورية في ريف حلب شمال غربي سوريا، عن منطقة سيطرة قوات النظام وأيضاً عن منطقة سيطرة قوات سوريا الديموقراطية. عمليات الحفر، بدأت مطلع نيسان في ريف جرابلس، ولكنها توقفت عندما وصلت إلى بلدة تادف، في آيار الجاري، بعد احتجاجات أهلية وسط مخاوف على حقوق السكن والأرض والملكية.
مراسل سيريا ريبورت في المنطقة، نقل عن قيادي في إحدى فصائل المعارضة التي تدعمها تركيا، بأن الخندق يهدف لمنع عمليات تهريب البضائع بين مناطق سيطرة القوى المختلفة، وأيضاً يَحدُّ من الاختراقات الأمنية في منطقة سيطرة المعارضة. بالإضافة إلى ذلك، فالخندق يعتبر من التحصينات العسكرية الضرورية لتعزيز خطوط دفاع المعارضة المسلحة، وتثبيت خطوط السيطرة. وهذا، يصب في دعم الاستقرار في المنطقة التي تنوي تركيا أن فيها توطّن فيها أكثر من مليون لاجئ سوري موجودين حالياً على أراضيها.
وقبل وصول عمليات الحفر إلى تادف، رفض الأهالي مرور الخندق في بلدتهم، وخرجوا في مظاهرات رافضة له. ويعود ذلك إلى تقاسم السيطرة على البلدة بين قوات المعارضة والنظام، وبالتالي فإن مرور الخندق منها يعني تكريس تقسيمها بين الطرفين. وطالب الأهالي قوات المعارضة والجيش التركي بوقف حفر الخندق، واستئناف العمليات العسكرية لاستعادة كامل البلدة.
وكانت فصائل المعارضة قد سيطرت على الجزء الأكبر من تادف في العام 2017 في إطار عملية درع الفرات التي دعمها الجيش التركي، والتي طردت تنظيم الدولة الاسلامية المتطرف من المنطقة. وفي الوقت ذاته، سيطرت الفرقة 25 مهام خاصة “قوات النمر” من قوات النظام، المدعومة روسياً، على الجزء المتبقي من البلدة. ومنذ ذلك الوقت، والبلدة مقسمة بين الطرفين.
وتسيطر قوات النظام على ثلث البلدة تقريباً، بما فيها من عمران وأراضي زراعية. وهذا الجزء خالٍ تماماً من السكان وفيه كثير من المقرات العسكرية ومخازن الأسلحة لقوات النظام. ومعظم مهجري هذا القسم نزحوا إلى مناطق المعارضة في ريف حلب الشمالي.
وتمنع قوات النظام الأهالي من العودة إلى هذا الجزء من البلدة باعتباره منطقة عسكرية. وتعتبر نسبة الدمار كبيرة في هذا القسم، بسبب القصف، وأيضاً بسبب قيام قوات النظام بهدم البيوت وتعفيش الحديد من سقوفها. كما نفذت قوات النظام عمليات تخريب لقسم من المساكن بذريعة انتماء أصحابها للمعارضة المسلحة. كما تعرضت نسبة جيدة من بساتين الزيتون في هذا القسم للتحطيب الجائر وبيعها خشبها في أسواق مدينة حلب.
في حين يعيش في القسم الواقع تحت سيطرة المعارضة أكثر من 2000 عائلة من أهالي البلدة. وفي هذا القسم نسبة دمار كبيرة أيضاً بسبب المعارك والقصف. كما أن المساكن القريبة من خط التماس داخل البلدة تم تحويلها إلى نقاط عسكرية لم يسمح لأصحابها بالعودة إليها.
في 15 أيار بدأ أهالي البلدة ومُهجّريها بتنظيم احتجاجات، ونصبوا خيمة اعتصام، لوقف العمل في حفر الخندق الذي وصل إلى مشارف البلدة. والتقى المعتصمون بمسؤولين أمنيين وعسكريين من فصائل المعارضة والجيش التركي، مطالبين بوقف حفر الخندق. وبسبب ذلك الضغط تم توقيف عمليات الحفر، مؤقتاً، من دون الحصول على وعود رسمية بتغيير مسار الحفر. الأهالي طالبوا بأن يمر الخندق من أطراف البلدة الجنوبية، ما يضمن عودتها بالكامل لسيطرة المعارضة، وبالتالي عودة النازحين إليها.
مصدر من منظمي اعتصام تادف الأهلي، قال لمراسل سيريا ريبورت، أن عُمق الخندق حوالي 5 أمتار، وعرضه يزيد عن 5 أمتار أيضاَ، وسيتم أيضاً رفع ساتر ترابي عرضه 10 أمتار. ويتم حفر الخندق ضمن مناطق سيطرة المعارضة في البلدة وعلى مسافة كيلومتر كامل من خط التماس. وبالتالي، سيتسبب حفر الخندق بالتراجع عن مساحة كبيرة من المنطقة المعمورة من البلدة ومن أراضيها الزراعية، وكذلك هدم وإزالة جزء كبير من عقاراتها. المصدر قدّر بأن نصف أهالي البلدة القاطنين حالياً فيها سيخسرون أملاكهم، وسيصبحون نازحين. وأضاف بأنه حتى اللحظة، ليس هناك أي وعود من المعارضة ولا من الجيش التركي، بالتعويض على المتضررين في حال استكمال حفر الخندق.