خطة العمل الوطنية والاستجابة الرسمية لآثار الزلزال في مناطق سيطرة النظام
تم تحديث المقال في 29 أيار 2023: قمنا بتصحيح تاريخ إعلان خطة الحكومة إلى 25 شباط بدلاً من 25 نيسان في النسخة الأصلية.
أعلنت حكومة دمشق في 25 شباط 2023، عما أسمتها “خطة العمل الوطنية للتعاطي مع تداعيات الزلزال- الإنسان أولاً”، التي تهدف إلى تجاوز آثار كارثة زلزال 6 شباط 2023 وإعادة الوضع العمراني كما كان قبله. وبحسب الإعلان، بدأت الحكومة تنفيذ هذه الخطة منذ وقوع الزلزال، على أن تنتهي في عام 2025. وتتولى اللجنة العليا للإغاثة، التي يرأسها وزير الإدارة المحلية وتشارك فيها وزارات وجهات حكومية وأهلية، قيادة الخطة ومتابعة تنفيذها.
الخطة تتعامل مع تداعيات الزلزال، وحددت لها الحكومة أهدافاً ونتائج يجب تحقيقها، ووضعت لها مؤشر لقياس الأداء والأثر، وإطاراً زمنياً. الخطة، المليئة بالوعود، تغيب عنها آليات واضحة للتنفيذ، أو رصد لتمويل أو مصادر تمويل محددة. الأزمة الأكبر في الخطة أنها تخلط بين آثار الحرب والزلزال. وتقتصر معالجة تلك الآثار على المناطق المنظمة، في حين اعتبرت الخطة أن الحل في العشوائيات هو فقط عبر إعادة تنظيمها، أي هدمها وإعادة إعمارها. الخطة لم تشر بأي شكل إلى كيفية حفظ الحقوق، وكيفية التعامل مع أصحاب الأملاك الغائبين.
وقد قُسمت الخطة إلى أربع مراحل؛ المرحلة الأولى، هي الاستجابة الطارئة بغرض تلبية الاحتياجات الإنسانية الأساسية في أعقاب وقوع الكارثة مباشرة، وتتضمن الكشف الفني على المباني المتضررة ودفع بدل الإيجار للمتضررين الراغبين في الاستئجار بشكل مؤقت. ومن المفترض أن المرحلة الأولى قد انتهت، ولكن ليس واضحاً إن تم تحقيق أهدافها.
والمرحلة الثانية، هي مرحلة التعافي وإعادة التأهيل المتضمّنة مساعدة المجتمعات المتضرّرة على استعادة دورة حياتها الطبيعية. ويفترض أننا حالياً قد دخلنا في هذه المرحلة، التي تتضمن إزالة أنقاض الأبنية المتهدمة لحظة وقوع الزلزال، على أن تنتهي في فترة أقصاها كانون الأول 2023. وليس واضحاً كيف سيتم تحديد الأبنية المتهدمة لحظة وقوع الزلزال، من تلك التي دمُرت خلال الحرب، في ظل توجه رسمي للخلط بينهما لرفع عدد الأبنية المتهدمة بالزلزال. كما تتضمن هذه المرحلة تسهيل عملية استخراج الوثائق القانونية للمتضررين، بما يضمن تسوية أوضاعهم وحقوقهم الشرعية. هذا، بالإضافة إلى مساعدة أصحاب الملكيات الخاصة المتضررة في المناطق المنظمة على إعادة بناء الأبنية المتهدمة أو الآيلة للسقوط وترميم المباني المتصدعة.
بينما تُرِكَت معالجة أضرار الزلزال في العشوائيات إلى المرحلة الثالثة التي لم تبدأ بعد. وتنص هذه المرحلة على إعادة الإعمار وتحسين الواقع العمراني ليكون أفضل مما كان عليه قبل الزلزال والحرب، من خلال تنظيم المناطق العشوائية وإعادة إعمارها. ويعني ذلك إعادة إعمار المناطق العشوائية المتضررة بالزلزال، عبر إحداث مناطق تنظيمية بديلة عنها، على أن تتولى ذلك وزارتا الأشغال العامة والإسكان والإدارة المحلية.
في حين أن المرحلة الرابعة هي توفير مقوّمات البيئة التمكينية للتعاطي مع تداعيات الزلزال بشكل ممنهج لكي تكون عملية اتخاذ القرارات الحكومية مبنيّة على قاعدة بيانات دقيقة.
وعدا عن هذه الخطة الملتبسة، ما زالت استجابة السلطات الرسمية في دمشق دون المستوى المطلوب في التعامل مع آثار الزلزال. الاستجابة التشريعية للزلزال تعاملت مع الدمار الذي لحق بالممتلكات العقارية من الزاوية المالية فقط. ومن ذلك المرسوم التشريعي رقم 7 لعام 2023 القاضي بإحداث الصندوق الوطني لدعم المتضررين من الزلزال الذي بهدف لتقديم الدعم المالي لهم ومساعدتهم على تجاوز الضرر الجسدي أو المادي أو المعنوي اللاحق بهم. وبانتظار صدور تعليماته التنفيذية، لم يتضح بعد إن كان المرسوم 7\2023 سيقدم تعويضات للأضرار التي لحقت المساكن والأملاك العقارية.
وكذلك، المرسوم التشريعي رقم 3 لعام 2023 منح المتضررين من الزلزال إعفاءات ضريبية، بعضها يتعلق بعقاراتهم المهدمة كلياً أو جزئياً، وأتاح للمتضررين إمكانية الحصول على قروض لترميم عقاراتهم المتضررة. المرسوم 3\2023 وتعليماته التنفيذية لم يتضمنا أية إشارة لتعويضات مالية لإصلاح عقارات المتضررين، أو بدلات إيجار لمن فقدوا مساكنهم، ولا أي تعهد بإمكانية منحهم سكناً بديلاً حتى ولو كان غير مجاني. وللاستفادة من الإعفاءات الضريبية التي شملها القانون 3\2023، يجب في البداية أن تقوم لجنة مختصة بتحديد المتضررين من الزلزال في كل محافظة منكوبة. ويجب على المتضررين تقديم وثائقهم الرسمية إلى اللجنة، وضبط شرطة يثبت وقوع الضرر على عقاراتهم، بالإضافة إلى محضر لجنة السلامة العامة الذي يحدد طبيعة الضرر على العقار. وبحسب تلك الشروط، يبدو بأن أصحاب العقارات المخالفة غير المسجلة في سجلات المصالح العقارية، قد لا يحصلون على أي تعويض أو إعفاء ضريبي.
الملفت أنه وبعد مضي حوالي ثلاثة أشهر على الزلزال، لم تُصدِر المديرية العامة للمصالح العقارية تعليمات أو قرارات للتعامل مع الدمار واسع النطاق للملكيات العقارية في المناطق الخاضعة لسيطرة حكومة دمشق. ومن الملفت هنا الإشارة إلى عدم احتواء المنظومة التشريعية السورية لأي قانون مختص بالممتلكات العقارية المتضررة بفعل الكوارث الطبيعية. في حين افتقدت القوانين السابقة التي عالجت قضايا عقارية إلى مقاربة جديّة لحقوق السكن الأرض والملكية، للمتضررين من الكوارث الطبيعة أو الحروب. وفي كل الأحوال، ميزت تلك القوانين بين المساكن المرخصة وبين المساكن المخالفة لرخصة البناء، بين العشوائيات وبين المناطق المنظمة.